آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
محمد العوفي
عن الكاتب :
كاتب سعودي

أهمية تحديد خط الفقر


 محمد العوفي ..

في العام 2015 قام البنك الدولي - بعد أكثر من ست سنوات - بتحديث خط الفقر العالمي ليصبح 1.9 دولار بزيادة 65 سنتا عما كان عليه في 2008، هذه الأرقام يفترض أنها رُوجعت وحُدثت في أبريل الماضي من العام الجاري لتتوافق مع تطور الفروق في تكلفة المعيشة حول العالم. التعديل الأخير ساهم في انضمام نحو 148 مليون شخص إلى قائمة المعدمين السابقين والبالغ عددهم 836 مليونا ليصبح عددهم الإجمالي نحو 984 مليونا وفق الحسابات البسيطة رغم أن البنك كشف في تقريره الأخير انخفاض عدد الذين يعيشون تحت خط الفقر الجديد لأول مرة دون 10% من سكان العالم، ليصل إلى 702 مليون شخص لعوامل عدة ليس لاستراتيجيات البنك دور فيها، مثل تحسن اقتصاد دول عدة كالصين والهند وغيرها.

ومستوى الفقر يتم تحديده من خلال المجموع الكلي للموارد الأساسية والتي يستهلكها الأفراد البالغون في خلال فترة زمنية معينة غالبا سنة، وفي السنوات الأخيرة أدخل عليه الاقتصاديون في الدول المتقدمة عناصر جديدة مثل أسعار العقارات وتكاليف استئجار المساكن لأهميتها في تحديد خط الفقر.

وإيمانا بأهميته، قامت معظم الدول بتحديد خط الفقر الوطني، وهو يختلف من دولة إلى أخرى قياسا على مستوى الدخل والقوة الشرائية، كما أنه يتغير من عام إلى آخر، ولذلك تقوم هذه الدول بمراجعته بشكل دوري وتحديثه، لإيمانها بأن تحديده يعد أول الخطوات لمواجهة الفقر، والقضاء عليه بما يتوافق مع أهداف الألفية الثالثة المتعلقة بالقضاء على الفقر بكل أشكاله والجوع وضمان تمتع الجميع بأنماط عيش صحية، وضمان توافر المياه وخدمات الصرف الصحي للجميع.

ففي سويسرا قدرت الحكومة مستوى الفقر في 2014 عند 29.50 ألف فرنك (29.5 ألف دولار) سنويا، واعتبرت الحكومة النرويجية كل من يقل دخله عن 11.7 ألف دولار سنويا فقيرا، وفي اليابان يعد من يحصل على دخل قدره 1.22 مليون ين يابانى (8 آلاف و786 يورو) تحت خط الفقر، وفي بريطانيا يمثل الدخل السنوي البالغ 16.49 ألف جنيه إسترليني سنويا المعيار الرسمي لتحديد الواقعين تحت خط الفقر، وحدد الدخل الأسبوعي المقدر لخط الفقر عند 347 جنيها إسترلينيا بعد خصم الضرائب بالنسبة إلى زوجين مع طفليهما، أو ما يعادل 165 جنيها إسترلينيا لشخص بالغ دون أطفال، وفي مصر، حدد الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء خط الفقر الأدنى ببلوغ نصيب الفرد من الدخل السنوي 3920 جنيها، بينما خط الفقر الأعلى يبلغ عنده إجمالي دخل الفرد 5066 جنيها سنويا.

هذه المؤشرات لا يمكن فصلها عن سياقها التنموي الصحيح، فهي دلالة واقعية على مستوى الفقر، ومن هو الفقير؟ وأين يوجد؟ هذه المؤشرات تمكن من إعادة صياغة المبادرات والخطط الحكومية بما يسهم في رفع مستوى دخول هذه الفئة، ومنحهم أولوية قصوى في برنامج التنمية الاجتماعية، وتقديم فرص عمل جديدة لهم، وزيادة الخدمات الموجهة للمناطق الفقيرة ذات الأولوية بهدف تحسين نوعية الحياة.

ومع إطلاق الرؤية السعودية 2030 التي إحدى أولوياتها رفع المستوى المعيشي للمواطنين، لا يزال تحديد خط الفقر مغيبا أو معطلا، ففي العام 2014 طالب مجلس الشورى وزارة الشؤون الاجتماعية بأن تحدد خط الفقر في المملكة، ومنذ ذلك الحين بقيت هذه التوصية أو المطالبة حبيسة الأدراج، ولم تر النور أو يتم تفعيلها رغم أهميتها في بناء إستراتيجية فعالة لمكافحة الفقر، لذا فشلت إستراتيجية مكافحة الفقر التي أعدتها وزارة الشؤون الاجتماعية في تحقق الأهداف التي أعدت من أجلها، ودليل فشلها تزايد أعداد المستفيدين من برامج الضمان الاجتماعي سنويا.

أعتقد تحديد خط الفقر يفترض أن يكون من أولويات آليات المرحلة القادمة من برامج مكافحة الفقر والقضاء عليه، لأنه سيساعد في تحديد المستوى المستهدف لرفع المستوى المعيشي الذي يتجاوز مستوى الفقر إلى مستوى الكفاف ومن ثم الدخل المتوسط، ومتى وأين تتوقف برامج الدعم؟

صحيفة مكة

أضيف بتاريخ :2016/05/27

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد