آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
بشارة مرهج
عن الكاتب :
نائب سابق وسياسي لبناني

ترامب نكبة جديدة


بشارة مرهج

      بالأمس افتتحت رسمياً سفارة الولايات المتحدة في القدس خلافاً لإرادة الفلسطينيين أصحاب الأرض، وغصباَ عن الإجماع الدولي الذي رفض هذا الإجراء الكيدي العنصري بحق القدس عاصمة فلسطين وعاصمة الرسالات السماوية.

      إن اعتراف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني هو قرار ظالم بحق الشعب الفلسطيني، واعتداء صارخ على كل الأمة العربية، وكل مسلم ومسيحي في هذا العالم. وهذا القرار الذي ينبغي محاصرته وإسقاطه سياسياَ وعملياً لم يأت من فراغ، وإنما هو قرار قديم بالأساس عجل فيه تفاهم رجلين من أصحاب العنجهية والاستكبار: الرئيس الأمريكي ترامب، ورئيس حكومة الكيان الغاصب نتنياهو. وهما يتوسلان اليوم المس بجوهر القضية الفلسطينية وإثارة الاضطراب والفوضى في الإقليم للتهرب من استحقاقات داخلية داهمة لكل منهما، لا بل تحقيقات قضائية متلاحقة ومتصاعدة تهدد مستقبلهما السياسي والشخصي وتهز كرسي الحكم من تحتهما.

      ولئن تقاطعت في هذا المجال المصالح الذاتية لكل من الرئيس الأمريكي وسيد العنصرية في تل أبيب إلا أن الأمر أبعد من ذلك وأخطر لأنه يأتي في سياق خطوات تصعيدية متعددة تقوم بها كل من واشنطن وتل أبيب ضمن عملية مُنسقة لتهويد الأراضي الفلسطينية كليا، وطرد الشعب الفلسطيني من أرضه نهائياَ، وإلزام الدول العربية المحيطة توطين اللاجئين أو ذرهم في رياح الأرض الأربع. وهذه المواقف الإسرائيلية الأمريكية أصبحت اليوم واضحة ولا مكان فيها للاجتهاد أو التراجع مما يضع الكثيرين أمام مسؤولياتهم بعد أن ناوروا طويلاً وتستروا طويلاً وراء فكرة المفاوضات، وحل الدولتين،  والقرارات الدولية.

      فمع خطوة الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان العدواني يجري اليوم عقد المؤتمرات الدولية التي لا هم لها سوى التلميح والتصريح بضرورة توطين اللاجئين وإهمال حق العودة وشل الأونروا. أما في الأراضي المحتلة فيترافق كل ذلك مع إطلاق نار دائم على الشعب الفلسطيني، وضرب الحصار الغذائي والكهربائي والتربوي والمواصلاتي عليه، مع هدم منازله، ومصادرة أراضيه وطرده منها، وإسقاطها لقمة سائغة في أشداق الوحش الصهيوني الذي لا تشبع غريزته من القمع والاغتصاب والاستيطان.

      إن تمسك الشعب الفلسطيني بثوابته الوطنية واستمراره في المواجهة في ميادين النضال من اجل العودة والتحرير استقطب أنظار العالم كله وخاصة الشعوب العربية والإسلامية التي هبت تعارض ترامب وتتمسك بالقدس وحق العودة.

      إن تصاعد العدوان على الشعب الفلسطيني وقضيته المقدسة يتطلب منا ومن كل الهيئات والمؤسسات العربية والدولية التحرك لدعمه ورفض كل المخططات الأمريكية الصهيونية المستفيدة من الحروب الداخلية، وهجمات الإرهاب، والجماعات الضالة، وتنابذ الأشقاء، وتوجه البعض لتغطية التحركات الأمريكية، وتخلي البعض الآخر تماماَ عن القضية المقدسة بحجة التركيز على الشأن الذاتي والتنمية الداخلية.

      أن ردنا على هذه التحركات هو الدعوة لإسقاط كل القرارات التي تمس بالحق الفلسطيني، ومحاربة كل أشكال التطبيع، ودعم النضال الفلسطيني ومسيراته الشعبية الجريئة، وتمكين الفلسطينيين من ممارسة حقوقهم الإنسانية والاجتماعية والسياسية  في بلاد اللجوء والشتات، والإعلان عن لا شرعية أي حاكم أو مسؤول يتنكر للقدس أو يتنازل عن حق  العودة.

      قال ترامب إن على الفلسطينيين إظهار الاحترام لأمريكا: أن الشعب الفلسطيني شعب مهذب وسيبدي الاحترام نحو أمريكا عندما تعود أنت يا سيد ترامب عن أفكارك الجهنمية التي تؤذي أمريكا ودول العالم كلها وفي المقدمة منها الشعب الفلسطيني الذي يعيش النكبة منذ سبعين عاماً.

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2018/05/18

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد