آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
أحمد عبد الرحمن العرفج
عن الكاتب :
كاتب سعودي ساخر، من مواليد 25 مايو 1967 في مدينة بريدة. حصل على شهادة المرحلة الابتدائية من المدينة المنورة، والمتوسطة من المعهد العلمي في جدة والرس، والثانوية في عنيزة والدمام من المعهد العلمي. وحصل على شهادة البكالوريوس في اللغة العربية من الجامعة الإسلامية عام 1410هـ. وحصل على درجة الدكتوراه في الإعلام من جامعة برمنجهام في بريطانيا

حوافز الإقدام.. أقوى من مخاوف الإحجام


أحمد عبدالرحمن العرفج ..
الخَطَأ وَارد فِي كُلِّ فِعلٍ بَشري، وهُنَاك مَن يُبَالِغ فِي جَعل الخَطَأ شَرطًا للوصُول إلَى الصَّوَاب.. إنَّه يُشبه تَمامًا الطِّفل الذي يَتعلَّم المَشي والخَطو، فيَسقط فِي أُولَى خُطوَاته، ثُمَّ بَعد ذَلك يَتعلَّم مِن كَثرة الأخطَاء، ويَنطَلَق مَشيًا ورَكضًا فِي كُلِّ الأنحَاء..!

إنَّ الكَثير مِن النَّاس -وبالذَّات النِّسَاء- يَتخوَّفون مِن الخَطَأ قَبل البدء فِي خَوض التَّجربَة، وفِي هَذه الحَالَة يُصبح التَّفكير فِي الخَطَأ؛ جُزءًا مِن المُشكِلَة، ولَيس جُزءًا مِن الحَلِّ، بَل يُمسي هَذا الخَطأ والتَّفكير فِيهِ، أَحَد مُعوِّقَات الإقدَام عَلَى العَمَل، لذَلك تَجد أَنَّ النَّاس فِي المُجتمعَات العَربيَّة؛ لَا تُبادر إلَى الابتكَار والإبدَاع، لأنَّ المَخاوف مِن حدُوث الخَطأ؛ أَكبَر مِن حَوَافِز ودَوافِع الإبدَاع والابتكَار..!

لقَد لَمس مُفكِّرنا الفَيلسوف «إبراهيم البليهي»؛ ضَرورة تَفهُّم وتَقبُّل الخَطَأ، أثنَاء الإقدَام عَلى أَي عَمَل أَو مَشروع، لذَلك يَقول فِي كِتَابه «النَّبع الذي لَا يَنضب»: (إنَّ الأُمَم الرَّاقية عَليهَا أَنْ تَتفهَّم؛ الإدرَاك التَّام للمسَاحَات المُعتَمَة فِي الطَّبيعَة البَشريَّة، والانفتَاح المُستَمر مِن أَجل إضَاءَة هَذه المِسَاحَات، وتَوجيه هَذه الطَّبيعة للخَير العَام. مِن المُفَارقات العَجيبَة، أَنَّ أَشدّ الأُمم تَقديرًا للعَقل الإنسَاني، هي أَيضًا أَكثَرها إدرَاكًا لقصُوره وأخطَائه ونَقَائِصه، ولذَلك فإنَّ الأُمم الوَاعية، تُربِّي الأجيَال عَلى أَهميّة التَّفكير المَنهجي المُنظَّم، وفي الوَقت نَفسه تُربِّي هَذه الأجيَال، عَلى أَنْ تَتوقَّع الخَطأ أَو الضَّعف والنَّقص والتَّقصير؛ فِي أَي عَمَلٍ بَشري، أَو فِي أَي فَهمٍ إنسَاني، فلَا يَستفظعون الخَطَأ حِين يَحصل، لأنَّهم يُدركون أَنَّ ذَلك يَتَّفق مَع طَبيعة العَقل البَشري، كَمَا أَنَّهم يَبحثون ويَدرسون ويَعملون، وهُم يَضعون الخَطأ نِصب أَعينهم، وبذَلك يَتدارَكُون أَسبَاب الأخطَاء؛ بالقَدْر الذي تَسمح بِهِ الطَّبيعَة البَشريَّة)..!

حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!

بَقي القَول: يَا قَوم، اعمَلُوا، وتَأكَّدوا أَنَّ مَن يَعمل يُخطئ، وهَذا لَيس عَيبًا، بَل العَيب هو التَّوقُّف والشَّلَل عَن العَمَل والعَطَاء، خَوفًا مِن ارتكَاب الخَطَأ، واعلَمُوا أَنَّ النَّجَاح والإبدَاع والابتكَار هو -باختصَار- الانتقَال مِن فَشلٍ إلَى فَشل، مَع بَقاء رُوح الإصرَار والشَّجَاعَة، والطّمُوح والتَّقدُّم..!!

صحيفة المدينة

أضيف بتاريخ :2017/02/03

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد