آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
شافي الوسعان
عن الكاتب :
كاتب سعودي (الشرق سابقاً - الوطن حالياً)

كفيل غارم لوزارة الإسكان


شافي الوسعان ..

يمكن قياس نجاح المسؤول من عدمه، بمقارنة نسبة الراضين إلى الساخطين، كما أن نجاح المسؤول يعتمد دوما على عدد المستفيدين من الخدمات التي يقدمها

صحيح أن البعض قد بالغ في نقده وزارة الإسكان، لكنه قد أفلح من حيث وصفه لها بوزارة الإسكات، ليكون اللفظ متفقا مع المعنى، فإني أشعر أن هذا هو ما يجب أن يُطلَق على وزارة الإسكان، بعد أن صارت تبحث عن استفزاز الناس وإسكاتهم أكثر مما تبحث عن طمأنتهم وإسكانهم، وأرجو من الإخوة المسؤولين في هذه الوزارة، ألا ينزعجوا من إضافة نقطة، وأن يتحلَوا بذات الروح التي تحلى بها المتضررون من إضافتهم إلى كثير من التعقيدات التي جردتهم من كل شيء؛ بل قادتهم إلى الحرمان مما اعتبروه ضمانةً من الدولة لهم منذ سنوات، مع أنهم يثقون بوعود الدولة أكثر مما يثقون بأي وعد آخر، وإذا لم يدرك الإخوة المسؤولون في وزارة الإسكان فظاعة عملهم وإضرارهم بالناس، فلهم أن يتخيلوا شعورَ إنسان قضى النصف الأول من حياته في انتظار سكن، ولما دخل في النصف الثاني أُخبِر أن الشروط غير منطبقة عليه، فأخطر ما تفعله وزارة الإسكان هو محاولة الهروب إلى الأمام، وحل المشكلة بتعقيدها أكثر من أجل صرف الناس عنها، أو إقناعهم بالقليل، وهي طريقة معروفة يُلجأ إليها حين اليأس من إمكانية حل المشكلة، وليت الإخوة في وزارة الإسكان يعرفون أن كل مشكلة يمكن أن تُحَلَّ بهذا الشكل إذا كانت نتيجتها حرمان أكبر عدد من الناس، فلو أعطيتموني أكبر مشكلة في العالم، فإن بإمكاني وضع أنظمة لئيمة أستبعد بموجبها الجميع، ثم أقول لكم بكل ثقة: من تنطبق عليه الشروط فستُحَلُ مشكلته في نفس اليوم، بل سأرفع عقيرتي متحديا: من يأتني بمواطن واحد تنطبق عليه الشروط ولم تُحَلْ مشكلتُه، فسأعلن استقالتي على الفور!، فإن من يتابع بعض التصريحات والتشريعات الصادرة عن وزارة الإسكان، يشعر أنها لا تبحث عن حلول بقدر ما تبحث عن أشواك تضعها في طريق حصول المواطن على سكن!، والواقع أنها نجحت في ذلك بشكل كبير، لكنها خلقت نوعا من حالات السخط والتذمر وعدم الرضا بين المواطنين؛ وصلت إلى حدها الأقصى، ولو علم المسؤولون بمآلاتها ومبلغ تأثيرها، أو سمعوا بما قال الناس عنها فلربما أصيبوا بالصدمة، ولوجدوا أن مصارحة الناس بصعوبة حصولهم على سكن أهون ألف مرة من كل هذا التعقيد، فكثيرا ما يكون الحرمان أهون من العطاء، وإنه لا شيء أضيع للعمل من أن يتبعه مَنٌّ أو أذى، والمؤلم أن القرض السكني تُفرَضُ عليه كل هذه القيود، ويُصَعَّبُ إلى هذا الحد، وتُقتنص فيه الفرص من أجل استبعاد المواطن من الخدمة، مع أنه دَين لا هبة، بل لا يختلف عن أي قرض آخر يحصل عليه المواطن من أي بنك، سوى أنه بلا فوائد، كما كان بأقساط ميسرة وشاملا لجميع المواطنين موظفين وغير موظفين دون كفيل، لكن الفائدة لا تذكر بالنسبة إلى أسلوب "التطفيش" الذي تمارسه وزارة الإسكان، كما أن الوزارة بلائحتها التنفيذية المعدلة قضت على كل هذه المزايا المحدودة، ووضعت حدا لأحلام المواطنين الراغبين في الحصول على سكن من الطبقة المتوسطة وما دونها، برفعها نسبة السداد من الراتب وباشتراطها وجود كفيل غارم!، ولا أدري أين سيجد الناس هذا الكفيل الانتحاري الذي سيلف حول وسطه حزاما ناسفاً بـ500 ألف ريال!، أتحدى المسؤولين في وزارة الإسكان أن يثبتوا وجود مواطن واحد حصل أو سيحصل على قرضه السكني بتحقيقه هذا الشرط!.

النجاح عملية نسبية، ويمكن قياس نجاح المسؤول من عدمه؛ بمقارنة نسبة الراضين إلى الساخطين، ومن خلال هذه النسبة يمكن الحكم له أو عليه، كما أن نجاح المسؤول يعتمد دوما على عدد المستفيدين من الخدمات التي يقدمها، فالناجح هو من يبحث عن مبررات من أجل إدخال الناس في الخدمة، أما أولئك الذين يقتنصون الفرص من أجل طرد الناس واستبعادهم، فلا شك أنهم أبعد ما يكونون عن النجاح؛ وليس في جعبتهم إلا تصعيب الحلول واختلاق الأعذار، بهدف التنصل من تقديم الخدمة.

ومن المؤسف، أن بعضا من المسؤولين وصل بهم الحال إلى أن يقضوا جل أوقاتهم في "تصريف" الناس بدلا من التفكير في حل مشكلاتهم، حتى شاعت هذه الطريقة عند أكثر من جهة؛ مما أوصلها إلى أن تكون ظاهرة تسترعي الانتباه، والقلق أيضا.

لذا، فإني أقول لأي مسؤول من هذا النوع: حين تكون ليست لديك حلول منطقية، فليس عيبا أن تستفيد من تجارب الآخرين وخبراتهم، ممن تميزوا في مجال معين، ووصلوا بالعميل إلى أقصى درجات الرضا، ولو احتجت أن تزور بعضا من الدول وتستنسخ تجاربهم في ذات المجال.
صحيفة الوطن أون لاين

أضيف بتاريخ :2016/06/05

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد