آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
د. محمود البازي
عن الكاتب :
دكتوراة في القانون الخاص وعضو في كرسي حقوق الإنسان

صرخة من مواطن مغربي: تلاشي حلم بن سلمان بقيادة العالم السني.. السياسات الطائشة ونتائجها في المنطقة


د. محمود البازي

بعد أربع روايات متعددة للسعودية حول مقتل خاشقجي وبعد الإنكار والتأييد لا تزال السعودية مصّرة على أن قتل خاشقجي تمّ عبر مجموعة مارقة خارجة عن القانون. ويصر المدافعون عن ابن سلمان على اعتبار السعودية هي محمد بن سلمان. بعد الحماية غير المستقيمة التي قام بها ترامب لولي العهد والتي حصد نتائجها مباشرة حيث انخفضت أسعار النفط بشكلٍ ملحوظ بعد مطالبات متكررة من قبل الرئيس ترامب للسعوديين وإطاعة السعوديون لهذه المطالبات ولو أدى انخفاض الأسعار إلى ضرر كبير في الاقتصاد السعودي وسبب ضررا مؤكدا بالنسبة للمواطن السعودي. تعالوا لنناقش معا “السياسات الابن سلمانية” علّنا نحدث تغييرا مهما لدى المدافعين عن محمد بن سلمان وعن أفعاله هناك.

السعودية هي إحدى الديكتاتوريات العربية المتجذرة والتي كانت يوما ما قائدا للعالم السني وقائدا للعالم العربي من جهة أخرى. إن الديكتاتورية بحد ذاتها ليست عيبا في هذه المنطقة وإن كنا مخالفين لها بكل ما تعنيه كلمة مخالفة من معنى إلا أن الديكتاتورية الابن سلمانية “محمد بن سلمان” شذت عن قواعد ديكتاتوريات المنطقة وربطت مصيرها بشبه دول متزعزعة وغير مستقرة كإسرائيل واعتبرت أن التطبيع مع إسرائيل يعتبر حماية لها في ظل المخاطر الأمنية التي يتوهمها ولي العهد. ومن هناك انطلق بحرب شعواء ضد اليمن هذا الشعب الذي ما صارعه أحد إلا غُلب. شعب يسكن الجبال ويلتحف السماء ويلبس الخنجر كلباس رسمي له. وإن كنت أرى أن للسعودية الحق في التدخل في اليمن (ولكن بشكل سلمي ومبني على الحوار في المقام الأول والأخير) بوصف اليمن امتداد استراتيجي لها في المنطقة وباعتبار أن المنطقة تحتاج لليمن متماسك وقوي وبعيد عن التدخلات التي تخرجه من محيطه العربي. إلا أن التدخل في اليمن أدى إلى كوارث لا يمكن إحصائها من قتل للمدنيين وخسارة الشارع السني هناك وتفشي الكوليرا وقتل الأطفال حيث وصلت الإحصائيات إلى ما يقارب 85 ألف قتيل من الأطفال بحسب تقرير أصدرته منظمة  save the children.

لننتقل الآن إلى الوضع الداخلي في السعودية عزيزي محمد بن سلمان إن من يدّعي الإصلاح ويروج لنفسه على أنه القائد الإصلاحي الرافض لكل التطرف والتشدد وغير ذلك لا بل ويوظف لذلك شركات العلاقات العامة العالمية لتلميع صورة الرجل الإصلاحي ووضع صوره على الباصات المتنقلة هنا وهناك يا سيدي يا ولي العهد هل يعقل لعاقل أن يتصور أن من كان يطالب بهذه الإصلاحات البسيطة (قيادة السيارة، الحريات العامة .. ) أنه اليوم في سجونك يعاني التعذيب والتحرّش الجنسي في ظلام سجونك يا ولي العهد. لا يمكنني أن أتصور أو أتخيل إصلاح بهذه الطريقة تسمح للنساء بقيادة السيارات ولكم كنّا ننتظر مثل هذه اللحظة إلى أن قتلتها حين اعتقلت من كان يطالب بحرية النساء بقيادة السيارات مثل عزيزة اليوسف ولجين الهذلول وإيمان النفجان، وسمر بدوي، نوف عبد العزيز وهتون الفاسي. يا عزيزي أهكذا تتم الإصلاحات أهكذا تتم العملية الإصلاحية؟ إلى متى ستستمرون بهذه السياسات الغريبة. ولماذا كل تلك الحملة التي شنّها اتباعك ضد كندا ألمجرد أنهم يسعوّن لحماية مواطنيكم منكم؟ يبدو أن إسرائيل بكيانها غير الشرعي هي المكان الوحيد الذي يجذب شعبه إليه ويسعى إلى ذلك بكافة الطرق. أما نحن في المنطقة العربية فمهمتنا هي تصدير العقول وفي بعض الأوقات قتلها أو اعتقالها.

تعال يا عزيزي القارئ لأحدثك عن المغرب مثلا. عندما سعى المغرب لاستضافة كأس العالم لعام 2026 حيث فوجئ المغاربة بتصويت السعودية للملف المشترك لأمريكا، كندا والمكسيك. لن ننكر أن هناك دولا عربية أخرى صوتت ضد المغرب إلا أن العتب على السعودية أكبر لانها تعتبر نفسها القائد الإسلامي والعربي. ولكن يدور سؤال بذهني طوال الوقت هل تعتبرنا السعودية عرباً بحق؟ هل يعتبروننا سنّة بحق؟ نحن في سوريا أو لبنان أو المغرب أو تونس أو … ؟ لا أعتقد ذلك أبداً فأصعب فيزا للسوريين هي فيزة السعودية وحين قرر السوريون اللجوء اتجهوا إلى ألمانيا مثلا. عزيزي القارئ نذكرك دوما أننا نستخدم مصطلح “الحكومة السعودية” لأن الحكومة السعودية لا تمثل هذا الشعب العظيم.

الرقة السورية المدينة الصامدة التي تهدّمت بضربات التحالف وصل دمارها إلى 60 بالمائة أين السعوديون من إعادة إعمارها؟ الرقة السورية التي عانى أهلها أشد معاناة من داعش التي يعتمد فكرها بشكل أساسي على أفكار ابن تيمية  ودعوته لقتل كل مخالف وتكفير كل مخالف. ظهور أبناء الرقة ونسائها ستبقى شاهدة ضدكم سيدي ولي العهد ملطخة ادعائكم بالإصلاح، ظهورهم التي جرّحها وأدماها سياط “أشخاص ملوثون بالفكر الذي روجت له أجهزتكم مرارا وتكرارا”.

نعم كانوا يجلدوننا وكانوا يصفون أنفسهم بأنهم “المهاجرون” من السعودية ويلقبوّن أنفسهم الأمراء. جلدوا شبابنا وأذلوا شيخونا وضربوا نسائنا وأهانوا كريمنا وشوهوا صغيرنا في بيئة ريفية تعتنق الإسلام السنيّ الريفي الذي لا يمت للتشدد بصلة. اليوم يعانون ونعاني معهم من آثار هذه الحرب وهذا الدمار. أطفالها لم يرتادوا المدارس منذ سنوات ورجالها يبحثون عن لقمة للعيش في مدينة مدّمرة أين أنت من كل ذلك يا ولي العهد؟

هذا كله ولم نتطرق لقضية خاشقجي ولا لحصار قطر مثلا. دعنّي أذكرك مرة أخرى أنني لست إخواني أو قطري أو شيعي أو إيراني، لأن هذه الصفقات هي التي يُطلقها إعلامك على كل من ينتقد تصرفات السعودية في المنطقة. أنا مجرد كاتب يحب السعودية بحق ويطالب بإيقاف المآسي في المنطقة العربية وحماية حقوق الإنسان.

دكتوراة في القانون الخاص وعضو في كرسي حقوق الإنسان

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2018/11/26

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد