ناصر قنديل

  • هل قرّرت «إسرائيل» لعب أوراقها جنوب سورية؟

    – لو شغّلت جماعات أميركا والسعودية و»إسرائيل» الجنرال غوبلز رئيس قسم الدعاية لدى هتلر في إدارة حملة دعائية للتلاعب بالعقول تجاه ما شهدته منطقة السويداء جنوب سورية، لما أفلحت أطنان الأكاذيب ومعها ذرف الحلفاء لدموع التماسيح، في أنه يمكن الفصل بين إسقاط «إسرائيل» طائرة السوخوي السورية فوق الجولان في ذروة المعركة مع تنظيم داعش، وبين انطلاق مجموعات داعش المسلّحة نحو السويداء لارتكاب مجرزة هائلة ومروّعة من منطقة قريبة من قاعدة التنف الأميركية، والمرور تحت أنوف الأميركيين، وبين فشل زيارة وزير الخارجية ورئيس الأركان الروسيّين لتل أبيب في صياغة تفاهم حول العودة إلى اتفاق فك الاشتباك، وبين تأجيل أميركي للقمة بين الرئيسين الأميركي والروسي من خريف هذا العام إلى العام المقبل، وتبديد مناخات التفاؤل التي رافقت قمة هلسنكي بين الرئيسين.

  • سوخوي

    – «إذا كنا لا نستطيع منع تحقيق النصر، فعلينا على الأقل تنغيص الاحتفال به». هذا العنوان الذي يكرّره قادة الجيوش المهزومة في الحروب يصلح لوصف الوضع «الإسرائيلي» في جنوب سورية، حيث تقصّد «الإسرائيليون» تصوير حركة طائرة السوخوي السورية على تخوم نقاط فك الاشتباك، دخولاً في أجواء الأراضي المحتلة لإسقاطها، وهم يعلمون أنهم وفقاً لاتفاق فك الاشتباك فإنّ مجرد تحليق الطيران السوري على مسافة كليومترات من خطوط الفصل يعني خرقاً للاتفاق، وبالمثل أيّ تحليق «إسرائيلي» قرب الأجواء السورية فكيف بالإغارة على أهداف في الأراضي السورية، فالتذرّع بالقواعد المعمول بها، لإسقاط الطائرة وهي قواعد فك الاشتباك مدعاة للسخرية، بينما يعلم «الإسرائيليون» أنّ الطائرة كانت تغير على أهداف لتنظيم داعش في منطقة اليرموك.

  • ماذا حمل لافروف وغراسيموف لنتنياهو؟

    – بدلاً من أن يذهب رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو إلى موسكو ويلتقي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قرّر بوتين إيفاد وزير خارجيته سيرغي لافروف ورئيس أركانه فاليري غراسيموف للقاء نتنياهو. واللقاء هو التواصل الروسي الإسرائيلي الأول بعد قمة هلسنكي التي جمعت الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين، وتناولت بالتفاصيل الوضع في سورية، وقدّم في ختامها بوتين مفهوماً للتوافق الروسي الأميركي بعناوين، العودة لفك الاشتباك الموقع عام 1974 بين سورية و»إسرائيل» عام 1974، ولكن بصفته جزءاً من تطبيق القرار 338 والقرار 242 الصادرين عن مجلس الأمن الدولي، كما ورد في اتفاق فك الاشتباك حرفياً، ومضمون القرارين الانسحاب الإسرائيلي من الجولان المحتل. وبالتوازي ربط مستقبل الوجود الإيراني ووجود حزب الله في سورية بالقرار السيادي للدولة السورية، وتعميم نموذج الجنوب السوري على الشمال لجهة تسهيل انتشار الجيش السوري حتى الحدود، وانسحاب الجيوش الأجنبية، والمعني هنا الأميركي والتركي، بحلّ سياسي يضم الأكراد ويلبي بعض مطالبهم الرئيسية وينهي مشروع الانفصال، فتسقط أسباب بقاء الأميركيين والأتراك معاً في شمال سورية.

  • إشارات التسليم بانتصار الأسد: الخوذ البيضاء وعودة النازحين... «لحقوا حالكن»!

    – لن تنجح محاولات التموضع السريع لبعض المراهنين في لبنان على استمرار الحرب على سورية، في تغيير حقيقة وقوفهم على ضفة الخاسرين لرهانين معاً، رهان الحرب ورهان ربط عودة النازحين بالحلّ السياسي، كما لن تنجح محاولات مماثلة لمراهنين غير لبنانيين على تضييع حقيقة الاستثمار الاستخباري للملف الإنساني. منذ اليوم الأول للحرب، وهم يخسرون الرهانين، رهان استعمال العنوان الإنساني لوظائف استخبارية سقط إلى غير رجعة بترحيل الخوذ البيضاء إيذاناً بتفكيك منظمتهم وإنهاء مهمّتها، ورهان تصوير هذا الإجلاء الاستخباري عملاً إنسانياً.

  • «إسرائيل» المحاصَرة تحاصِرُ نفسَها

    – لا يحتاج القانون الإسرائيلي الخاص بتثبيت الهوية اليهودية لكيان الاحتلال إلى شرح بصفته قانونا عنصريا، أو بصفته قانوناً عدوانياً على الوجود العربي الفلسطيني في الأراضي المحتلة عام 1948 يمهّد لتهجيرهم كفائض سكاني مقلق لنقاء الهوية اليهودية، ويُسقط في آن أي حديث عن مبرر لقبول فلسطيني وعربي بمفهوم الدولتين كإطار للتسوية، الذي قام أصلاً على توافق ضمني بحقوق مدنية وسياسية للعرب الفلسطينيين في الأراضي المحتلة العام 48 مساوية للمستوطنين الصهاينة، حتى كان المتطرفون الصهاينة يبررون رفضهم قيام دولة فلسطينية، بالقول إن الفلسطينيين سيربحون دولة ونصفاً، دولة فلسطينية، ونصف دولة بمشاركة العرب الفلسطينيين في الكيان المقام على الأراضي المحتلة عام 48، بحيث صار ما بعد القانون الجديد يعني أن القبول الفلسطيني والعربي بتسوية الدولتين تتضمّن قبولاً بتهجير العرب الفلسطينيين من الأراضي المحتلة عام 1948، ليضاف هذا القانون لاعتماد القدس كعاصمة موحدة لكيان الاحتلال، واستبعاد مطلق للتفاوض على عودة اللاجئين، وحصر التفاوض بحجم السيادة في مدن الضفة وغزة، ما يعني شرحاً كاملاً لمفهوم عروض التسوية الإسرائيلية للقضية الفلسطينية المتبناة أميركياً وخليجياً مشروع مذبحة مفتوحة بشرياً وثقافياً وتاريخياً ودينياً ووطنياً.

  • فرصة لبنانية قد تقطفها تركيا: النازحون والترانزيت

    – ثابتتان واضحتان لجهة التطورات الجارية في سورية والمحيطة بها لهما صلة مباشرة بفرص متاحة لدولتين جارتين لسورية هما لبنان وتركيا، الثابتة الأولى هي أنّ فتح معبر نصيب على الحدود السورية الأردنية يلاقي ترحيباً وتسهيلاً دولياً وأردنياً، رغم التلاعب السياسي الكثير بكلّ ما يشرعن النصر السوري، والواضح أنّ الاستثناء يشمل فتح هذا المعبر الحدودي لجهة السعي لضخ المزيد من دماء الحياة في شرايين الاقتصاد الأردني التي تعاني الجفاف. والطريق للبضائع الأوروبية إلى الخليج يمرّ بمعبر نصيب، لكن بدايته تكون عند مرفأ بيروت أو عند معبر باب الهوى على الحدود السورية التركية. وبين لبنان وتركيا فرص الاستثمار الأولى لهذا التطوّر، أما الثابتة الثانية فتتصل بمستقبل ملف النازحين الذي خرجت قمة هلسنكي بين الرئيسين الأميركي والروسي بإشارة واضحة للتفاهم على فصله عن المسار السياسي بعد زمن من الإصرار الأميركي الذي تجسّد بمواقف أممية وأوروبية مساندة لربط عودة النازحين السوريين بالحلّ السياسي، في زمن الشروط الأميركية للحلّ، والتي تبدو قد تراجعت من الواجهة ورتبت الإفراج عن عودة النازحين، وبين لبنان وتركيا فرص الاستثمار الأولى لهذا الفصل.

  • معادلات هلسنكي للعالم الجديد

    – إذا وضعنا جانباً ما يتصل بقراءة موازين القوى التي عبّرت عنها قمة هلسنكي بين الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين، يمكن استخلاص المعادلات التي أسفرت عنها القمة، والتي ستشهد المزيد من التطوّر تمهيداً لمسار ربما يحتاج السنتين الباقيتين من عمر ولاية ترامب ليتبلور بإنجازات تمهّد له الولاية الثانية التي ستكون فرصة تظهير المعادلات الجدية بوضوح أشدّ وتحويلها قواعد حاكمة في المشهد الدولي وإدارة الاقتصاد والسياسة فيه.

  • ترامب في مواجهة العاصفة

    – قبل أن تطأ قدما الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأراضي الأميركية انطلقت حملة استهداف عنيفة بوجهه، تشارك فيها متطرفو الجمهوريين الداعين لمواصلة خيار الحروب الانتحاري، في ظل موازين اختبرها الجمهوريون والديمقراطيون بالتتابع خلال ولايتين لكل من الرئيسين جورج بوش وباراك أوباما، وتصدرها الديمقراطيون بخلفيات تنافسية وانتقامية، ولكن بصورة رئيسية تمهيداً للانتخابات الرئاسية المقبلة، والانتخابات النصفية للكونغرس. ومع هؤلاء الإعلام الغاضب من تغطرس ترامب في معاملته وقد وجد فرصة للتصيد بدرجة الحضور الباهت لترامب في القمة، وظهوره ضعيفاً أمام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، واتهامه بقبول التجريح بالمخابرات الأميركية وعدم قيامه بالدفاع عنها، كما يفترض برئيس أميركي.

  • هكذا خرج بوتين منتصراً من هلسنكي

    – كان واضحاً أن أصل ما أراده صناع القرار الأميركيون من رئيسهم عندما أفرجوا عن عقد القمة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أن يتفادى مساعي بوتين لجذبه إلى ملعب تظهر فيه روسيا شريكاً كاملاً في الملفات الدولية العالقة والمتأزمة. فهذا اعتراف بسقوط الأحادية التي تدير عبرها واشنطن السياسة في العالم، والمطلوب الاكتفاء بالاعتراف بالشراكة الجزئية في ملفات تؤثر فيها روسيا وخصوصاً سورية وأوكرانيا، والسعي لمقايضات في الملفين، تسليم بنصر روسيا في سورية مقابل جعله خسارة لإيران، وبالمقابل التخلص من العقوبات مقابل التسليم بحل وفق الرؤيا الأميركية في أوكرانيا.

  • فك اشتباك دولي وإقليمي أم تشبيك؟

    – لا تزال محاولة الإنكار لسقوط المشروع الإمبراطوري الأميركي تتحكم بالقرار الذي يصنع السياسة الخارجية، رغم امتلاء الحملة الانتخابية للرئيس دونالد ترامب بمعادلات من نوع نريد أن نعود الدولة العظيمة وسئمنا من دور الدولة العظمى، أو شعار أميركا أولاً، أو لسنا شرطي العالم، أو الحاجة لتفاهم عميق مع روسيا حول إدارة الأزمات الدولية. فالواضح أن السياسات الفعلية لإدارة الرئيس الأميركي، والتعيينات التي باتت عنوان إدارته، تقولان إن واشنطن محكومة برؤيا مخالفة هي الرؤيا التي يصر عليها القادة العسكريون ومعهم مجموعات الضغط التي تمثل الصناعات العسكرية، وهي رؤيا لا تزال تأمل بترميم موازين القوى المختلة ضد مصلحة واشنطن في ميادين المواجهة، رهاناً على الدور السحري لسياسة العقوبات.

  • لا حلول في قمة بوتين ترامب بل حلحلة

    – تشخص أنظار العالم نحو القمة التي ستجمع الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين في هلسنكي الإثنين المقبل. ويترقّب حلفاء الدولتين الأعظم في العالم المتموضعون على ضفتين متقابلتين في حرب مشتعلة على جبهات عدة، ما ستحمله القمة من جديد ينعكس عليهم بالتبريد أو التصعيد. وكثير منهم يخشى تفاهمات تتضمّن تسويات وربما مساومات على حسابه. وليس خافياً أنّ سورية التي ستحتلّ مكانة متقدّمة في القمة ليست موضوعها الوحيد، كما أنّ ما يتصل بها سينعكس حكماً على سواها.

  • لم ولن تُكسَر معادلات 12 تموز 2006

    – لا حاجة للقول إنّ معادلات حرب تموز 2006 أبعد من لبنان وقد تموضع على ضفتيها حلفان هما ذاتهما لبنانياً وعربياً يتقابلان اليوم في سورية. كما لا حاجة للقول إنّ الحرب على سورية كانت أبرز محاولة لكسر معادلات حرب تموز بكسر ظهر القلعة التي استند إليها حلف النصر في تموز. ولا حاجة للقول أيضاً إنّ أوّل القلق من نتائج معادلات تموز كان «إسرائيلياً» على ما سيحدثه النصر في فلسطين، تأسيساً على ما فعله نصر العام 2000 في الداخل الفلسطيني، فكانت الانتفاضة وتلاها الانسحاب «الإسرائيلي» من غزة، ولا مجال لقطع الطريق على المزيد إلا بكسر معادلات نصر تموز.