آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
صالح السيد باقر
عن الكاتب :
كاتب إيراني

واشنطن تقدم على أول خطوة للحرب ضد إيران

 

صالح القزويني

 

أعلن مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون أمس الأحد، إن الولايات المتحدة سترسل مجموعة حاملة طائرات وقوة من القاذفات إلى منطقة الشرق الأوسط، للبعث برسالة واضحة لإيران مفادها أن أي هجوم على مصالح الولايات المتحدة أو حلفائها سيقابل “بقوة شديدة”.

وأضاف بولتون أن هذا القرار اتخذ “ردًا على عدد من المؤشرات والتحذيرات المثيرة للقلق المتصاعدة”.

وقال إن: “الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب مع النظام الإيراني ولكننا مستعدون تمامًا للرد على أي هجوم سواء من وكلاء أو من الحرس الثوري أو القوات النظامية الإيرانية”.

هذه هي النتيجة الطبيعية لمنحنى الخطوات التصعيدية التي انتهجتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضد إيران لإرغامها على الجلوس إلى طاولة المفاوضات من أجل التوصل إلى اتفاق نووي يشمل القدرات الصاروخية، وسياسات إيران في المنطقة، والبرنامج النووي الإيراني لما بعد 2025.

تصريح بولتون حول الهدف من إرسال حاملة الطائرات واضح ولا يعتريه أي غموض، سوى قوله، إن بلاده اتخذت القرار نتيجة وجود مؤشرات وتحذيرات مثيرة للقلق، ولكنها لا تريد حربا مع إيران، فإذا كانت الولايات المتحدة مستعدة للرد على أي هجوم، فماذا يسمى ذلك سوى الحرب؟

وبمقدار الوضوح الذي يكتنف تصريح بولتون فانه يلفه الكثير من التضليل والخداع، فهو يحاول تجاوز مرحلة مهمة من التصعيد والتوتر والحرب الاقتصادية التي تشنها الإدارة الأميركية ضد إيران منذ انسحابها من الاتفاق النووي وحتى اليوم.

منذ الانسحاب من الاتفاق النووي وحتى اليوم وترامب يوجه الضربات القاتلة لإيران، وكلما وجه ضربة ورأى أن إيران استوعبتها واحتوتها ولم تمت ولم تنهار، قام بتوجيه ضربة أكثر قسوة وفتكا، لذلك فإن إرسال حاملة الطائرات إعلان مبطن عن فشل محاولات واشنطن في محاصرة إيران.

لا أحد ينكر تأثير الحرب الاقتصادية الشاملة التي شنتها الولايات المتحدة ضد إيران على الوضع الإيراني وخاصة القطاع الاقتصادي منه، ولكن الانتقال من العقوبات إلى التلويح باستخدام الخيار العسكري يعني فشل هذه العقوبات وان ما تعلنه طهران بأنها أعدت نفسها للعقوبات وأنها ستتغلب عليها يتطابق مع الواقع والحقيقة.

لا أدري هل أن بولتون يتصور أن فرائص إيران سترتعد عندما يلوح باستخدام القوة ضدها، ولمجرد ذلك ستتراجع عن سياساتها ومواقفها ومبادئها، وهل يعلم أن ملايين الإيرانيين ينتظرون وقوع المواجهة بينهم وبين الولايات المتحدة بفارغ الصبر؟ ثم أن بولتون عندما يقول أن بلاده سترد بقوة على أي هجوم تتعرض له مصالحها أو مصالح حلفاءها، فهل يرى إن إيران قادرة على تعريض المصالح الأميركية وحلفائها للخطر بالهجمات العسكرية دون سواها، أم أن هناك العديد من الوسائل المباشرة أو غير مباشرة لتعرض المصالح الأميركية للخطر؟

إدارة ترامب وخاصة بولتون الذي يكن حقدا خاصا لإيران، تتصور أنها ستخيف إيران من التلويح باستخدام الخيار العسكري، وغاب عنها أنها وقعت في الفخ الإيراني عندما سارت في الطريق الذي تريده طهران، وهو الإضرار بالمصالح الأميركية بطرق غير مباشرة، وذلك عندما تلجأ إلى مزيد من التصعيد والتوتر وخاصة في الخليج الفارسي، فإرسال حاملة الطائرات للمنطقة والتلويح بالخيار العسكري من شأنه رفع أسعار النقط، الأمر الذي يرفضه ترامب جملة وتفصيلا، وطالما طلب من المملكة العربية السعودية رفع إنتاج نفطها لينخفض سعره في الأسواق.

تكهنات عديدة حول الذي ستؤول إليه الأزمة بين الولايات المتحدة وإيران، وكل واحد من هذه التكهنات يرتكز إلى أسس علمية وواقعية، فهناك من يتوقع أن ترامب لن يلجأ للحرب مع إيران لأن تكاليفها باهضة للغاية، في الوقت الذي صب معظم جهوده على تحسين الوضع الاقتصادي الأميركي الذي عانى كثيرا من نفقات الحروب، وهناك من يتوقع أن ضغط ترامب على إيران سيستمر حتى الإعلان عن تنفيذ “صفقة القرن” لتهميش دورها في التأثير على الصفقة باعتبارها أحد المعارضين الرئيسيين لها، وبعد نجاح أو فشل الصفقة فإنه سيعيد النظر في سياسته تجاه طهران.

وهناك من يعتقد أن ترامب ماض في خطواته التصعيدية ضد إيران إلى أبعد الحدود، وانه جاد في الضغط على تصفير النفط الإيراني ولن يتردد في اللجوء إلى القوة لمنع إيران من تصدير نفطها، ولا شك أن هذه الخطوة التي من شأنها إشعال المواجهة بين الطرفين تتوقف على طريقة تعامل طهران معها.

ربما المرحلة المقبلة وخاصة عندما تصل حاملة الطائرات للمنطقة ستشهد جس نبض الطرفين تجاه استعدادهما لتنفيذ توعد وتهديد الواحد للآخر، ولا شك أن ما تسفر عنه هذه المرحلة كفيل برسم الملامح المستقبلية للصراع بين الطرفين.

بولتون قال إن الهدف من إرسال حاملة الطائرات هو ردع إيران وحلفاءها من أي هجوم على المصالح الأميركية، فهل ستتجاوز مهمتها من الردع إلى منع السفن الإيرانية من نقل النفط، وإذا تجاوزت مهمتها فهل ستلتزم طهران الصمت تجاه منع سفنها من تصدير النفط؟ هذا ما سنعرفه عندما تصل حاملة الطائرات الأميركية للمنطقة.

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2019/05/07

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد