آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
بسام أبو شريف
عن الكاتب :
أحد المستشارين السابقين للراحل ياسر عرفات . وهو من مؤسسين الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين . صاحب وثيقة أبو شريف حول السلام .

إسرائيل قاعدة عنصرية استعمارية وأداة للامبريالية وغير شرعية


بسام أبو شريف
 
أوروبا الخبث والعداء.. مبررات أوروبية لموقف التأييد الأعمى لإسرائيل

في نهاية الثمانينيات ( 1989 ) ، وبداية التسعينيات ( 1991 ) ، كان لي لقاءات عديدة مع وزراء ومسؤولين كبار في أكثر من دولة أوروبية ، وكان النقاش يدور حول دور أوروبا في صنع السلام في الشرق الأوسط ، وتشابهت مواقف الوزراء والمسؤولين الأوروبيين ، إذ أن الجميع كان يتمسك بما اعتبروه ” قاعدة أساسية للعمل السياسي المنتج ” ، وهو : ” لابد من التعامل السلس مع إسرائيل ، ومدها بماتريده من عون ، وبيعها ماتريد من التكنولوجيا حتى نحافظ على قدرتنا على الضغط عليها في مفاوضات السلام ” ، واستنادا لذلك لم تقم أي دولة أوروبية بما يجب أن تقوم به ، ولاذت بالصمت إزاء جرائم إسرائيل التي ارتكبت وترتكب يوميا ضد الشعب الفلسطيني ، ولم تتخذ أي موقف من سرقة إسرائيل للأرض الفلسطينية وإقامة آلاف المستوطنات عليها في الضفة الغربية ، ولم تتصد لمنع إسرائيل من تمويل وإقامة مشاريع إنتاجية في الضفة الغربية وغزة ، لابل صمتت على التصعيد الإسرائيلي الدموي والعنصري ضد الشعب الفلسطيني ، ولم ترفع أصبعا ضد الممارسات العنصرية وعنصرية إعلان الدولة اليهودية وحرمان العرب ممن حقوقهم الإنسانية الأساسية .

أوروبا تعلم ، وبشكل خاص انجلترا أن الاستعمار القديم البريطاني والفرنسي مسؤولان مسؤولية مباشرة عن كارثة فلسطين ، وهي الدول التي سلمت العصابات الصهيونية لإقامة الدولة الصهيونية ، وهي التي صاغت قرار التقسيم لتعطي المبرر لقيام إسرائيل دون أن تحترم الجزء الآخر من قرارها والمتعلق بالحقوق العربية ، وهي التي لاذت بالصمت عندما اغتال شارون – وكان على رأس عصابة لاهي – الكونت برنادوت ، المبعوث الدولي ، وهي التي استمرت في دعم إسرائيل وإشراكها في عدوانها على مصر عام 1956 ، وهي التي صاغت قرار 242 ، ولم تبذل مايجب بذله لتطبيق هذا القرار ، وهبي التي سارت تحت ” بنديرة ” أميركان ودعم الكيان الصهيوني وعنصريته طوال هذه العقود ومازالت .

وترفض بصوت عال هذه الأيام رفضها لما قاله الرئيس الإيراني حول عدم شرعية وجود إسرائيل ! ، وتنبري للدفاع عنها وإبداء الاستعداد وتجديد التعهد لحماية أمن إسرائيل ؟ّ!
أي أمن لإسرائيل تطالب به الدول الأوروبية ، وما الذي لم تفعله حتى الآن لتزويد إسرائيل بوسائل القتل والتدمير لاستخدامها ضد العرب ، وبشكل خاص ضد سوريا ولبنان وفلسطين ؟!

هذا المكر والخبث الأوروبيين يسودان مواقف الدول الأوروبية التي تصب في دعم الكيان العنصري الصهيوني والصمت على جرائمه الجماعية ضد الشعب الفلسطيني ، لكنني أعرف أن أي نقاش منطقي وعلمي الموقف من إسرائيل لن يأتي بنتيجة مع هؤلاء .

الأمر الوحيد الذي يغير من هذه المعادلات هو قوة المقاومة ، وقدرتها على فرض المعادلات الصحيحة القادرة على إنتاج حلول عادلة ، رؤساء أميركا حتى فترة أوباما أطدوا على التزام أميركا بحل الدولتين ، وأن لاحل سياسيا دون إقامة دولة فلسطينية مستقلة ، فأتى ترامب ليقول الحقيقة علنا وليكشف ” بوقاحته ” ، عن جوهر الموقفين الأميركي والأوروبي .. مساعدة إسرائيل بشكل أعمى واستعمالها كمطرقة لنهب الشرق الأوسط وتصفية قضية فلسطين ، والحكومات الأوروبية تسير كالنعاج وراء ترامب ، ولن يقضي على هذا المخطط سوى المقاومة والقتال المشروع دفاعا عن الحقوق المشروعة ، عندها ستنهار كل هذه الأكاذيب وستضطر الحكومات الأوروبية أن تستخدم نفس المعادلة مع المقاومة أي : ” أن أرادت أوروبا أن يكون لها دور فاعل ومؤثر في إيجاد الحل فعليها أن تتعاون وتدعم المقاومة لتتمكن من الضغط عليها ” ، أليس كذلك ؟ أليس هذا تطبيق لمنطقكم الذي نرفضه نحن ؟ولا أجد داعيا هنا للحديث حول الأخلاق والمواثيق والمعاهدات و” المبادئ ” ، فكلها ملقاة في سلة المهملات في غرف مسؤولي أوروبا ” ولايوجد على الطاولة سوى ملفات المصالح فلنمسك بالمصالح ، وهل يمكننا أن نمسك بالمصالح في ظل وجود أنظمة تدين بالولاء للاستعماريين والعنصريين في الغرب ، والآن نتقدم كل هؤلاء الذين تؤدي هذه الأنظمة لهم فروض الطاعة : إسرائيل ، فأين نبدأ لنمسك بالمصالح ؟

أترك الجواب لمن يريد أن يمسك بالمصالح لانتزاع الحقوق وكسر القيد ، أما بالنسبة للشرعية وعدمها فالأمر مضحك لمن يفكر ولمن يملك عقلا حرا ، ماهي الشرعية ؟؟

هل يملك لورد بلفور أرض فلسطين ؟ طبعا لا ، هل يملك الاستعمار البريطاني أرض فلسطين ؟ طبعا لا ، وهل يحق لبلفور أن يهب جزء من أرض فلسطين لليهود ؟ طبعا لا ، إذا ماوعد به بلفور اليهود من أرض فلسطين غير شرعي .

هل تعتبر أوروبا ، وبريطانيا تحديدا سيطرة العصابات المسلحة الصهيونية ” بسلاح أوروبي ” ، على جزء من أرض فلسطين شرعي ، طبعا لايمكن أن يكون هذا العمل الإجرامي شرعيا من حيث القانون والمنطق . فهو عمل غير شرعي وغير مشروع ، هل تعتبر الدول الأوروبية إعلان دولة إسرائيل من طرف بن غوريون ، واستنادا لجزء من قرار الأمم المتحدة لتقسيم فلسطين عملا شرعيا ؟

حسب بيانات أوروبا الرسمية الجواب لا ، وحسب المنطق الجواب هو أن ذلك ليس شرعيا وليس مشروعا ، إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي ليس لها دستور ، وليس لها حدود محددة وليس لديها قوانين ، فهل تعتبر أوروبا هذا شرعيا ؟ عدم وجود دستور سببه عدم الإعلان عن الهوية العنصرية الإجرامية للدولة ، وعدم  تحديد الحدود سببه برنامج الدولة العنصرية للتوسع ، وعم وجود قانون أو قوانين سببه ترك المجال للعصابات الحاكمة أن تحول سياساتها العنصرية والتوسعية إلى قوانين عبر مجلس تشريعي ” الكنيست ” ، فهل تعتبر أوروبا هذه البنود الخطيرة شرعية ؟!! .

إن الكيان الصهيوني كيان غير شرعي ، هو قاعدة عنصرية أنشأها الاستعمار على أرض يملكها الشعب العربي الفلسطيني ، وانخراط عبدالعزيز آل سعود في صفقة بلفور كي يتوج على الجزيرة لايعطي مطلقا شرعية لهذه القاعدة ، واليوم أيضا مايمنحه حفيده محمد بن سلمان لهذه القاعدة العنصرية ليس شرعيا ولا يعني أن إسرائيل شرعية .
كاتب وسياسي فلسطيني

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2018/11/28

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد