ناصر قنديل

  • ماذا طلب نتنياهو وماذا سمع في موسكو؟

    – تقول مصادر متابعة لزيارة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو إلى موسكو هذه المرة، إن الآمال التي عقدها نتنياهو على القمة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كانت منخفضة بعد تجارب القمم السابقة بينهما والآمال العريضة التي بناها نتنياهو عليها وجاءت الأحداث وتعامل موسكو معها معاكسة لآماله، وزاد من تواضع التوقعات، رغم الحفاوة في الاستقبال، ما كان من مواقف روسية في الحرب السورية بعد كل زيارة يقوم بها لموسكو ويروّج بعدها نجاحات وآمالاً. وزاد من تخفيض السقوف والآمال القلق الإسرائيلي من التجاهل السوري للعرض الإسرائيلي بالعودة إلى اتفاق فك الاشتباك المعمول به منذ العام 1974 والذي قامت حكومة نتنياهو بالعبث به وإلغائه من طرف واحد، رغم النصائح والتحذيرات الروسية المعاكسة. ففي هذه الزيارة كان نتنياهو يدرك أنه لا يملك فرصة ترف التعالي ورفع السقوف.

  • ماذا يعني تجاهل سورية عرض نتنياهو؟

    – ما إن وضعت الحرب في الغوطة أوزارها ورسمت مشهد سورية الجديد حتى دخلت القيادات والإعلام في كيان الاحتلال في خطاب سياسي إعلامي جديد. واضح أنه مدروس ومنسّق، وواضح أنه يشكل خلاصة قراءة المسار الافتراضي المقبل لسورية. مسار لا مكان فيه لأوهام تغيير موازين القوى. مسار ستكون اليد العليا فيه للدولة السورية وجيشها ورئيسها. مسار لا تنفع معه المكابرة والإنكار لجهة مصير مشروع الحرب على سورية وإصابته بالفشل، والخطاب الجديد يقوم على ثلاثية، ركيزتها الأولى إشهار هذا الاعتراف بالحقيقة السورية، حقيقة تدحرج الانتصارات السورية واستحالة صدّها، وركيزتها الثانية إعلان الاستعداد للعودة إلى تفاهم فك الاشتباك الموقع عام 1974 والذي أسقطته «إسرائيل» علناً وعمداً لاستبداله بخطّتها الجاهزة لبناء حزام أمني، بالتعاون مع تنظيم القاعدة بفرعها السوري المسمّى جبهة النصرة، كقوة صلبة متماسكة عقائدية تراهن «إسرائيل» على صناعة استقرار حدودي لعقود بوجودها، وتشكل درعا قلبها بعد طول استثمار على التلاعب بأوراق الجنوب السوري بشراكة إسرائيلية سعودية قطرية أميركية بريطانية كتب عنها الكثير وسيكتب عنها أكثر. أما الركيزة الثالثة فكانت ربط مشروع تسوية تنتهي بانتشار الجيش السوري بالتراضي في الجنوب باشتراط يتراوح بين الانسحاب الكامل لإيران وحزب الله من سورية، والانسحاب من الجنوب بعمق يتراوح بين 25 و40 كلم. وحده الأدنى عدم مواكبة الجيش السوري في المناطق التي سيدخلها بموجب التسوية بوحدات من حزب الله أو من إيران.

  • ليس معبراً حدودياً بل المعبر إلى الحرب ومنها

    رغم كل الضخ الإعلامي للإيحاء بوجود تسوية سبقت وصول الجيش العربي السوري إلى الحدود مع الأردن وتسلّمه المعبر الحدودي مع الأردن، يعرف كل متابع أن التسوية في جنوب سورية سقطت، وأن سقوطها تسبّب بلجوء الجيش السوري للحسم العسكري،

  • من هرمز إلى درعا وبالعكس

    – قبل عشر سنوات كان كل شيء في درعا وفي كل سورية طبيعياً. وكان عنوان المواجهة الدائرة في المنطقة ماذا لو أغلق مضيق هرمز في مواجهة أميركية إيرانية؟ وكانت عشرات الدراسات الأميركية والغربية تدور في محاولة الجواب عن هذا السؤال، بعدما بدا أن الفشل الأميركي في حربي أفغانستان والعراق يعود بنسبة كبيرة للعجز عن تطويع إيران. كما كانت الحرب فشلاً بذاتها لمشروع التطويع الذي شكل أحد أهدافها. وجاءت حرب تموز 2006 على لبنان وحرب غزة في 2008 لتقولا أن سيناريو الحرب على إيران لن يكون نزهة، وأن استبعاد خيار الحرب على خلفية السعي لتطويق إيران وإضعافها، واحتواء ملفها النووي وسلاحها الصاروخي، يجب أن تستمر بطرق لا تنتهي بالذهاب للحرب.

  • بومبيو للحريري: نفط وحكومة وحزب الله

    – لم يكن اتصال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بالرئيس المكلف تشكيل الحكومة اللبنانية سعد الحريري اتصال مجاملة بين صديقين للتهنئة بعيد زواج الأخير، ولطلب المشورة حول مضمون ما سيبحثه عشية زيارته لكوريا الشمالية أو للتداول في حصيلة المشاورات الجارية بين بومبيو ووزراء خارجية الدول الخمس المعنيين بالتفاهم النووي الإيراني الذين سيجتمعون الجمعة بغياب أميركي بعد انسحاب واشنطن من التفاهم، فلبنان حاضر في السياسة والاهتمامات الأميركية من بوابتين: الأولى الأمن «الإسرائيلي» الذي تعتبره واشنطن أولويتها ومن منظاره تهتمّ بسلاح المقاومة التي يمثلها حزب الله وتستهدفه واشنطن بالعقوبات، ومن المنظار ذاته تهتمّ بالنزاع النفطي بين لبنان وكيان الاحتلال. والثانية جواره الجغرافي مع سورية وترابط الملفات السياسية والأمنية، خصوصاً ملف النازحين السوريين في لبنان، ومستقبل البحث بعودتهم بين لبنان وسورية، كما ما سيكون على جدول أعمال القمة التي ستجمع الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين في هلسنكي منتصف الشهر، وموضوعها الرئيس سورية، وما تستعدّ له واشنطن من تغليف هزيمتها هناك بالسعي لمكاسب تربط انسحابها بانسحاب إيران، خصوصاً انسحاب حزب الله.

  • الأوهام في الحُدَيْدة ودرعا... والانتصارات الجديدة أوهام جديدة

    – خلال شهرين بنى حلفاء واشنطن في تل أبيب والرياض وأبو ظبي أوهاماً على مسار بديل للتسويات التي تعترف بنصر سورية واليمن، وسارت معهم واشنطن في الوهم. وجرى الإعداد لخطط المواجهة في جنوب سورية والساحل الغربي لليمن، وحشدت الإمكانات بكلّ أنواعها، وهيأت المنصات السياسية لخوض المعركة. والرهان هو نصر جزئي في الحُدَيْدة يُضعف مكانة أنصار الله ويُشعرهم بالخطر، وصمود للمسلحين في جنوب سورية بوجه تقدّم الجيش السوري مع إعلان فشل التسوية، فيرتفع سقف التفاوض في كليهما، ويمكن الرهان على تحقيق مكاسب، تفخّخ الحلّ السياسي في البلدين.

  • نصرالله المنتصر

    – بدا السيد حسن نصرالله في كلمته كمن يطوي صفحة من التاريخ ليفتح صفحة جديدة. فهو يضع النقاط على حروف الحكومة اللبنانية والتفاصيل الأمنية والسياسية كمنهج عادل ومنصف مع الذين هزمهم على قاعدة مواصلة العيش معاً، شرط ألا يأكل الفاجر مال التاجر، وألا يُملي المهزوم على المنتصر شروطاً يترفّع المنتصر عن إملائها، ويؤدّي التزامه نحو العراق ومقاوميه بعرفان وإكبار وتقدير واستعداد للشراكة في قرار الردّ على المعتدي، ويتلفّت صوب اليمن فيعلن خجل الكبار وتواضع العظماء، بنداء «يا ليتنا كنا معكم»، فذلك فخر كبير وشرف عظيم. أما في سورية فالنصر الذي بذلت لأجله التضحيات الجسام بات في مطال اليد وأن تنتزعه ألاعيب الحديث عن تسويات وانسحابات، فحيث يكون الجيش السوري نكون، ولو لم نكن.

  • واشنطن تستبق معارك الشمال بقمّة هلسنكي

    -بمثل ما تأتي القمة الأميركية الروسية تعبيراً عن تحوّل أنتج قراراً أميركياً بجعل القمة استحقاقاً ممكن التحقيق، وهو دائماً كان ممكناً من الزاوية الروسية، وبمثل ما يعبّر هذا التحوّل عن استنفاد الرهانات على إنتاج تغييرات تحملها الانتخابات في لبنان والعراق، أو تغييرات ميدانية في اليمن، أو ضمان منح صفقة القرن فرصة واقعية بتوافر شريك فلسطيني فاعل لتحدث التحوّلات المرجوة منها، فهي ليست تعبيراً عن حاجة راهنة وداهمة في توقيتها على الأميركيين في أيّ من هذه الملفات، التي يمكن التعاطي معها بالواسطة، أو بمتابعة الاستثمار على خيارات الاستنزاف بلا أكلاف صعبة، خصوصاً أنّ الملف الإيراني الذي يربطها جميعاً، يقوم على الحاجة لمزيد من الوقت وفقاً للحسابات الأميركية لتأثير العقوبات، بينما لا يبدو الملف الكوري أمام اختراقات راهنة نوعية تحتاج الإحاطة والرعاية بتفاهم مسبق مع موسكو.

  • صفقة القرن: مشروع سياسي أم تموضع استراتيجي؟

    – لا يمكن النظر لما يدور من تحضير وترويج وتمهيد تحت مسمّى صفقة القرن أو صفقة العصر، والمقصود الرؤية التي تتبناها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لحلّ القضية الفلسطينية بذعر، مردّه الانطلاق من أنّ مجرد تلاقي واشنطن وتل أبيب ومعهما الرياض وعدد من العواصم العربية على صيغة لتصفية القضية الفلسطينية، قوامها تثبيت احتلال القدس وإنهاء عودة اللاجئين، يعني نهاية هذه القضية، أو يعني أنّ المحور المعادي لمحور المقاومة يستردّ أنفاسه ويستعيد زمام المبادرة وينتقل إلى الهجوم المعاكس، ودون ذلك الكثير من العقبات والتعقيدات التي يحكيها الميدان في ساحات المواجهة كلها بين قوى محور المقاومة والمحور الذي تقوده واشنطن. وحيث الكفة الراجحة لا تزال تسجل المزيد من الانتصارات لحساب محور المقاومة، كما لا يمكن التعامل مع هذا المشروع باستخفاف يضعه في منزلة المشاريع الكلامية التي لا قيمة لها على أرض الواقع، في حين يبدو أنّ تحوّلاً في العلاقات العربية – «الإسرائيلية» يسجل كلّ يوم جديداً لصالح التطبيع. فالتحالف العلني بين تل أبيب وعدد من العواصم العربية وفي طليعتها الرياض، وتستهدف صفقة القرن إسباغ الشرعية على هذه التحوّلات وتزخيمها لتحويلها حلفاً جديداً في الجغرافيا السياسية للمنطقة، يعلن نهاية الصراع العربي الإسرائيلي بالتوافق على خيار سياسي في مواجهته، ولو كان هذا الخيار غامضاً بصورة تحفظ ماء وجه الشريك العربي وتخفي الالتزامات الممنوحة لـ»إسرائيل» على حساب القضية الفلسطينية، لكنها تضمن الذهاب إلى أعلى درجات التنسيق العربي «الإسرائيلي»، للتعايش مع ملف هامشي هو القضية الفلسطينية، والتفرّغ لملف رئيسي مشترك هو الصراع مع قوى محور المقاومة، وعلى رأسها إيران.

  • التذاكي والكذب لا يحوّلان الهزائم انتصارات

    – لا تبدو واشنطن في عهد الرئيس دونالد ترامب حمقاء في الخطوات العملية، بل واقعية الحسابات في رسم حدود المعارك التي تخوضها في الميدان، بخلاف المواقف الكلامية التي يطلقها ترامب في التغريدات، وبعكس المكابرات التي يعتمدها حلفاؤها، وتبدو مشاركة لهم حتى لحظة الاشتباك، فتقيم حساباتها الدقيقة قبل أن تقرّر المواجهة أو الانكفاء، ويخطئ مَن يضع قرار اعتماد القدس عاصمة لكيان الاحتلال والانسحاب من التفاهم النووي مع إيران في دائرة قرارات حرب، وهي إعلان خروج من مشاريع التسويات من دون بلوغ ضفة الاشتباك.

  • عشرون يوماً حاسمة

    – بعد عشرين يوماً سينقشع الغبار عن النتائج التي ستحملها مسارات عشرين شهراً من عهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ومحورها كان قضية العلاقة بروسيا وفيها ملفات سورية وكوريا وأوكرانيا والعقوبات والانتخابات الأميركية والاتهامات لروسيا من جهة، وتزامنها وتوازيها وتلازمها مع العلاقة بالتفاهم النووي الإيراني، واتصاله بالمعركة المفتوحة مع محور المقاومة الذي تشكّل إيران عمقه الاستراتيجي، والمواجهات الممتدّة مع قوى هذا المحور من سورية إلى العراق واليمن ولبنان وأصلاً وانتهاء في فلسطين. وكلّ من العنوانين الروسي والإيراني سيشهد بعد عشرين يوماً تطوّراً حاسماً في الحسابات الأميركية.

  • الجنوب السوري والمونديال الروسي؟

    – تتداول أوساط المعارضة السورية روايتين لهزيمتها في جنوب سورية، وقد بدأت ملامحها تظهر سريعة في الأفق. وفي الرواية الأولى كما تحبّ جماعات المعارضة قبل كلّ مواجهة أن تحذّر من أنّ الجيش السوري لن يجرؤ على الذهاب للحسم العسكري لأنّ المعادلات الدولية والإقليمية ليست لصالحه، ثم تفسّر كلّ هزيمة بعد وقوعها بالتخلي الدولي والإقليمي عنها، وكما تحدّثت المعارضة عن خصوصيات في الجنوب ستمنع تكرار ما جرى في الشمال والوسط والعاصمة والغوطة، وربطتها بوجود مصالح أميركية مباشرة تمثلها قاعدة التنف والحضور الإسرائيلي الذي لا يمكن لواشنطن تجاهله. هي نفسها تتحدّث اليوم عن تخلّ أميركي وإسرائيلي وتصل حدّ الحديث عن تفاهمات روسية مع أميركا و»إسرائيل» لحساب تغطية التقدّم السوري من دون أن تفسّر لماذا لم يتحقق ما سوّقته المعارضة من امتناع روسي عن المشاركة، تقول إنه ترجم بقصف جوي مكثف لحساب الجيش السوري، والأهمّ لماذا لم تنسحب مجموعات الحرس الثوري الإيراني ووحدات حزب الله التي تتهمها بدور رئيسي في المعارك، وقد كان كلّ الكلام عن تسوية يرتبط بالعكس.