آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
محمد العصيمي
عن الكاتب :
كاتب في صحيفة عكاظ، مدرب ومستشار إعلامي، مهتم بالحقوق والحريات ووضع المرأة السعودية

إرهاب الشاحنات!


محمد العصيمي ..

كل شيء في كل ركن من هذا العالم أصبح مفتوحا على الإرهاب وبكل الوسائل، حيث أصبح حصد أرواح الأبرياء في المساجد والمطاعم والملاهي والاحتفالات وجبة يومية يتبارى الإرهابيون في حجمها وعنفها. بات العالم كله، وهذه حقيقة لم تعد قابلة للنفي أو النقاش، فاقدا للأمن بعد أن تربت أو ربيت خلايا الإرهاب لتحقيق أجندات نعلم بعضها ويغيب عنا كثير منها.

في المدينة المنورة أو كرادة بغداد أو نيس فرنسا العدو واحد وارتكابات الإرهابيين لا تفرق بين دين ودين أو عرق وعرق. كل الدول وكل الشعوب سواء أمام آلة الإرهاب المرعبة الطاحنة التي أصبحت تستخدم كل الوسائل، بما في ذلك الشاحنات التي تندفع بأقصى قوتها لتدهس كل من أمامها: عربا وغير عرب، مسلمين وغير مسلمين، كبارا وصغارا وأطفالا ورضعا في أحضان آبائهم وأمهاتهم.

ما هو جلي الآن أن الإرهابيين يتفننون في اختراع وتنويع وسائلهم ورفع وتيرة عنفهم بينما الدول تنتفض لكل حادثة وتشجبها وتتوعد مرتكبيها ثم ينفض سامر (الشجب) على ضربة أو ضربات عسكرية عابرة لمعاقل الإرهابيين هنا وهناك؛ دون أن تنشأ إرادة دولية حقيقية لحرب شاملة على الإرهاب على كل المستويات، سواء المستويات السياسية أو العسكرية أو على المستوى الفكري الذي يتوانى العالم عن حشده نتيجة الاختلافات العميقة والأهداف المتباينة ما بين دوله ومصالحها السياسية.

وتيرة الإرهاب، ووسائله التي تضرب في كل مكان، ستظل على ما هي عليه إذا لم يتوحد العالم، بنوايا صادقة وإجراءات جادة وحاسمة، في حربه ضد هذا الإرهاب، خاصة أنه قد ثبت لمن كانوا يراهنون على بعده عن حدودهم ومدنهم أنه يطالهم بنفس الوسائل وبنفس درجة العنف ودرجة الخسائر في أرواح الأبرياء. كما ثبت أن جنسية مرتكبيه عابرة للقارات والدول، حيث لم تعد تلك الوتيرة التقليدية في حصره بجنسيات معينة قابلة للتصديق أو التبرير؛ كما كان يحدث في السابق في محاولة لإنكار عالمية الإرهاب وحصره في حدود أو محيط جغرافي إقليمي ضيق.

لقد فرط العالم بأرواح كثير من أبنائه الأبرياء. وما زال هذا التفريط قائما ومرشحا للتصاعد إذا لم تتشارك الدول القناعة بأن الإرهاب اليوم يهدد الجميع بلا استثناء، وبأن لا أحد سينجو من ويلاته مهما بعد عن مناطق الصراع أو حصن حدوده وجبهته الداخلية. وعلى ذلك إما أن يتحد العالم ويواجه الإرهاب مجتمعا ومتكاتفا للقضاء عليه أو يستعد لنزيف مزيد من الدماء والأرواح البريئة التي تدفع هي وحدها ثمن الامتناع عن هذا التوحد وهذه المواجهة.

صحيفة عكاظ

أضيف بتاريخ :2016/07/16

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد