آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
محمد أحمد مشاط
عن الكاتب :
‏شاعر وكاتب أسبوعي وروائي له سبعة دواوين شعرية وكتابين عن الاقتصاد والنفط ورواية ومجموعة قصصية نشر له الدار السعودية ورياض الريس والمؤسسة العربية للدراسات والنش

دول النفط والثروة المهدرة

 

محمد أحمد مشاط ..

كما هو معروف عند معظم الناس،أن زيادة كمية السلعة المعروضة في السوق يُخفِّض سعرها. وعلى علمٍ بهذا، فقد كان ذلك هو اختيار منظمة الأقطار المصدرة للبترول (أوبك) بعدم تخفيض إنتاجها. فكان نتاج ذلك زيادة الفائض في الإمدادات النفطية وانخفاض سعر البرميل. وكان المنطق في اتخاذ ذلك القرار هو الدفاع عن حصّة منظمة (أوبك) ودولها الأعضاء في سوق النفط العالمية.

 

لقد تسبَّب الإنتاج المُتدفِّق من النفط الصخري بالولايات المتحدة الأمريكية، وإنتاج الدول النفطية، كبيرها وصغيرها، من خارج منظمة (أوبك)، سببًا قويًا في (سلب) نسبة مُؤثِّرة من حصة المنظمة ودولها الأعضاء في السوق، ما دعا إلى التضحية بكمياتٍ كبيرة من الإنتاج النفطي، وبيعها بأرخص الأسعار من أجل ذلك الهدف.

 

في اعتقادي أن قرار عدم دعم سعر البرميل بخفض الإنتاج لم يأخذ في الاعتبار إمكانية صمود الدول من خارج المنظمة لهذه المدة الطويلة من الإنتاج المرتفع. كما أن عدم تعافي الاقتصاد العالمي بوتيرة أسرع؛ حال دون النجاح المنشود. وبازدياد الاختلافات والتنافس الشديدين بين الدول الأعضاء في المنظمة؛ زادت مشكلة سعر البرميل سوءًا بسبب الخصومات الجانبية التي انتهجها بعض الأعضاء في منظمة (أوبك). فنتج عن ذلك كله استنزاف كمياتٍ كبيرة من ثرواتها النفطية الناضبة من غير مُبرِّر منطقي، خاصة بعد انتهاج سياسة الإنتاج المرتفع للنفط مدَّة ليست بالقصيرة، واكتشاف عدم فاعليتها الكبيرة في المحافظة على حصة السوق للمنظمة ولأعضائها. فكان الأولى انتهاج سياسة أخرى لا تفقد فيها الدول ثروات مستقبلها.

 

ومن المدهش بأن بعض الدول الأعضاء ينظر إلى خام النفط من المنظور السياسي وليس من المنظور التجاري. ولو ساد النهج التجاري الخالص في قرارات منظمة (أوبك)؛ لكانت أكثر ربحية لدولها الأعضاء، وللعبت دورًا تجاريًا عالميًا أكثر تأثيرًا وواقعية.

 

إن المحافظة على حصّة السوق لمنظمة (أوبك) ولدولها الأعضاء يمكن تحقيقه بشكل فعَّال بالتسويق التجاري المباشر، وليس بالقرارات المشوبة بالسياسة في معظم الأحيان، والبعيدة عن واقعية الاقتصاد العالمي والتجارة الحُرَّة. فإن أرادت المنظمة ودولها الأعضاء ارتفاع ربحيّتها، والمحافظة على حصّتها في السوق، وعدم إهدار ثروتها الناضبة؛ فلا مناص من التعامل مع العالم بعقليَّة التاجر الذي يسعى إلى تحقيق الربحية لمنتجه، والازدهار لأعماله ومستقبله.

 

صحيفة المدينة

أضيف بتاريخ :2016/11/20

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد