آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
صالح السيد باقر
عن الكاتب :
كاتب إيراني

لا تقارنوا بين العراق وإيران.. فالحرب القادمة مختلفة

 

صالح القزويني

ينطلق الكثير من الخبراء والمحللين السياسيين في تقييمهم لنتائج الحرب الأميركية – الإيرانية (فيما لو اندلعت) من واقع الحرب العراقية – الأميركية، فيتوقعون أن تكون نتائجها كارثية على إيران كما كانت على العراق، وربما وجود التشابه بين الحالتين أدى إلى اعتقادهم بذلك.

ومن أبرز نقاط التشابه أن النظام العراقي السابق كان يعلن جهارا نهارا أنه ينتظر الحرب بفارغ الصبر، وكان يقلل من شأن القوات الأميركية فكان يقول أنه قادر على إيقاع هزيمة منكرة بها وسحقها، وأن الحرب ستحرق المنطقة برمتها وغير ذلك من الشعارات والتهديدات التي كان يطلقها نظام صدام، واليوم بل منذ سنوات تطلق طهران تهديدات وشعارات مشابهة.

ولكن الذي حدث هو أن القوات الأميركية أسقطت النظام بأقل من شهر، وحسب التقارير التي نشرت آنذاك فإن المقاومة لم تكن كما كان يتبجح بها النظام ما عدا في بعض المناطق، فهل يا ترى أن مصير إيران سيكون كمصير العراق؟

وقبل أن أجيب على هذا السؤال، ينبغي أن نتسائل عن إمكانية وقوع الحرب أو عدم إمكانية ذلك؟ ولازلت أعتقد أن الحرب لن تقع على المدى القريب، وقد ذكرت في مقال سابق تكرمت رأي اليوم بنشره مبررات استبعادي لوقوع الحرب خاصة على المدى القريب، ولن يشن الرئيس الأميركي الحرب قبل الانتخابات الرئاسية، فمن المؤكد لأنه  سيقضي على أية فرصة لفوزه في الانتخابات القادمة.

ولكن فيما لو غامر وشن الحرب فهل ستكون نتائجها كنتائج الحرب على العراق، بالتأكيد كلا، وذلك للأسباب التالية:

أولا: أن العراق كان تقريبا منزوع من كافة أسلحته الاستراتيجية عندما شنت الولايات المتحدة عدوانها عليه، فبعد أن صال وجال المفتشون الدوليون في كل إنحاء العراق بذريعة البحث عن أسلحة  الدمار الشامل، وفتشوا كل المقرات العسكرية والمنشآت العسكرية وعرفوا أين تقع مخازن الأسلحة ووجود القوات والصواريخ والطائرات، بدأوا المرحلة الثانية من مخططهم وهو تدمير كل الأسلحة الاستراتيجية، فلم يبقى للعراق أسلحة يقاتل بها.

بينما في إيران فإن المفتشين الدوليين يراقبون المنشآت النووية ويعرفون بالدقة أين تقع كافة المنشآت وماذا يجري فيها، ولكن ليس لديهم أي إطلاع دقيق عن مواقع الأسلحة الاستراتيجية وما عدا الذي تعلنه إيران فإن العالم لا يدري مالذي تمتلكه من أسلحة وقدرات.

وربما يقال أن الصواريخ والقاذفات الأميركية لن تمنح لإيران فرصة الرد فمجرد أن تبدأ الحرب تنهمر آلاف الأطنان من القنابل على كافة مناطق إيران وخاصة المواقع التي من المحتمل أن تحتوي على مخابئ الصواريخ والأسلحة الاستراتيجية، ويرد الخبراء العسكريون الإيرانيون على ذلك بأن أجهزة الانذار التي رُكبت على الصواريخ الإيرانية ستوعز لها بالانطلاق قبل أن تصل الصواريخ والطائرات الأميركية للأجواء الإيرانية، يعني على سبيل المثال اذا كانت الصواريخ الأميركية تحتاج 7 دقائق لتصل إلى إيران فخلال 3 دقائق ستكتشفها الصواريخ الإيرانية وتنطلق وتستهدف القواعد الأميركية المحيطة في الدول المجاورة.

ثانيا: ربما كان للنظام العراقي السابق من يتعاطف معه هنا وهناك، وراينا أن هؤلاء لم تصدر منهم ردود فعل تجاه العدوان الأميركي وأقصى ما فعله بعضهم هو إصدار بيانات الشجب والتنديد، ولكن لا أبالغ إذا قلت أن لإيران عشاق في كل بقعة من بقاع الأرض هؤلاء سيتحركون بشكل لا إرادي للدفاع عن إيران والهجوم على المصالح الأميركية، وفضلا عن هؤلاء فهناك أحزاب في دول العالم طالما أعلنت أنها توالي ايران وبعض هذه الأحزاب لديها أجنحة عسكرية، كحزب الله اللبناني الذي لن يتردد بإطلاق آلاف الصواريخ على إسرائيل حال أي عدوان على إيران.

عندما تقول إيران أن المنطقة ستشتعل إذا تعرضت لأي اعتداء فبالفعل أنها ستشتعل، فإلى جانب أن القوات الايرانية  ستستهدف المصالح والقواعد العسكرية الأميركية في الدول المجاورة فإن امتداداتها ستهاجم كل هذه المصالح أيضا.

ثالثا: الشعب العراقي لم يتصد للعدوان الأميركي على بلاده نتيجة السياسات التي مارسها النظام، ولا أريد أن أقول هنا أن الشعب الإيراني سيهب برمته للدفاع عن البلاد والنظام، ولكن هناك حقيقة يعرفها القاصي والداني وهي أن أي عدوان على إيران سيوحد الإيرانيين ويدفعهم إلى القتال ضد المعتدي، فضلا عن ذلك فإن الملايين من الإيرانيين ينتمون إلى قوات التعبئة وهؤلاء جميعهم تدربوا على حمل السلاح والقتال ومستعدون للانخراط في أية مواجهة.

قادة إيران أعلنوا بصراحة بأنهم لن يبادروا إلى الحرب، ولكن إذا بدأ العدو بشن الحرب فلن يكون بوسعه انهائها وستمتد إلى ما لايتصوره.

لهذا نقول لا تقارنوا بين العراق وإيران، بل ربما لو توفرت هذه العناصر للعراق لما كانت الولايات المتحدة قد شنت حربها عليه، من هنا تصر واشنطن على ضرورة التفاوض على القدرات الصاروخية الإيرانية، ولو وافقت طهران على التفاوض بشأنها فستكون بداية لتدميرها وأيضا بداية سقوط النظام في إيران.
 

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2019/06/16

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد