آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
عبد العزيز المحمد الذكير
عن الكاتب :
كاتب سعودي اليومي في جريدة الرياض مترجم معتمد.

المناهج الجامعيّة «على طْمامْ المرحوم»


عبدالعزيز المحمد الذكير ..

"على طمام المرحوم" عبارة تشير إن الشيء على ماكان قديماً.
ربما – وهذه الكلمة تجعلني أتحاشى التعميم – أن البعض من الخريجين والخريجات من الثانوية العامة لهذه السنة وما مضى من السنين، واخترن كليات العلوم الإدارية في مختلف جامعات الوطن، يجدنها أقرب قبولاً وقد تكون أسهل تخرّجاً.

ففيما عدا علم المحاسبة، فلأن تلك النسخة الكربونية من المناهج التي جاءتنا إما من مصر منذ الخمسينات الميلادية أو من أميركا فيما بعد، مترجمة إلى العربية وباسطة النظم للدارس وكأنه سيعيش في أميركا بعد تخرجه. وتلك المناهج لا أراها تمد العون لمن يريد أن يشدّ أزر والده أو تجارة أهله. كل النظر متوجه نحو وظيفة حكومية أو القطاع خاص، وذهنه مملوء بنظريات لا يمكن تطبيقها إلا في جانبي الأطلسي – مثلاً.

وما عدا الأقسام النسائية والقليلة جدا في المصارف الموجودة في مناطق محددة من أمهات المدن. فشخصياً لا أرى مجالاً لتطبيق المعلومات أو عمليات التدريب التي تتطلبها الحياة العملية بعد التخرج، وربما أثناء الدراسة.

كليات الإدارة (عدا المحاسبة) والعلوم السياسية والقانون لم تعد تصلح – في المستقبل المنظور على الأقل –في معظم مناطق وطننا العربي.

التخصصات الثلاثة في جامعاتنا العربية تصطدم مع الحياة العملية، ومع القدرة على التطبيق. فمعظم المقررات في العلوم الإدارية مصممة على واقع الحياة عند غيرنا وليس عندنا. كذلك القانون والأنظمة والمحاماة ووسائل تنفيذ الاتفاقيات التعاقدية. لكن رأيت ورأى غيري أن الشركات العملاقة التي تعمل في بلدنا استغلت هذا الضعف بالقدرة على تطبيق الأحسن وارتزقت من جهلنا الكثير، فـ.. اللوبي هو الحكم.. وليس القانون أو القيمة الأخلاقية للمهنة.

كنت في حديث مع إحدى قريباتي المتخرجة حديثاً من الثانوية والراغبة بالالتحاق بالعلوم الإدارية، قلت في حديثي إن اللغات بما فيها العربية تخصص جيّد.. معنى ومادة، فقد سمعتُ عن مُدرّسة لغة إنجليزية في الرياض تمتلك نوعاً من السيارات أفخم وأحدث طرازاً مما يملكهُ أهل الفتاة (التلميذة) التي تأخذ عندها درساً خصوصياً.

لم أسمع عن خريج علوم إدارية يعمل خارج الدوام، كلا ولا خريج علوم سياسية. لكنني سمعتُ عن، وقابلت الكثير من متخصصي اللغات لا يجدون الوقت الكافي لتلبية طلب من يريد المساعدة في درس خصوصي. ويعمل خارج الدوام في الترجمة عند بعض المؤسسات، أو التصحيح الصحفي في بعض الجرائد وغير ذلك.

تخصصات في بلادنا مطلوبة وتطبيقها سهل والكسب من ورائها أسهل، وهي أجدى من "علوم إدارية" و "علوم سياسية" . تلك التي يهضم فيها الدارس نظريات وتنظيرات غريبة على مدركاته، ولا يمكن أن تماشي واقع الحياة العملية.

ثم إن الإدارة والتجارة عقل وليس علماً في كراسة جامعية، والعقل العملي أو التجاري هبة من الله يهبهُ لمن يشاء.
وكم مرة طلبتُ من طلابنا وطالباتنا أن يستبينوا النصح قبل ضحى الغدِ.

جريدة الرياض

أضيف بتاريخ :2016/08/14

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد