آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
د. حسن مرهج
عن الكاتب :
إعلامي وخبير بالشؤون الشرق أوسطية

صواريخ “S300 “.. الأبعاد و التحولات الاستراتيجية

 

الدكتور حسن مرهج

بات واضحا أن الحرب على سوريا دخلت منعطفا استراتيجيا من شأنه تغير قواعد الاشتباك إقليميا و دوليا، و من الواضح أيضا أن وصول منظومات S300  الصاروخية إلى الجيش السوري، سيكون له أبعاد استراتيجية، الأمر الذي سيدفع دول العدوان على سوريا إلى البحث عن تفعيل خيارات جديدة لجهة إعادة التموضع السياسي و الميداني، فالتوقيت الذي بات بيد دمشق و حلفاؤها، سيفرض إيقاعا عسكريا و منجزات سياسية، لتدخل الولايات المتحدة و أدواتها في المنطقة في نفق الضياع الاستراتيجي، فقرار موسكو تطوير و تعزيز القدرة الصاروخية للجيش السوري، سينعكس بشكل مباشر على جُملة الحلول السياسية و العسكرية المتعلقة بالشأن السوري.

القرار الروسي بتزويد سوريا بمنظومات S300 الصاروخية، تزامن مع تطورات ميدانية فرضت توقيتا سياسيا في مسار تطورات الحرب على سورية، حيث أن القرار الروسي لم يكن ردا على إسقاط الطائرة الروسية قبالة السواحل السورية فحسب، بل هو إجراء استباقي لردع أعداء سوريا على تقويض مفاعيل اتفاق سوتشي حول ادلب، إضافة إلى إحباط أي محاولة من شأنها تقديم الدعم للفصائل الإرهابية، ما يعني استراتيجيا الحد من تأثير التدخل الأمريكي المتعلق باستهداف سورية تحت ذريعة استخدام السلاح الكيمائي، الأمر الذي يُفسر الارتباك الأمريكي نتيجة تزويد سوريا بهذا الصواريخ المتطورة، و كذلك إسرائيل التي تملك عدداً من طائرات F35، حيث ذكرت مصادر عسكرية روسية أن هذه الطائرات سوف تتعرض لخطر الإصابة من هذه الصواريخ، وهذا ما يشكل مخاطرة لواشنطن لأن إسرائيل لن يكون في مقدورها تغيير مسار الأحداث الآن وقد تقوم بمناورة يائسة لاختبار قدرتها.

خلال السنوات الماضية من الحرب على سوريا، لا شك بأن روسيا تجاوبت إلى حد كبير مع الطلب الإسرائيلي بعدم تزويد القيادة السورية بهذه الصواريخ التي تشكل رادعا للطيران الإسرائيلي، على الرغم من توقيع الجانبين السوري و الروسي على هذه الصفقة و تدريب العسكريين السوريين على هذه المنظومات الصاروخية و كيفية التعامل معها، إلا أن تأخير تسليم S300 للجيش السوري جاء نتيجة طبيعة التحالفات بين روسيا وإسرائيل، لكن اليوم و مع اقتراب الحرب على سورية من نهايتها، من الممكن أن تلجأ إسرائيل و من ورائها الولايات المتحدة إلى محاولة قلب الطاولة على المنجزات التي تم تحقيقها على الصعيدين السياسي و الميداني، و بالتالي و انطلاقا من الرغبة الروسية بالحفاظ على الوقائع التي فُرضت في سوريا، إضافة إلى الحذر من تكرار الغدر الإسرائيلي، كان لابد من فرض توازنات تساهم في الحد من التطاول الإسرائيلي على الأجواء السورية.

القيادتين السورية و الروسية لم يعد بمقدورهم الصمت عن تجاوزات إسرائيل، خاصة أن روسيا شعرت بالإهانة جراء التصرف الاستفزازي من قبل الطيران الإسرائيلي، و الذي أدى إلى إسقاط الطائرة الروسية التي تحمل على متنها خيرة ضباط الاستطلاع الروس، و عليه فإن القرار الروسي جاء نتيجة لمعطيين، المعطى الأول بأن القيادة الروسية تعلم نية إسرائيل بعدم الرغبة في إنهاء الحرب على سورية من أجل إقصاء الدولة السورية من الموقع الإقليمي المؤثر، و المعطى الثاني يتمحور حول الخوف الروسي من التهديد الأمريكي الذي يستهدف التواجد الروسي في سورية، إضافة إلى روسيا تدرك بأن واشنطن لن تتنازل عن الورقة الوحيدة المتبقية في يدها و المتعلقة بالشمال السوري، و عليه و ضمن هذين المعطيين، جاء القرار الاستراتيجي بتزويد الجيش السوري بأحدث أجهزة التشويش الالكتروني فضلا عن منظومات S300 الصاروخية، من هنا كانت الرغبة الروسية بإحداث تحول استراتيجي بما يؤكد التغير المستمر لميزان القوى الإقليمي في المنطقة لمصلحة سورية و روسيا في مواجهة أي عدو إقليمي أو دولي .

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2018/10/06

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد