آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
علي آل غراش
عن الكاتب :
كاتب وإعلامي

الشهيد السعيد دفن في مكة بلا تشييع ودون إبلاغ عائلته !!

 

(السلام عليكم، تفضل تفضل أقسم عليك بالله، بكسر الباء أن تتفضل، لا تقول مشغول، يا الله حياك الله، يقسم عليك بحق فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع المكنون فيها، .. وبعد حسن الضيافة، تأتي المرحلة الأصعب وهي التوديع، .. انه لا يحب أن يفارق من يحبهم)، - هكذا يتعامل الشهيد جواد السعيد عندما يلتقي ويرحب بأصدقائه، فهو يتميز بالكرم والبساطة والتواضع وطيبة القلب وسعة الصدر وطهارة النفس، وبالابتسامة التي تشرق على محياه، - ورغم انه يكره فراق من يحبهم، ولكنه فارق أحبته بشكل مفاجئ وبطريقة مؤثرة ستجعله مخلدا، لقد رحل شهيدا وهو في ضيافة الله في الحج، ولكن كيف؟

 

الشهيد ابو محمد جواد السعيد، ذهب إلى الحاج هذا العام بفرحة غامرة للقاء الخالق العظيم في بيته العتيق، أنقطع الأتصال به منذ يوم العيد مع انتشار أخبار كارثة مشعر منى، وأصبح من المفقودين، عاد الحجاج إلى ذويهم، بينما أهل السعيد ينتظرون، وعادت جثث الشهداء - في فاجعة مشعر منى – في توابيت، ولم يكن الحاج السعيد من ضمنهم، ازداد القلق والخوف من عدم العثور عليه بين الشهداء ولا بين المصابين في المستشفيات، بينما المسؤولون يرددون ببرود: انه مفقود!!. ترديد كلمة مفقود تزيد القلق والخوف والغضب لدى أهالي وأصدقاء الحاج السعيد، هل انشقت الأرض وبلعته؟!.

 

بعد أكثر من أسبوع - من وقوع كارثة مشعر منى، - والانتظار القاتل والبحث في كل مكان عن المفقود الحاج السعيد وعن بقية المفقودين، أنتشر خبر شكل صدمة للجميع، بان الحاج جواد السعيد تم العثور عليه، وانه موجود تحت الأرض، فقد تم دفنه مع العديد من الحجاج منذ الأيام الأولى من وقوع الكارثة، وانه تم التأكد من الشخصية من خلال البصمات التي أخذت للشهيد قبل الدفن!!.

 

لماذا كل هذا التأخير، وكيف لم يتم التعرف عليه وإعلان شهادته قبل دفنه من خلال البحث في سجل البصمات فهذه العملية لا تحتاج لوقت في ظل التقنية الحديثة، ولماذا دفن دون إبلاغ أهله، والاستئذان منهم في الدفن، وحضورهم فهم من أهل الوطن؟.

 

لماذا دفن دون مراسيم غسل خاصة تتناسب مع مرتبة الشهداء، ويصلى عليه ويشيع ويزف لقبره في المقبرة التي يتمنى أن يدفن فيها بموافقة وحضور عائلته ومحبيه، فعائلته تعيش في حالة صعبة جدا، وزادت الفجيعة بمعرفة استشهاده، وكبرت المصيبة بخبر دفنه دون وداعه وتشييعه؟؟؟!!!.

 

من حرم عائلة الشهيد جواد السعيد ( أولاده وبناته وزوجته وإخوانه وأخواته)، وأقربائه وأصدقائه ومحبيه، من حق النظر إليه وتوديعه وتشييعه، والمشاركة في الصلاة والدفن لتطمئن قلوبهم؟؟.

 

 

ما أسباب الوفاة، وكيف يدفن دون موافقة المتوفي؟.

 

من يحاسب الجهات الرسمية التي تسببت في وفاته ودفنه دون إبلاغ عائلته وأخذ الموافقة، والتستر على خبر الدفن لمدة تزيد عن الأسبوع؟.

لماذا لا تبادر السلطات بتقديم الاعتذار عن تقصيرها للأهالي المفجوعين؟.

هل يوجد تعويض - حول التسبب في القتل والتقصير - لأبنائه القصر؟.

أين بقية المفقودين في الحج، هل تم دفنهم دون إبلاغ عوائلهم، مثل: الحاج عبدالله ال إبراهيم، والحاج عبدالعزيز ال ربح؟.

 

على أبناء المجتمع التضامن مع أهالي الشهداء والمفقودين، في كارثة مشعر منى وغيرها، فالمصاب مصاب الجميع، فأهالي الشهداء والمفقودين والمعتقلين بحاجة إلى الدعم والمساندة والتضامن فهم يشعرون بالقلق الشديد.

 

الشهيد جواد السعيد، من أهل الدمام جذوره من بلدة الفضول في منطقة الأحساء، رجل مكافح محب للعلم والتعلم، ومعرفة أسرار التقنية الحديثة متخصص في الكمبيوتر، وطوال العقود الماضية منذ معرفتي به أي الصديق الشهيد جواد السعيد، وجدته - رغم قسوة الحياة، والظروف المحيطة والمحبطة – شخصا عظيما يملك إرادة أيمانية فولاذية لا تقهر لمواجهة التحديات والصعاب، وابتسامة دائمة تعبر عن حالة التوكل والاطمئنان والشفافية، ويتميز بهدوء وخفة دم، وبتقديم النصيحة والمبادرة بخدمة الآخرين، وإرسال المواد والمعلومات المفيدة والقيمة الدينية والعلمية، وهي حقا مواد ثمينة جدا مازلت أحتفظ بها. في أخر مكالمة معه، استشارته أي جهاز أفضل الايفون أو الجلاكسي، فقال: الايفون أفضل من ناحية الصناعة والبرامج، ولكن الجلاكسي أفضل لان معلوماتك وصورك لا تخزن لديهم كما هو معمول في الايفون حيث المعلومات كلها تحت سيطرة الأجهزة الأمريكية، وكان الشهيد دائما يضع الحكمة التالية في رسائلها باللغة الانجليزية:

With great power comes great responsibility. From small thing … comes great power.

This is my belief / Jawad H Al – Saeed

الشهيد جواد السعيد، يملك شخصية قوية، ولهذا عشق التحدي وتحمل المسؤوليات العظيمة في حياته، وخاض تجارب كثيرة، كما أنه يملك ضميرا حيا يعشق العدالة والحرية ويرفض الظلم والفساد..، ويحمل قلبا ينبض بالمحبة للآخرين، وروحا طيبة وأخلاقا عالية، يتميز بالبساطة والتواضع والكرم والبعد عما يجعله يركن للأرض.

 

جواد السعيد ابو محمد، اختاره الله أن يكون شهيدا في أقدس بقعة مكة المكرمة، وفي أعظم الأيام يوم عيد الأضحى، وأن يدفن وحيدا غريبا مظلوما، على طريقة وسيرة من يحبهم ويعشقهم وهم الأئمة الأطهار، - وربما في ذلك رسالة لنا - حيث كان الشهيد السعيد من الموالين المتمسكين بالمنهج المحمدي الأصيل، والمؤمن بمظلومية السيدة الزهراء، وبموالاة وإمارة علي، وبحكمة وصبر الإمام الحسن، وبإحياء نهضة ثورة الإمام الحسين، وبروحانية الإمام زين العابدين، وبعلم وعمل الإمام الباقر، وبالمنهج العلمي والثقافي العالمي للإمام الصادق، وبصبر ومسؤولية الإمام الكاظم، وبغربة وعظمة الإمام الرضا، وبمعجزة وتفوق وكرم الإمام الجواد، وبعطاء وتضحيات الإمام الهادي، وبتحمل المسؤولية وعمل الإمام العسكري، وبالاستعداد لظهور الأمل لإحقاق الحق وإقامة القسط الإمام المهدي المنتظر (عج).

 

نسأل الله تعالى أن يرحم الأخ والصديق الشهيد جواد السعيد بواسع رحمته، ويسكنه فسيح جناته، ويحشره مع النبي محمد واله (ص)، وأن يلهم أهله ومحبيه الصبر والسلوان، عظم الله أجوركم، ولكم منا خالص العزاء، وبالخصوص إلى محمد أبن الفقيد الأكبر ولجميع أفراد العائلة ومحبيهم.

 

أليس دفن شهيد قبل التعرف عليه، ودون إبلاغ عائلته وحضورهم لتوديعه، وبلا مراسيم الغسل والتشييع تعتبر جريمة؟.

 

ساعد الله قلوب أفراد عائلته ومحبيه الذين حرموا من إلقاء نظرة الوداع الأخيرة على حبيبهم.

الله سينتقم من تسبب وساهم في شهادة وإصابة وفقدان الآلاف، وقتل فرحة العيد، وفرحة أهالي الحجاج، والرحمة على روح الشهداء، فأرواح الشهداء حية لا تموت.

 

علي ال غراش

أضيف بتاريخ :2015/10/06

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد