آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
عبد الله المزهر
عن الكاتب :
كاتب سعودي

كئيب كأنه اليوم السادس!


عبدالله المزهر ..

اليوم الذي أكتب فيه هذا المقال هو الاثنين، الخامس من الجدي لخمس وتسعين وثلاثمائة وألف سنة خلت من التقويم الهجري الشمسي، والخامس من كل برج هو يوم الرواتب الذي يكون فيه سماع نغمة رسائل البنك أكثر إبداعا من كل السيمفونيات وأكثر تطريبا من كل ما حاول عتاة الطرب أن يفعلوه بأذن المتلقي طوال حياتهم. لن تستطيع أم كلثوم وفيروز وعيسى الأحسائي وأيوب طارش متفرقين أو مجتمعين أن يخلقوا ذلك الانتشاء الذي يغمر الموظف وهو يسمع رسالة البنك يوم الخامس من كل برج.

لكن السعادة لها ذاكرة ذبابة، واللحظات السعيدة زائر خفيف لا يحب المكوث طويلا، فاليوم السادس من كل برج هو في الغالب من أسوأ الأيام وأكثرها تعاسة. ففي هذا اليوم تبدأ ذات النغمة تعود، ولكن وقعها في اليوم التالي سيئ وممل. إنه يوم تسديد الفواتير والرسوم، وفيه تعود ذكرى البدلات الحزينة غفر الله لها وأسكنها فسيح الميزانية، ويكون شعاره الذي لا تراجع ولا استسلام عنه هو «تم الخصم»، وهي أسوأ عبارة يمكن أن يسمعها أو يقرأها الكائن الموظف. إنها أسوأ حتى من الاستماع لخطابات حسن نصر الله، وأكثر مللا من مشاهدة لقاءات بشار الأسد.

كثيرون ـ جدا ـ يعلمون ماذا تعني عبارات مثل تم الإيداع أو تم الخصم، وينتشون ويطربون على واحدة منهما، وتتكدر أوقاتهم بالأخرى، وكثيرون يستخدمون الآلة الحاسبة في يوم الخامس من كل برج يطرحون ويجمعون ثم يشتمون وينامون في انتظار اليوم السادس.

وهؤلاء هم الناس، البشر العاديون الأقل لقافة وتنظيرا، أما الفئة الأخرى فكل أيام الأبراج لديهم سواء، لا يعلمون كم تم إيداعه ولا كم تم صرفه، ويقضون كثيرا من أوقاتهم في شتم الفئة الأولى، واعتبارها عديمة الفائدة وكسولة وغير منتجة، لديهم إحساس أن المواطنين الموظفين في الأرض ليسوا أكثر من زائدة دودية في أحشاء الوطن.

وعلى أي حال..
حين يكون المواطن مشغولا «بالعيش» فليس عدلا أن ينتظر منه التفكير في الحياة.. والسلام!
 
صحيفة مكة

أضيف بتاريخ :2016/12/27

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد