آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
صالح السيد باقر
عن الكاتب :
كاتب إيراني

طهران تترقب الفرصة المثالية لانتزاع التنازلات من ترامب

 

صالح القزويني

القاصي والداني يعرف أن إيران ترفض التفاوض مع حكومة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، فهل يا ترى ترفض التفاوض جملة وتفصيلا، أم أنها ترفض التفاوض مع ترامب بشكل خاص، ولماذا ترفض التفاوض هل لأنها تخشى من ترامب أو تخشى من تبعات التفاوض؟

قبل الإجابة على هذه التساؤلات وغيرها، علينا معرفة ما إذا كان ترامب جادا في الدعوة للتفاوض أم انه يريد تحقيق اهداف أخرى منها؟
ترامب يدرك جيدا أن التفاوض مع بلاده من القضايا الشائكة في إيران وطالما أثارت هذه القضية الخلافات والمشاكل بين التيارات السياسية الإيرانية، وعندما يصر هو وبعض أعضاء حكومته على ضرورة التفاوض مع إيران فإنه يأمل من ذلك تشتيت الصف الإيراني وايجاد الانقسام وسطه، وبالتالي إضعاف الموقف السياسي الإيراني تجاه الادارة الأميركية.

هذا من جانب، ومن جانب آخر فإن ترامب عندما يدعو إلى التفاوض فإنه يريد إحراج طهران أمام دول المنطقة والعالم، بأنه أراد التفاوض معها لحل المشكلة ولكنها لا تريد التفاوض.

ومن جانب ثالث فإنه عندما يدعو إلى التفاوض فإنه يريد تبرئة ساحته أمام دول المنطقة والعالم وخاصة الرأي العام الأميركي من أي خطوات أخرى يتخذها ضد إيران، وحسب تصوره فأنه لديه الحجة التامة في اتخاذ أي إجراء ضد طهران حتى لو كان عسكريا.

لا شك أن ترامب حسب حسابه أيضا لاحتمال موافقة طهران على التفاوض، ولذلك فإنه وضع شروطه التعجيزية للمضي قدما في المفاوضات، وبما أنه يعلم أن ايران ترفض الشروط التعجيزية لذلك فانها ستصل إلى طريق مسدود مما يوفر له فرصة اتهامها بافشال المفاوضات والانسحاب منها.

من هنا يمكن القول أن ترامب لا يريد التفاوض وإنما تحقيق أهداف أخرى من الدعوة له، وتبقى سياسته الرئيسية تجاه طهران هي ممارسة أقصى درجات الضغوط والتهديد، لتحقيق غايات أخرى في مقدمتها أثارة الخوف والهلع بين دول المنطقة، لدفعها الى ابرام اتفاقيات مع بلاده، وكذلك لتمرير ما يسمى بصفقة القرن دون معارضة الشعوب والحكومات عبر لفت الأنظار إلى عدو وهمي وهي إيران ودون الالتفات إلى العدو الرئيسي وهي إسرائيل.

القضية التي لا أدري أن كان ترامب قد حسب لها حساب أم لا، هي التبعات التي تترتب على ممارسة أقصى الضغوط على إيران، خاصة وأن إيران لن تقف مكتوفة الأيدي تجاه هذه الضغوط بل ستتحرك لترد عليها، وفي نفس الوقت تتحرك لايجاد منافذ للخروج منها.

من الطبيعي أن الضغوط الأميركية والرد الإيراني سواء عبر إحباط وعرقلة المشاريع الأميركية أو ايجاد المنافذ، سيزيد من التوتر في المنطقة والعالم، ولا أعتقد أن ترامب لم يحسب حسابا لذلك أيضا، يبدو أنه يرى أن السبيل لحل هذه المشكلة هي بممارسة المزيد من الضغوط على إيران، لتركع في مرحلة ما وتستلم لمطالبه.

وتجدر هنا الإشارة إلى قضية في غاية الأهمية وهي، تأثير الفعل الأميركي ورد الفعل الإيراني على الوضع في المنطقة والعالم، فالتوتر الذي تشهده المنطقة وتصاعد هذا التوتر الذي ربما ينتهي إلى مواجهة عسكرية يكلف أميركا وحلفاؤها ثمنا باهضا.

لاشك أن ايران أيضا تدفع ثمن هذا التوتر والضغط، ولكن الثمن الذي تدفعه أنيركا وحلفاءها أضعاف ما تدفعه إيران، خاصة إذا تصاعد التوتر والأزمة التي من المؤكد أنها ستتصاعد مع السياسة التي تنتهجها طهران وهي خفض التزامتها تجاه الاتفاق النووي، وكذلك مع وجود أزمات مشتعلة وقابلة للمزيد من الاشتعال في المنطقة كالأزمة اليمنية.

من المؤكد أن الأزمة عندما تتصاعد وتتضاعف ستنتقل إلى الداخل الأميركي، عندها يبدأ الصرح الذي بناه ترامب بالانهيار التدريجي، فالانجازات التي حققها للاميركيين على الصعيد الاقتصادي والتي رفعت من مستوى شعبيته ستتلاشى الواحدة تلو الأخرى، مما يعرض مستقبله السياسي إلى الخطر واحتمال هزيمته في الانتخابات الرئاسية القادمة.

ربما التفت المراقبون السياسيون إلى الذي أعلنه المسؤولون الاميركيون في الأيام الأخيرة عندما طالبوا طهران بمواجهة الدبلوماسية بدبلوماسية، الأمر الذي يشير إلى أن ردود فعل إيران بدأت تؤلمهم، كما أن تراجع ترامب عن الرد العسكري على إسقاط الطائرة يبين مدى خشيته من انهيار الصرح الذي بناه.

من المؤكد أن التوتر بين أميركا وإيران يتجه إلى المزيد من التصعيد وريثما يبدأ صرح ترامب بالتصدع ويكون مستعدا لتقديم التنازلات، ليحول دون انهيار الصرح بالكامل، عندها ستوافق طهران على خوض التفاوض سواء بشكل مباشر أو من خلال وسطاء.

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2019/06/27

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد