آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
عبد الله بن بخيت
عن الكاتب :
كاتب سعودي . يكتب ثلاث مقالات اسبوعياً تقريباً في جريدة الرياض السعودية . صاحب رواية شارع العطايف, ومؤلف مسلسل (هوامير الصحراء).

أين أسرى داعش؟


عبدالله بن بخيت ..

ما الذي تعنيه الحرب على داعش مقارنة بالحروب التي خبرناها عبر التاريخ؟
من يقاتل من؟ وما هي الأهداف وتحت أي قانون إنساني يتم التقاتل؟

القانون الوحيد الذي تفهمه من بيانات داعش هو الحرب على الكفار. ابتدأ بالكافر الظاهر كفرهم (غير المسلمين) وانتهاء بالمسلمين الذي لم يعلنوا بيعتهم الصريحة للبغدادي. كما انه لا يوجد قانون واحد مشترك يربط بين قوم البغدادي وبقية البشرية. حتى مفهوم النفس البشرية يستقل داعش بتعريفه الخاص بها. هذا هو العالم من وجهة نظر داعش ولكن ما هي وجه نظر العالم في داعش. كيف ينظر العالم إلى هذا الكيان الطارئ على سياق الحضارة؟

بالتأكيد لا يوجد على وجه الأرض من ينظر إليهم بأي درجة من التعاطف. هل داعش عصابة إجرامية أم تمرد سياسي؟

لا نستطيع الإجابة عن هذين السؤالين، فالتحالف الذي تقوده أميركا لم يعلن أي شيء يتعلق بالمسألة القانونية في الحرب على داعش. يستخدم كلمة الإرهاب وهي كلمة مطاطة تخدم في السياسة أكثر مما تخدم في القانون.

استمر هجوم داعش على كوباني أشهرا طويلة دون حسم من الطرفين. اظهر خلالها مقاتلو داعش رغبة قوية بالقتال رغم أن المعركة ميؤوس منها.

جيش داعش يتحرك على الأرض بدون غطاء جوي ويتعرض في نفس الوقت لأقوى قوة جوية عرفها التاريخ. مع ذلك استمرت المعركة أشهرا. لاشك أن سؤالا كهذا يغري باستخدام نظرية المؤامرة.

كيف يعجز تحالف تقوده الولايات المتحدة ويضم أقوى دول العالم عن سحق مجموعة مقاتلين لا يملكون سوى أسلحة خفيفة وسيارات مدنية جرى تعديلها على عجل؟ لكن مقاربة أخرى يمكن أن تعطينا جوابا آخر. عندما نطرح سؤالنا الوارد في العنوان (أين أسرى داعش) يمكن أن يأخذنا الخيال العملي إلى مكان آخر.

يقال إن عدد جنود داعش بلغوا في مرحلة من المراحل أكثر من ستين ألفا. لم يتبق منهم في أيامنا هذه سوى ثلاثين ألفا أو أقل. أين اختفى الفرق؟

الجواب عن هذا السؤال هو الذي يحدد النظرة القانونية لهذه الحرب وأهدافها وسبب تلكؤ التحالف في حسم الحرب. أولا وقبل كل شيء نعرف جميعا أنه لا طرف يريد من الآخر أسرى. داعش يذبح أي أسير يقع بين يديه ويرفض حتى مبادلتهم بأسراه. وأميركا والدول المتحالفة معها في نفس الوقت لا تريد أسرى من داعش. تجربتها مع غوانتانامو مريرة وسببت لها جرحا أخلاقيا لم يندمل بعد. في حال أخذت اسرى من داعش عليها أن تتعامل معهم بصفة أكثر إنسانية وقانونية. ولكن كيف تعطي جنود داعش صفة يحاكمون على أساسها ضمن القوانين المعدة للبشر. إذاً الاتفاق الأول بين الطرفين داعش والتحالف أنه لا أسرى. اقتل وأقتل. إذاً هدف حرب التحالف على داعش لا يتوقف عند هزيمته وتفكيكه وإنما تصفيتهم جسديا فردا فردا. لا توبة ولا استسلام.

لا شك أن قتل مقاتلي داعش ضرورة ليس للولايات المتحدة أو الغرب ولكن للدول التي خرج منها عدد كبير وانضموا إلى داعش.
يجب ألا يعود أي منهم. رجال لم يعد يصلحون إلا للموت وحده.

من هنا يمكن أن نفهم ان التحالف لم يتأخر في هزيمتهم فثمة فرق كبير بين هزيمة جيش وبين ابادته. نستغرب ان التحالف لم يسع إلى تدمير مصافي النفط مثلا. يريد الإبقاء على آمالهم لكي يتبعثروا فيصعبوا المهمة. ربما يتم اسر بعض قيادات داعش الميدانية وهذه لا يعلن عنها أيضا لأسباب قانونية مستقبلية. الأسير الداعشي يتم التخلص منه فور استخلاص المعلومة المطلوبة. لن يجد الليبراليون في الغرب والمنظمات الإنسانية ضحايا يتباكون عليها كما حصل مع أسرى غوانتانامو.
حرب طويلة المشترك الوحيد بين أطرافها هو الموت.

جريدة الرياض

أضيف بتاريخ :2016/07/21

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد