آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
د. وفيق إبراهيم
عن الكاتب :
باحث استراتيجي متخصص في شؤون الشرق الأوسط

انكشاف «الهندسة» الخارجيّة التي تتلاعب بالحراك اللبناني!

 

د. وفيق إبراهيم 

تذهب معلومات كثيرة مع القليل من الشائعات نحو اتهام أحزاب داخلية بالتسلل الى الحراك الشعبي وتحويله آلية لتخفيف هيمنتها الداخلية ودعم النفوذ الاميركي في لبنان. 
كان هذا الكلام مرفوضاً من معظم القيادات الميدانية والفعلية للتظاهرات ويزعم أنه مجرد تحرك وطني طبقي يسعى لمعاقبة الفساد السياسي والإصلاح ومنع الانهيار. وهذا يتطلب اقالة المؤسسات الدستورية الثلاث أي رئاسات الجمهورية والنواب والحكومة بما يشمل ايضاً مجلس النواب بنوابه الـ 128 ومجلس الوزراء بكامل عدته الوزارية. 
ما طرأ على هذا التقييم انبثاق تحليل جديد للقيادات الميدانية والحقيقية للمتظاهرين تجهر فيه بأن أحزاب الكتائب الذي يترأسه سامي الجميل والتقدمي الاشتراكي لرئيسه وليد جنبلاط والقوات اللبنانية لسمير جعجع، هذه الأحزاب تتلاعب بالحراك وتسعى لتحويله أداة في خدمة مشاريعها الداخلية والخارجية. 
لم تصدر هذه الاتهامات عن فئات شعبية من المتظاهرين بل من قياداته الأكثر نفوذاً والذين وصفوا حلف جعجع – جنبلاط – الكتائب بأنه مناهض لمصلحة المتظاهرين واضعاً نفسه في خدمة الخارج. وهذه توضيحات قالتها هذه القيادات على شاشات التلفزة بما يدحض إمكانية تكذيبها. واضافت هذا الحلف تنظيمات إسلاموية متطرفة تسيطر على خط قطع الطرقات من مدينة خلدة صيدا وداخل مدينة طرابلس. 
للتوضيح، فإن قطع الطرقات عند الخط الجنوبي مرتبط بموافقة وليد جنبلاط الذي تسيطر جماعاته عليه، وبتأييد رئيس الحكومة المستقيل الذي تواليه بعض الفئات المدفوعة الأجر من عرب المسلخ وجهات الناعمة والمتورطين من بلدة برجا والمحيط. 
أما الجهة المتضرّرة من إقفال هذه الطريق الحيوية فتزيد عن نصف مليون نسمة من اهالي الجنوب التي يعبرونها صباح ومساء كل يوم لتلبية أعمالهم في العاصمة والعودة الى قراهم مساء. هذا بالإضافة الى اهالي صيدا والإقليم والشوف. 
هناك ما هو مضمرٌ في إقفال طريق الجنوب، وله علاقة بكونه الخط الوحيد الذي يربط «المقاومة اللبنانية» بمناطقها المتاخمة للعدو الإسرائيلي في فلسطين المحتلة بما يكشف ان الاقفال المتواتر لهذه الطريق يُخفض من ارتباط المقاومة بأهلها ومداها الجغرافي الاساسي والاستراتيجي، فهل هذا مقصود؟ 
بالطبع ما دام ان قادة التظاهر اعترفوا بأن حلف جنبلاط جعجع – الجميل يعمل في خدمة الخارج هو الغرب، وبالتالي «إسرائيل»، لذلك لم يكتم هذا الحلف رغبته بافتعال قتال داخلي بين مقاومة تريد فتح خطوط أهلها الحياتية ومقوماتها الدفاعية الجهادية وبين فئات تقفل الطرقات، علماً ان بعض هؤلاء ينتمون الى تنظيمات إسلامية متطرفة، يصرون على إقفال هذه الطريق والاعتداء على المدنيين ولوجستيات حزب الله لافتعال فتن مذهبية. هناك دليل بسيط وهو ان قائد المجموعة التي تقفل طريق خلدة هو شيخ معمّم ينتمي الى الاخوان المسلمين ومعه ملتحون من أحزاب إسلامية أكثر تطرفاً فيما ينتشر مقاتلو حزب جنبلاط ومؤيدوه على خطوط الدامور والجية وسبلين، حيث مصالح جنبلاط الاقتصادية في الغاز والنفط والترابة. 
أما لجهة الطريق من الرينغ وحتى مشارف البحصاص شمالاً فتسيطر عليها مجموعات جعجع بفرق صغيرة تقطع طرقاتها وتعطل أعمال الناس ومصالحهم. 
لكن مدينة طرابلس تحتفظ بخصوصياتها بما يسمح لقادة الحراك الأصلي من بيروت، بأن قلة فقط تشكل جزءاً من الحراك الاجتماعي الفعلي فيما تنتمي الغالبية منها الى مجموعات إسلامية متطرفة قريبة من داعش والاخوان والنصرة وإلى جانب بعض مؤيدي الحريري من المستقبل وميقاتي الداعم بشرياً ومادياً، يكفي أن هناك بضعة آلاف من النازحين السوريين يشتركوا في الحراك مقابل عشرين دولاراً على الفرد الواحد وعشرة دولارات للطعام يومياً. 
للمزيد من الإضاءة في القائد الميداني والمخطط والملهم هو النائب السابق مصطفى علوش المكلف بتحويل الحراك الى هيئة شاتمة لحزب الله والرئيس ميشال عون. 
إن هذه المعلومات مستقاة من قيادة الحراك في بيروت التي تؤكد أن ساحتي رياض الصلح والشهداء هما الميدان الفعلي للتحرك الوطني الطبقي المصرّ على تشكيل هيئة وطنية كبرى تدعم صدور قرار رسمي باستفتاء على قانون انتخابات جديد ومدني، هي التي تنتج السلطات التي يتعيّن عليها معاقبة الفاسدين وسارقي المال العام وناهبي أملاك الدولة والجمارك والموازنات والقروض، للتوضيح فإن ساحات هذا الحراك تجمع اللبنانيين الحياديين المتحرّكين لإصلاحات اقتصادية واجتماعية وسياسية إضافة الى الموالين لأحزاب الشيوعي وحركة الشعب نجاح واكيم والسوري القومي الاجتماعي واليساريين السابقين والجمعيات الجديدة حتى أن هناك حضوراً لحزب البعث ومشاركة كثيفة للتنظيمات الناصرية.

لذلك ومع كشف قيادات الحراك الفعلي لتورط الاحزاب اللبنانية في حرف التحرك عن أهدافه الحقيقية يمكن القول إن مرحلة جديدة بدأت من عمر انتفاضة فعلية لن تسكت حتى تحقيق مطالبها في العدالة الاجتماعية والاقتصادية وتحرير السياسة من الطائفية والهيمنة الخارجية عليها.

جريدة البناء اللبنانية

أضيف بتاريخ :2019/11/05

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد