آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
صالح السيد باقر
عن الكاتب :
كاتب إيراني

متى ستوجه طهران الضربة الرابعة لواشنطن؟

 

صالح القزويني
الصمت الكامل الذي لاذت به الادارة الأميركية تجاه ناقلات الوقود الايرانية الى فنزويلا، يثير الدهشة ويحيّر العقول.
فبأي شكل كانت تريد واشنطن فيه تفسير القضية وشرح أسبابها وتداعياتها وخلفياتها، فان القاصي والداني يدرك انه انتصار كبير للسياسة والدبلوماسية الايرانية، وفي نفس الوقت ضربة مؤلمة للحصار الذي تفرضه الولايات المتحدة ضد ايران، وبكلمة فانه ضربة موجعة للهيبة الاميركية.
البعض عزا الصمت الذي لاذت به ادارة الرئيس دونالد ترامب الى أنها لم تكن تريد تضخيم هذا الحدث وتسليط الضوء الكبير عليه، خاصة وانها تعلم المحصلة النهائية له، وبما أنه لم يكن بوسعها سوى توجيه التهديد والوعيد وفي نفس الوقت لم تكن تريد القيام بأي اجراء ضد الناقلات فان تسليط الضوء عليه سيثير العديد من التساؤلات وعلامات الاستفهام حول امتناع واشنطن عن تنفيذ تهديداتها.
غير أن الحقيقة هي أن الادارة الاميركية لم يكن بوسعها الا أن تقف عاجزة عن التصرف أو اتخاذ أي اجراء عدواني ضد الناقلات، ولم يكن بوسعها سوى أن تبتلع هذا الخزي دون أن تبد أي رد فعل ضده، كما فعلت بالضبط تجاه اسقاط قوات حرس الثورة الاسلامية طائرتها المسيرة غلوبال هوك المتطورة في مياه الخليج الفارسي، وفعلت ايضا تجاه الصواريخ الايرانية التي امطرت قاعدة عين الأسد، فانها ابتلعت الضربتين دون أن تحرك ساكنا.
الا أن الذي يميز ضربتي الطائرة المسيرة وعين الاسد عن ناقلات الوقود هو أن ادارة ترامب هددت وتوعدت ايران قبل وبعد الضربتين ولكنها عندما لم تنفذ تهديدها ووعيدها اعتبر المحللون السياسيون أن ايران وجهت صفعة موجعة لهيبة وكرامة الولايات المتحدة، ويبدو أن ادارة ترامب اتعظت بالكامل من الدرسين الماضيين لذلك ما كانت تريد تكرار التجربة مرة أخرى حتى لا يقولن أحد أنها هددت ولم تنفذ وان طهران وجهت ضربة أخرى لهيبتها؛ لذلك التزمت الصمت الكامل تجاه قضية الناقلات وكأن شيئا لم يقع.
امتناع ادارة ترامب عن القيام بأي اجراء ضد الناقلات الايرانية يشجع طهران على القيام بخطوات أخرى مماثلة خاصة وأن مثل هذه الخطوات تعزز نظرية أن طهران تتمتع بارادة قوية وفي نفس الوقت بحكمة بالغة وأن جميع خطواتها مدروسة بعناية فائقة ولهذا تحقق النتائج والاهداف المرجوة، وفي نفس الوقت فان مثل هذه الخطوات تكسر الحصار الاقتصادي الذي تفرضه الولايات المتحدة عليها.
والى جانب أن القيام بمثل هذه الخطوات يلبي حاجة في نفس طهران، فان مبرراتها والأسباب التي دفعت ايران للقيام بها لا تزال قائمة، وأولها أن خطواتها شرعية مئة بالمئة ولا تتعارض مع أي قانون دولي، وما الحظر الاميركي الا اجراء احادي الجانب وأية دولة في العالم ليست مضطرة للالتزام به وتنفيذه، أضف الى ذلك فان الظروف الموضوعية التي سمحت لطهران القيام بذلك لا تزال قائمة، فقد وظفت طهران استعدادات ترامب لخوض الانتخابات الرئاسية لصالحها وتعلم جيدا أنه لن يقدم على أية خطوة محفوفة بالمخاطر وربما تعرض فوزه في الانتخابات القادمة للخطر.
السؤال المطروح هو هل أن طهران ستقدم على خطوة أخرى في اطار كسر الحصار الاقتصادي ضدها؟
بما أن انني أشرت الى أن مثل هكذا خطوات تسبب احراجا كبيرا لترامب، فان الوضع الذي يمر به في الوقت الراهن لا يحسد عليه، فالى جانب كارثة تفشي وباء كورونا والتي جعلت المصير السياسي لترامب على كف عفريت، فان الاحتجاجات التي عمت معظم الولايات الأميركية افقدت ترامب كل قدراته على ايجاد حل لوضعه المزري، وليس من المستبعد ان يكون ترامب يفكر اليوم بأية طريقة من أجل انهاء الوضع الذي يمر به، وليس من المستبعد أن يلجأ الى أساليب مخادعة لتحقيق ذلك.
من هذه الأساليب ابعاد انظار وتوجهات الاميركيين عن الوضع القائم وتوجيهها الى قضية ثانوية ولاتمت للواقع بصلة، من هنا فليس من المستبعد أن يستغل أية خطوة تقدم عليها طهران ويجيرها لتحقيق هذا الغرض، من هنا وما دامت الاحتجاجات مستمرة في الولايات المتحدة فانه من المستبعد أن تقوم طهران بخطوة أخرى لكسر الهيبة الاميركية فضلا عن كسرها للحصار.
كما أن أية خطوة تقدم عليها طهران لن يكون بوسعها سرقة الأضواء من الاحتجاجات الاميركية بل انه ليس من مصلحتها سرقة الأضواء عما يجري في الولايات المتحدة، طبعا هذا لا يمنع من أن تكون هناك وجهة نظر أخرى تركز على ضرورة اظهار ترامب على انه فاشل ولا يقتصر فشله على ادارة الوضع الداخلي وانما على القضايا الدولية ومن بينها الملف الايراني.

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2020/06/05

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد