آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
بسام أبو شريف
عن الكاتب :
أحد المستشارين السابقين للراحل ياسر عرفات . وهو من مؤسسين الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين . صاحب وثيقة أبو شريف حول السلام .

أولويات ترامب ونتنياهو وابن سلمان وأولويات المقاومة


بسام أبو شريف

– التهدئة تخدم صفقة القرن والتطبيع .
– لايكفي إدانة التطبيع بل يجب محاربته ميدانيا .
– نتعرض لعدوان إسرائيل في كل لحظة ، وحالة الاعتداء المستمر يجب أن تواجه بحالة تصد مستمر .
كتب الكثير حول صفقة العصر ، وصدرت تعليقات ومواقف كان لابد من صدورها لتكون دليلا للتوجه السياسي والعملي الذي يتوجب على القوى المتصدية ” للصفقة ” ، التي تستهدف شطب قضية فلسطين وبيع القدس أولى القبلتين .
أولويات ترامب هي إعداد المسرح لتصعيد نوعي لضرب النظام الجمهوري الإسلامي في إيران ، وضرب هذا النظام حسب استراتيجية ترامب ضرورية ليس ” لتحسين سلوكه ” ، كما يدعي ترامب بل لقتل الفكرة التي تقوم عليها السياسة الخارجية الإيرانية وهي : –
نصرة الشعوب المظلومة والدفاع عن الحق والعدل وحقوق الإنسان وحق الشعوب في ” تقرير المصير ” .
هذه هو الأمر الهام ، الذي يريد ترامب وإسرائيل وابن سلمان أن يحطموه لأن تجذر هذه الأفكار ، واستناد القوى المظلومة لدعم القاعدة القوية لهذه المبادئ في إيران سوف يعني تدمير تحكم الامبرياليين بالشعوب في المنطقة العربية من خلال أنظمة خلقها الاستعمار ، وتستمر واشنطن وتل أبيب بالتحكم بها وابتزازها ونهب ثرواتها من خلالها ، وتستند الولايات المتحدة وإسرائيل في القيام بذلك على هذه الأنظمة وتسليحها وزرع القواعد العسكرية الجوية والبحرية فيها .
والذين يظنون أن ” صفقة القرن ” ، مازالت حبرا على ورق يخطئون فتنفيذ المخطط لايتم بندا بندا ، بل تختلط البنود وتنفيذها زمنيا وجغرافيا فقد وضعت آليات متداخلة لتنفيذها بحيث أن عرقلة جانب منها لن تؤدي إلى عرقلة جانب آخر .
والمثال الواضح على ذلك هو جريمة قتل جمال خاشوقجي ، الذي كان ملتزما بالولاء للعائلة السعودية ويخدم النظام قياما قعودا ، لكنه انتقد تصرف ابن سلمان تجاه حقوق الإنسان وحق التعبير عن الرأي ( الأمر الذي كان مطلوبا منه أن يقوم به أميركيا ) ، ومنح خاشوقجي حق الإقامة في الولايات المتحدة ، وأفسح له في الواشنطن بوست موقعا دائما في صفحة الرأي ، وهذا غير مسبوق لأي صحافي إلا إذا كان يهوديا وصهيونيا ، ( ونحن نعلم مانقول ومانكتب من خلال خبرة طويلة عمرها نصف قرن مع هذه الصحف – ومنه نيويورك تايمز ووال ستريت جورنال وواشنطن تايمز وبوسطن غلوب وكريستيان سيانس مونيتور بدرجة أقل ) .

عملية قتل جمال خاشوقجي هي إحدى العمليات التي قررتها ” أو وافقت عليها ” لجنة ثلاثية شكلت من السي آي ايه والمخابرات الإسرائيلية والمخابرات السعودية ، وبدأت هذه اللجنة بصب اهتماماتها لتصفية المعارضين السعوديين لأول مرة بعد أن التقى ابن سلمان بترامب في واشنطن ، فقد كان التنسيق الثلاثي سابقا ينصب على مايسمى بالأمن الاستراتيجي للشرق الأوسط ، ويعني ذلك الحرب الإرهابية ضد سوريا والعراق واليمن، وإبقاء الجيش المصري غارقا بمحاربة الإرهابيين المدعومين من السعودية وإسرائيل في سيناء ( ولانريد أن ندخل بموضوع ليبيا فهو أكثر تعقيدا لأن صراعا أوروبيا أميركيا يدور على أرضها ، وتساهم إسرائيل بدورها في دعم الولايات المتحدة للسيطرة على نفط ليبيا ).
اللجنة الثلاثية كانت تعلم بلائحة المطلوبين للاعتقال في السعودية أو للاختطاف والشحن للسعودية أو الاغتيال في حال عدم نجاح الاحتمالين الأولين ، وكان العسيري هو المنسق مع إسرائيل والولايات المتحدة بهذا الشأن ، وعندما نقول المعارضين لانعني سياسيين ثوريين يختلفون سياسيا حول الأمور مع الملك سلمان ، بل تقصد المعارضين من العائلة ودوائرها ومن لف لفها ن ومن كبار الأغنياء والمنتفعين مثل سعد الحريري ” الذي تعامله الأسرة السعودية كأي عبد أو جارية في قصورها – الأمر الذي كان يرفضه الشهيد رفيق الحريري ولذلك قررت السعودية بالاتفاق مع إسرائيل على اغتياله ” .
واللائحة التي تعرفها اللجنة الثلاثية هي التي زود كوشنر ابن سلمان بها بعد أن اطلع على محاضر سرية جدا للقاءات  التي ” أجراها أبناء الأسرة السعودية ” ، مع مسؤولين اميركيين تربطهم بهؤلاء الأمراء والمسؤولين علاقات صداقة قديمة ، وحوصرت الضجة التي كان يمكن أن تسبب أزمة كبيرة في البيت الأبيض بعد أن تسرب خبر ” تسريب كوشنر لمحمد بن سلمان هذه اللائحة ” ، واكتفى ترامب بحرمان زوج ابنته من الاطلاع على الملفات السرية مدة شهرين ، لكن الأمر تم وترامب كان يعلم بالخطة وان لم يعرف آليات التنفيذ .

لذلك زل لسانه عندما انتشر خبر قتل جمال خاشوقجي وقال بالحرف : ” هذه أسوأ تغطية لعملية سرية حصلت في التاريخ ” ، هذا التعليق لايصدر إلا عن شخص كان على علم بما خطط ونفذ ، لكنه غاضب من سوء التغطية ، أي إبقاء الأمر سرا وغير معروف والطريقة التي تم التنفيذ بها ، انه انتقاد شخص شارك في القرار والتخطيط ، ويعود ترامب اليوم ليقول يجب عدم المس باستقرار السعودية ؟!! دفاعا عن محمد بن سلمان وعن صفقة الأسلحة ، وركز على أن استقرار الوضع في السعودية هو أمر استراتيجي للولايات المتحدة ، جاء ذلك بعد أن طلب نتنياهو علنا من ترامب أن يحمي محمد بن سلمان لأن هذا سيعطي نتنياهو الفرصة لاستكمال مهمة التطبيع مع دول الخليج ، وأن يكشف التطبيع القائم على كافة الأصعدة مع السعودية ، فقد سار نتنياهو بأقصى سرعة لتحقيق قبل أن يداهم المنطقة أي تطورات جديدة قد تعرقل عملية التطبيع .
الأولوية لنتنياهو هي استكمال حلقة التطبيع تمهيدا للدخول في مرحلة جديدة يتحدث عنها ترامب بين الحين والآخر ، وهي ” طحن إيران وكف يدها عن المنطقة وإجبارها على التفاوض بشأن وقف انتاج الصواريخ ، ودعم المقاومة وتأييد حق الشعب الفلسطيني في الحرية وفي أرضه ” لذلك لم يأبه نتنياهو للخلاف الذي نشب في حكومته حول ” التهدئة ” ، في غزة وحول عدم الإغارة على سوريا للنيل من أهداف إيرانية وأهداف حزب الله وغيره من فصائل للمقاومة .
فالنهدئة مع غزة ، هي جزء من مخطط اللجنة الثلاثية الذي كلفت مصر بعزله مع إسرائيل لوقف النشاطات الشعبية في غزة ، لأنها تبقي نار المقاومة موقوتة ، وبدأت في الضفة تحركات قد تتطور إلى ماهو أكبر ، وهذا أكبر ضرر قد يلحق بخطة عمل الثلاثي المتآمر بإعادة ترتيب الأوراق المتضمن بندين هامين : بند العراق وبند سوريا .
بند العراق يعتمد على إحياء خلايا داعش التي تحميها الولايات المتحدة ، والسماح لها باستخدام مخازن الأسلحة السرية لتبدأ من جديد حربا للسيطرة على الحدود العراقية السورية  ” هدف أميركي إسرائيلي لمنع إيران من استخدام الطريق البري لسوريا ولبنان ” ، وتبرير رفض الانسحاب من العراق بحجة مساعدة الجيش العراقي على محاربة داعش بناء على قرارات الأمم المتحدة ( محاربة الإرهاب ، وإقامة التحالف الدولي للقيام بذلك ) .
أما سوريا فهنالك داعش وتحالف القاعدة مع النصرة في إدلب ، ولاشك أن دور تركيا هو الدور الذي يحاول أن يربح من كل الجهات ، وقد قبض ثمن تمييع قضية الخاشوقجي بأن سمحت واشنطن لتركيا بأن تفترس حلفاء الولايات المتحدة من الأكراد ، وسيرى الذين صدقوا ترامب من قادة الكيان الكردي كيف سيستخدمهم حطبا لتدفئة تركيا هذا الشتاء .
أما في إدلب فالأمر واضح كل الوضوح ، والكيماوي جاهز والذخائر تنقلها للنصرة الشاحنات التركية ، ولكن لا أعتقد أبدا أن بوتين وبشار الأسد وروحاني أغبياء ، أنهم يعرفون ماذا يدور ، وسنرى أي موقف سيتخذ بوتين والأسد وروحاني قبل نهاية نوفمبر الحالي .
من كل هذا ماذا نستخلص ؟ نستخلص التالي : –
1- اتخاذ موقف سياسي يدين التطبيع لايكفي، يلقي ضوء يشير إلى ضرورة التصدي لكن لايكفي . المطلوب أن تستند القاعدة الشعبية العربية في كل مكان لقاعدة صلبة من كل النواحي ” لتنفيذ ” ، وأقول مرة أخرى لتنفيذ خطة عمل جوهرها التصدي والمواجهة لكل عمليات التطبيع ، وأن نؤكد حق الشعوب في استخدام كافة الوسائل ، يجب ألا تقل فاعلية التصدي للتطبيع الرسمي العربي عن فاعلية التصدي للأنظمة التي مررت قيام دولة إسرائيل عام 1948 ، وقامت بحمايتها تحت عنوان اتفاق الهدنة ، لذلك يقول ابن سلمان بأن جمال عبدالناصر هو أكره الناس لديه وكذلك الخميني ( الاثنان هما من أبطال نصرة شعب فلسطين ودعم حقه في أرضه) ، وابن سلمان الذي قال بوقاحة ” فاتنات ساحة البرج ” : ” أن لإسرائيل الحق في العيش بسلام واستقرار على أرضها ” ، وهذا ” البصقة ” ، يبيع القدس لليهود إذا لم يكن يهوديا ، وتتلمذ على يد كوشنر الذي تتلمذ على يده والد زوجته ترامب ، ووضع ” الغلوسة ” على رأسه ، تهويد ابن سلمان لن يكون صعبا على كوشنر الذي يمثل عصارة الصهيونية وكراهية العرب والفلسطينيين .
ومن لا يدري منكم عليه أن يعرف أن سلمان هو جوهر الكراهية للفلسطينيين حتى ضمن حقوق العائلة الكريهة ، يحقد على الفلسطينيين ويحتقر العرب ويحتقر شعب الجزيرة .
تنفيذ خطة عمل كما تنفذ عملية عسكرية وراء التطبيع في كل مكان.

2- نرفض التهدئة ، وهذا لايعني بالضرورة شن حرب في غير الزمان والمكان المناسبين ، إنما لابد من قيام المقاومة بكل ماتملك من وسائل بإبقاء وتصعيد حالة الاشتباك والصدام ، إذا كان القتال لمحاربة معسكر الأعداء على الأرض السورية واجب قومي فجزء لايتجزأ من الدفاع عن سوريا والأمة العربية توجيه الضربات ، وتصعيد حالة الاشتباك مع معسكر الأعداء ، وألا ننتظر أن يعتدي العدو علينا بالغارات حتى نرد ، فحالة الاعتداء قائمة والعدوان مستمر في كل لحظة ، وعدونا خبيث فتحت ميدالية مباراة جودو يعتدي علينا ، هو نظام يدور في فلك واشنطن ، وزيارة الوزير الإرهابي الفاشي كاتس لدول الخليج ومسقط عدوان صارخ فهذا الوزير مطلوب لمحكمة الجنايات الدولية .
وزيارة نتنياهو للإمارات – التي أبقيت حتى الآن دون إعلان عدوان صارخ على أمتنا وحتى على الإمارات نفسها ، فنحن نذكر أن قائد شرطة دبي والإمارات طلب من الانتربول اعتقال نتنياهو ومئير داغان بعد أن قامت إسرائيل باغتيال محمود المبحوح – القيادي في حماس ، وعمم الانتربول مذكرة للقبض على نتنياهو !!!!
لماذا تقوم إسرائيل بتوجيه الضربات لأمتنا ونرد عليها بالصمت ؟
وهنا تكمن المهمة الأساسية الأخرى ، ليس المطلوب شن حرب وإصدار بيانات المطلوب قيام المقاومة بالتصدي المبادر لأطراف معسكر الأعداء تحت شعار ” وراء العدو في كل مكان ” ، وهذا يحتاج إلى جهاز مدرب تدريبا خاصا كما كان يدرب فريقه الشهيد عماد مغنية ، وكما كان يدرب فريقه الشهيد أبو هاني ” وديع حداد ” ، وكما كان أبو جهاد ” خليل الوزير ” ، وعلى المقاومة أن تعتبر أن لاوجود لأنظمة تستند لها سوى سوريا والجزائر مثلا ، على المقاومة وهيئاتها الجديدة بمهامها الإضافية أن تقتحم حصون الصمت والتردد والرهبة في العراق والجزائر فهاتين الدولتين تهتف شعوبهما لفلسطين .
كيف يمكن أن نترك هذه الساحات التي ناضلت من أجل الحرية وقاتلت من أجل فلسطين ، ولاشك أن موقف رئيس البرلمان الجزائري من التطبيع موقف قومي ، ويشكل نموذجا كما شكل رئيس برلمان الكويت في مؤتمر اتحاد البرلمانات العالمي نموذجا .
الرئيس بوتفيقة ، الذي أعرفه معرفة جيدة محاصر من قبل من يهدده يوميا بالإرهابيين وبإشعال الحريق في مناطق القبائل ، كلا ياسيادة الرئيس لاتخش من ذلك فالشعب الجزائري ينتصر لقضاياه القومية تماما كما تنتصر الأمة العربية للجزائر حرة مستقلة عربية تقف إلى جانب فلسطين .
إننا نرى شروخ التشقق والانهيار في مخططات العدو ، وصمود شعب اليمن يجب إلا يهلل له فقط ، بل يجب أن يتزامن مع سقوط المخطط في أماكن أخرى ، وبطبيعة الحال هذا يعني أن معسكر الأعداء يجب أن يواجه أيضا ، لكن التهدئة هي التي تخدم صفقة ترامب الصهيونية .

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2018/11/13

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد