آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
صالح السيد باقر
عن الكاتب :
كاتب إيراني

إيران تحشد ضد إسرائيل والعرب يحشدون ضدها

 

صالح القزويني

لا أدري هل تزامن عقد قمم مكة المكرمة مع يوم القدس العالمي وقع محض صدفة، أم أن ارادة الله شاءت أن تعرف الشعوب العربية والإسلامية وأحرار العالم من هو الذي يدافع بشكل حقيقي عن القدس والقضية الفلسطينية.

ففي الوقت الذي تسعى فيه قمم مكة الى تحشيد الحكومات العربية والإسلامية ضد إيران، فإن طهران تبذل كل ما في وسعها من أجل احياء يوم القدس العالمي في معظم دول العالم وأن لا يقتصر احياءه على إيران وإنما تشهد أغلب دول العالم مسيرات وفعاليات يوم القدس العالمي، وهذا ما حدث.

الهدف الرئيسي من تبني إيران ليوم القدس العالمي هو أن تبقى هذه القضية حية في نفوس العرب والمسلمين وأحرار العالم، وأن يلتفت الجميع إلى الجريمة التي نفذها الغرب بدعمه لإسرائيل في احتلال فلسطين وأن لا ينخدعوا بمؤامراتهم، فضلا عن الجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال ضد الفلسطينيينن، ومع أن المسيرات كانت في البداية تقتصر على المدن الايرانية ولكن شيئا فشيئا بدأت تتوسع، حتى أن عشرات البلدان العربية والإسلامية والأوروبية تشهد اليوم مسيرات يوم القدس العالمي، كما وتقام احتفاليات بهذه المناسبة في دول أخرى.

قمم مكة تحقق بالضبط ما تريده إسرائيل، وهو توجيه الانظار إلى عدو وهمي وهي إيران لكي لا يلتفت العرب والمسلمون إلى قضيتهم الأولى وما ترتكبه قوات الاحتلال من جرائم ضد الفلسطينيين، وكذلك لتمرير ما تسمى بصفقة القرن دون ظهور أي معارض لها، خاصة وأن الذين من المفترض أن يعترضوا على هذه الصفقة منشغلون بقضايا أخرى.

ما يدعوننا إلى التشكيك بوجود تعاون وثيق بين الدائرة المصغرة للقائمين على قمم مكة المكرمة وبين إسرائيل هو استهداف إيران، فلو بحثنا عن الأسباب الحقيقية وراء المشاكل والتهديدات والضغوطات والعقوبات والمؤامرات التي تتعرض لها إيران منذ تأسيس جمهوريتها وحتى اليوم لرأينا أنها مرتبطة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بموقفها من إسرائيل.

لو كانت إيران قد ركبت قطار التطبيع مع إسرائيل كاغلب الدول العربية والاسلامية، لما كانت اليوم تعاني من الضغوط والتهديدات والعقوبات، بل لسمح الغرب لها بامتلاك الاسلحة النووية وسمح لها بتزعم دول المنطقة كما كان الشاه، ولما كان يشن النظام العراقي السابق الحرب ضدها، ولما تطاولت أصغر الدول ضدها واساءت لها.

ربما نتفهم الصمت الذي تلوذ به بعض الدول العربية والإسلامية تجاه اسرائيل، فهي تتذرع بتخليها عن مسؤولية الدفاع عن القضية الفلسطينية بأنها لا يمكنها مواجهة ضغوط الدول الغربية الداعمة لإسرائيل، ولكن ما لا نفهمه هو أن البعض الآخر من الدول العربية شهر سيفه ضد أية دولة أو كيان أو جماعة تتصدى لإسرائيل في الوقت الذي كان بإمكان هذه الدول التزام الصمت تجاه المقاومين والمعارضين لإسرائيل كسائر الصامتين، ألا يدل ذلك على أن العلاقة بين هذه الدول وإسرائيل تجاوزت مرحلة التطبيع ووصلت إلى حد التعاون الوثيق بين الجانبين؟
التفجيرات التي تعرضت لها الناقلات في الفجيرة، وقصف أنبوب النفط السعودي والتدخل في الشؤون الداخلية، كلها ذرائع لتوجيه السهام لإيران والنيل منها وممارسة الضغط عليها، وهذه الذرائع لا تختلف عن الذريعة الأميركية وهي البرنامج النووي الإيراني، فالهدف الرئيسي هو أن تتخلى إيران عن موقفها تجاه اسرائيل ودعمها لفصائل المقاومة الفلسطينية وحزب الله اللبناني.

لو كان القائمون على قمم مكة المكرمة صادقون في زعمهم ان ايران تتدخل في شؤون دول المنطقة، ويشعرون بقلق شديد مما يسموه بالنفوذ والخطر الإيراني لتلقفوا المبادرة التي قدمها وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف خلال زيارته لبغداد السبت الماضي، فقد دعا دول المنطقة إلى التوقيع على اتفاقية عدم التعرض والاعتداء، غير انه مضت عدة أيام على طرح هذه المبادرة ولم ترحب أية دولة بها، إلا يشير ذلك إلى أن ما تتحدث به هذه الدول عن التدخل الإيراني مجرد مزاعم لا واقع لها؟ فلو كانت حقيقية لقامت بتحديد الموارد التي تزعم انها تتدخل إيران عبرها وتطالبها بالتوقيع عليها والزامها بها.

في الوقت الذي تزعم فيه بعض الدول بتدخل إيران في شؤون المنطقة فهناك العشرات بل المئات من الأدلة والبراهين والوثائق التي تشير إلى تدخل هذه الدول في الشأن الإيراني والتآمر على إيران والتحريض ضدها، لذلك عندما لا ترحب هذه الدول بمبادرة ظريف فهذا يعني أنها تخشى من أن تلزمها الاتفاقية بعدم التدخل والتآمر والتحريض.

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2019/06/01

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد