آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
هاني الفردان
عن الكاتب :
كاتب وصحفي بحريني

الوحدات السكنية ومكتسبو الجنسية


هاني الفردان ..

ناقش مجلس النواب في جلسته أمس الثلثاء (28 مارس/ آذار2017)، مقترحا بقانون يشترط مرور 10 أعوام على اكتساب الجنسية البحرينية، وذلك للحصول على الخدمات الإسكانية، بعد أن رأت لجنة الشئون التشريعية والقانونية بأن هذا الاقتراح غير دستوري، فيما رفضته لجنة المرافق العامة والبيئة بمجلس النواب أيضاً.

لجنة المرافق العامة في مجلس النواب استندت في رفضها للاقتراح، على المادة (18) من الدستور، والتي تنص على أن «الناس سواسية في الكرامة الإنسانية، ويتساوى المواطنون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة».

من الوهلة الأولى للموضوع كان متوقعاً أن يتم الحديث عن «شبهة دستورية فيه»؛ وذلك لعدم توافقه ومفهوم «عدم التمييز» بين المواطنين، كون مكتسبي الجنسية أصبحوا مواطنين لهم وعليهم ذات الحقوق والواجبات التي يتمتع بها المواطن الأصلي.

لسنا محتاجين لنثبت أن المواطنين ينتظرون ما بين 20 إلى 25 سنة للحصول على وحدة سكنية، وأن قوائم الانتظار «تغص» بها وزارة الإسكان، وأن مواطنين بلغوا سن التقاعد، وأصبح لهم أحفاد، ومازالوا ينتظرون الحلم الموعود ببيت إسكان.

نعم، المقترح في طبيعته قد يشوبه مخالفة دستورية، ولكن ما هو أنكى من ذلك، أن الواقع بجملته غير دستوري، فهل من المنطق أن يحصل مكتسبو الجنسية على وحدة سكنية خلال 10 سنوات من «تجنسهم»، وفي الكثير من الأحيان قبل ذلك بكثير، فيما ينتظر المواطن ما بين 20 إلى 25 سنة، فهل ذلك دستوري؟

كان الأحرى بأعضاء مجلس النواب، مطالبة الجهات المعنية بتزويدها بالأرقام والإحصاءات الخاصة بتلك الفئة، وكم منها ممن حصل على وحدة سكنية خلال السنوات العشر من اكتسابه الجنسية البحرينية، ولماذا؟

كان الأجدى بالمجلس النيابي، الوقوف على تلك القضية بتفاصيلها الدقيقة، والبحث في خباياها، وأسبابها، والتأكد من قانونيتها، وعدم تفضيل تلك الفئة على غيرهم من المواطنين الذين ينتظرون لسنوات طويلة، فيما يأتي من يسبقهم ويفضل عليهم لتقدم له الوحدات الإسكانية على طبق من ذهب ودون عناء أو تعب.

تذهب لجان المجلس النيابي لاعتبار المقترح بقانون الذي يشترط مرور 10 أعوام على اكتساب الجنسية البحرينية من أجل الحصول على الخدمة الإسكانية «تمييزا» وبه «شبهة دستورية»، فيما لا يعتبرون أن حصول هؤلاء على وحدة سكنية قبل المواطنين «الأصليين» تمييز ومخالفة دستورية تستوجب المحاسبة السياسية للجهات المعنية.

كانت هناك فزعة نيابية، في جلسة مجلس النواب (26 أبريل/ نيسان 2016)، أسفرت عن رفض اقتراح قانون يقرر وضع قيد زمني مؤداه مرور 10 سنوات على الأقل على اكتساب الجنسية البحرينية للحصول على وظيفة عامة مع استثناء مواطني دول مجلس التعاون الحاصلين على الجنسية البحرينية، بعد أن عبّر نواب عن رفضهم القاطع أي تمييز بين المواطنين ممن يحملون الجنسية بصفة أصلية وبين من اكتسبها.

قانون الجنسية للعام 1963 احتوى على لفظ «متجنس» وما يميز بين البحريني «الأصيل» و»المتجنس»، وهذا الحديث قبل دستور 2002، التعديلات على قانون الجنسية أعادت المسميات والألفاظ ذاتها.

ما أصبح واضحاً ومؤكداً أن استخدام لفظ «بحريني أصيل» و»بحريني متجنس» لفظ قانوني منصوص عليه في التشريعات القديمة والمستحدثة، لا يستدعي حالات التشنج، وهو أمر متداول حتى تحت قبة البرلمان، ويثار من قبل جهات رسمية ونواب وشوريين، وأن التمييز بين الفئتين موجود في نص القانون الذي عرّف كلا منهما بشكل مختلف، وأن من حق البحريني الأصلي أن يتقدم في الحصول على الخدمات والامتيازات في ظل وجود شح ونقص كبير في ذلك.

من المفترض أصلاً أن لا يحق لتلك الفئة «التقدم» للحصول على وحدة سكنية قبل مرور 10 سنوات من اكتسابهم الجنسية، وليس «الحصول عليها»، فإن الحصول عليها قبل أو بعد 10 سنوات وبسنوات قليلة في حد ذاته مخالفة جسيمة وتمييز واضطهاد للمواطن البحريني الذي ينتظر سنوات طويلة من أجل الحصول على تلك الوحدة.

لو كان البحريني يحصل على الوحدة السكنية خلال 10 سنوات، فإن ذلك المقترح بقانون سيكون «ظالماً» نوعاً ما لتلك الفئة التي سيتم التمييز بينها وبين المواطن العادي، ولكن في ظل وجود قوائم الانتظار ذات السنوات الطويلة للمواطنين، فإن رفض ذلك المقترح من قبل النواب هو «الظالم» لأبناء هذا الشعب والمجحف بحق أناسهم وأهلهم، الذين ينتظرون ربع قرن من أجل الحصول على وحدة سكنية، فيما يأتي غيرهم ليتنعموا بها خلال سنوات قليلة جداً!

صحيفة الوسط البحرينية

أضيف بتاريخ :2017/03/29

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد