هاني الفردان ..

رفض وزير شئون مجلسي الشورى والنواب غانم البوعينين، اعتبار الوجود البريطاني السابق في البحرين استعماراً، وأصرَّ على وصفه بـ «اتفاقية حماية بين البحرين وبريطانيا»، فيما علَّق عليه النائب ماجد الماجد بالتحذير ممَّا اعتبره «تزويراً سريعاً على الطاير»، وذلك خلال جلسة مجلس النواب الماضية الثلثاء (25 أكتوبر/ تشرين الأول 2016).

بعيداً عن هذا الرأي أو ذلك، فالتاريخ لا يمكن «التلاعب» فيه، أو «تحريفه»، وخصوصاً أننا جميعاً كشعب درس في كتب التاريخ أن البحرين كانت مستعمرة بريطانية، واستقلت في 14 أغسطس/ آب 1971.

ومع ذلك، فإن إصرار البوعينين لم يكن جديداً، بل سبقه أيضاً وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة في محاضرة نظمتها جمعية تاريخ وآثار البحرين في 24 نوفمبر/ تشرين الثاني 2010 عن العلاقات التاريخية التي تربط البحرين ببريطانيا.

في تلك المحاضرة، اعتبر وزير الخارجية «الوجود البريطاني في البحرين خلال القرن الثامن عشر، حماية للبحرين وأمنها»، رافضاً تسمية ذلك بـ «الاستعمار»!

أين تكمن الحقيقة؟ سنجدها في سرد الجهات الرسمية لتاريخ البحرين (سنعلق عليها قبل إزالتها والانتباه لها).

فالرد على النائب البوعينين سيكون من الموقع الإلكتروني لوزارته (وزارة شئون مجلسي الشورى والنواب) الذي يؤكد في صفحة المسيرة الديمقراطية باب «التطور التاريخي»، أنه «بعد إعلان الاستقلال في الرابع عشر من أغسطس 1971م تحول مجلس الدولة إلى مجلس الوزراء آخذاً مسئولية السلطة التنفيذية، وفي 20 يونيو/ حزيران العام 1972م صدر عن المغفور له الشيخ عيسى بن سلمان المرسوم بقانون رقم 12 للعام 1972م بإنشاء مجلس تأسيسي مهمته وضع مشروع مسودة الدستور، ثم صدر الدستور بعد تصديق الأمير عليه في السادس من ديسمبر/ كانون الأول 1973م».

والسؤال، لماذا أعلن الاستقلال في الرابع عشر من أغسطس 1971، إذا لم نكن «مستعمرين» أصلاً؟ ومن المسئول عن «تزوير» التاريخ في موقع وزارة شئون مجلسي الشورى والنواب؟

وزارة شئون الإعلام عبر موقعها الإلكتروني في صفحة «لمحة تاريخية»، أكدت هي الأخرى أنه تم استفتاء الشعب «تحت إشراف الأمم المتحدة، وأن البحرين دولة عربية مستقلة ذات سيادة بقيادة آل خليفة. واستقلت عن المملكة المتحدة في 15 أغسطس 1971، وعن الحماية البريطانية في 16 ديسمبر من العام ذاته، وصدر أول دستور للبلاد العام 1973م».

ما ذكر على موقع وزارة شئون الإعلام الرسمي، أمر واضح جداً، فالبحرين استقلت عن المملكة المتحدة في 15 أغسطس 1971، وعن الحماية البريطانية في 16 ديسمبر من العام ذاته، أي أنه تم التفريق بين «الاستعمار» و «الحماية البريطانية».

وزارة الخارجية البحرينية عبر موقعها الرسمي أيضاً في صفحة «عن البحرين - التاريخ» أكدت أنه «في العام 1970 كانت قمة الاستعدادات للاحتفال باستقلال البلاد وتشكيل مجلس للدولة حولت مهامه فيما بعد لأول مجلس للوزراء العام 1971 بعد إعلان استقلال البحرين كدولة ذات سيادة في اليوم الرابع عشر من أغسطس من تلك السنة. وشهد العام 1971 قبول البحرين في عضوية الأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي. وفي سنة 1973 انضمت البحرين إلى منظمة الدول العربية المصدرة للنفط (أوابك) وجامعة الدول العربية (...)».

لا نريد الإسهاب أكثر، فيكفي فقط شهادة ثلاث وزارات رسمية معنية بالتحدث عن حكومة البحرين، وهي وزارة الخارجية، ووزارة شئون الإعلام، ووزارة شئون مجلسي الشورى والنواب، لتتضح حقيقة ما أثير في مجلس النواب، وتاريخ استقلال البحرين، وهل كنا تحت وطأة «الاستعمار» أم تحت «الحماية البريطانية» أم كنا تحت وطأة الاثنين معاً.

في حديث الوزير في مجلس النواب، طالب البوعينين النواب بأن «يعرف من تحدث عن الفرق بين الاستعمار والحماية، والحقيقة أن البحرين وقعت اتفاقية حماية، ولم تخضع للاستعمار، وذكر مستشار الحكومة تشارلز بلغريف ذلك بمذكراته، وليقرأ ذلك».

فنحن ننصح الوزير بقراءة موقع وزارته الإلكتروني والمواقع الحكومية الأخرى، لمعرفة تاريخ استقلال البحرين، إذ إن الاستقلال لا يأتي إلا إثر «استعمار»، فلا يوجد لدولة تاريخ استقلال من دون أن تكون «مستعمرة» أصلاً.

تاريخ البحرين، يحفظه البحرينيون، من دون الحاجة للرجوع لمذكرات «المستعمر» وقراءتها، ويكفي فقط الوزير البوعينين أن يقرأ موقع وزارته الإلكتروني ليعرف تاريخ استقلال البحرين، ونتمنى منه أن لا يصدر توجيهاته لـ «تغيير» ذلك التاريخ بعد قراءة هذا المقال.

صحيفة الوسط البحرينية