آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
طلال سلمان
عن الكاتب :
طلال سلمان (مواليد 1938) هو صحافي لبناني كبير مؤسس جريدة السفير اللبنانية اليومية. شكل منذ عقود مرجعية إعلامية في الشؤون العربية واللبنانية تحظى بالتقدير، وبالتأثير في الرأي العام.

عن جولة ولي عهد مملكة الصمت والذهب


طلال سلمان

وجد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان فرصة ذهبية في قمة العشرين في الأرجنتين.. فركب طائرته وقصد القاهرة حيث استقبله عند أسفل سلمها الرئيس عبد الفتاح السيسي، بعيداً عن غوغاء الجماهير.. وبعد ليلة هانئة فيها، فرض حظر التجول في الشوارع والمناطق التي عبرها ذهاباً وإياباً، قصد إلى تونس… وهناك كانت الجماهير الغاضبة قد سدت الشوارع والساحات، فأخذه الحرس الجمهوري المعزز بالقوى الأمنية إلى حيث استقبله وريث بورقيبة الرئيس الباجي قائد السبسي.. ثم إلى المطار قاصداً بيونس أيرس.

في المؤتمر كان هم سمو الأمير أن يلتقي ـ ولو للمصافحة فقط ـ أكبر عدد ممكن من الرؤساء الحاضرين، وأن يوزع ابتساماته على من تعذرت مصافحته، في حين احتضنه الرئيس الروسي، قناص الفرص، فلاديمير بوتين، معلناً ترحيبه بزيارته القريبة لموسكو، واستعداده لإتمام صفقة الصواريخ عابرة القارات..

لم يعرف تماماً حقيقة ما دار بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وولي العهد السعودي، لكن “امبراطور أنقره” ما زال يُصر على الحصول على اعتراف رسمي بمسؤولية السعودية عن الإغارة على القنصلية السعودية في اسطنبول واغتيال الصحافي الراحل جمال خاشقجي وتقطيع جثته، وإذابتها بالغاز، أو نقل قطعها في صندوق سيارة دبلوماسية إلى حيث ألقيت في إحدى الغابات القريبة من اسطنبول… أو أنها نقلت بناء لتعليمات خاصة من الرياض إلى عاصمة المملكة المذهبة، لتطمئن قلوب من أصدروا الأمر بالقتل والتقطيع… إلا أن آثار الجريمة وكل ما يشير إلى المنفذين قد أخفي تماماً.. وأن أبناء الراحل سيعوضون عن مجزرة قتله كل ما يمكن أن يأخذهم إلى النسيان والاهتمام بمستقبلهم في رعاية المتهمين بتقطيع جثة والدهم بعد قتله..

في طريق العودة، تقصد ولي العهد السعودي أن يهبط في موريتانيا الذي نسي الحكم فيها، كما الشعب، شكل الدولار أو الدينار أو حتى الريال… فلقي الأمير محمد بن سلمان استقبالاً مقبولاً.

أما في الجزائر فقد لفت الأمير غياب الرئيس الأبدي عبد العزيز بوتفليقة، واعتذاره عن استقبال ضيف بلاده، بذريعة أنه مصاب بأنفلونزا قوية، تمنعه حتى من ركوب الكرسي المتحرك للقائه ..ولو في البيت!

وهكذا انتهت رحلة محاولة تبرئة الذات بصور ملونة في لقاءات متعددة لولي العهد السعودي مع مسؤولين في بلاد أخرى، بعيداً عن وقائع الجريمة غير المسبوقة ـ دولياً ـ أقله في القرن الحالي، وخارج “أرض الخراب”!
*****
أما في بيروت فقد تقاطر المهنئون إلى السفارة السعودية ليشكروا المسؤولين في المملكة المذهبة على ترفيع القائم بالأعمال في بيروت وليد البخاري إلى رتبة سفير، تقديراً لجهوده الرياضية والخيرية فضلاً عن السياسية، إذ انه جاب أنحاء لبنان جميعاً، مهنئاً ومعزياً ومشاركاً في افتتاحات “مشروعات الخير” التي أسهمت المملكة في تنفيذها، وكلفتها جميعاً أقل من مصروف أمير وليد في يوم واحد.

ومن لم يستطع زيارة السفارة أغتنم فرصة إطلاق اسم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، أمير دولة الإمارات العربية المتحدة، على شارع عريض في محلة الإيدن روك، للسلام في بيروت على السفير السعودي الجديد وتهنئته بهذا التقدير الملكي السامي، الذي تجاوزت معها القيادة الملكية همومها في اسطنبول، وقضية اغتيال جمال خاشقجي لتمنح ممثلها في لبنان لحظة فرح بتسميته سفيراً.
*****
سيمر زمن طويل قبل أن ينسى الناس، عرباً وأجانب، تفاصيل الجريمة الشنيعة التي أودت بحياة جمال خاشقجي..

وستتردد روايات وحكايات وأساطير عما يجري في مملكة الصمت والذهب، ولماذا استدعي الأمير أحمد بن عبد العزيز، وهو آخر الأبناء الأحياء لمؤسس مملكة الصمت والذهب، من لندن، حيث كان يقيم وبأية إغراءات… وهل له علاقة بتغيير متوقع على صعيد مواقع القرار في السعودية، أم انه مجرد تدبير وقائي بحجز هذا الأمير الأخير المتحدر من صلب عبد العزيز، منعاً للشك، وتحوطاً من احتمالات التغيير المفترض في المملكة إذا ما قضت إرادة العلي القدير برحيل الملك سلمان.. الذي تباهي ذات يوم بأن الجد الأعلى لهذه الأسرة هو مسيلمة الكذاب، الذي ادعى النبوة، مع بدايات انتشار الدين الحنيف على يدي النبي العربي محمد بن عبد الله وصحبته والمجاهدين الأوائل الذين تولوا بعده نشر رسالة الإسلام.

ولا يستبعد أن يمر بذهن أحفاد من حاول منافسة الرسول الكريم، وهو من أطلق عليه العرب “مسيلمة الكذاب”، أن يحاولوا، الآن، “سعودة” العرب بالذهب، وبالتحالف مع إسرائيل التي يتباهى رئيس حكومتها نتنياهو، بأن “العديد من العواصم العربية باتت مفتوحة أمام دولته” التي تقتل مزيداً من الفلسطينيين في كل يوم… والتي تهدد الآن لبنان بذريعة أن رجال المقاومة يحفرون الآن خنادق في الأرض اللبنانية تمتد إلى داخل الأرض الفلسطينية، مما يهدد الأمن الإسرائيلي ويقلق الشعب الأممي الآتي من أربع رياح الأرض لكي يسيطر بالقوة على حاضر الشعب الفلسطيني ومستقبله، مهدداً الأمن القومي جميعاً في الأرض العربية من المحيط إلى الخليج.

ولم تظهر مملكة الصمت والذهب، في أي يوم أنها معنية بأمن هذه الأمة وسلامة أهلها وأرضها.

وأقصى ما يعنيها سلامة عرش الأسرة الذي قام بالسيف، وعبر حماية الأجنبي، وما يزال قائماً بفضل هذه الحماية المكرسة لتأمين استمرار تدفق النفط العربي في الخزانة الأميركية.

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2018/12/08

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد