آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
هاني الفردان
عن الكاتب :
كاتب وصحفي بحريني

بين الحكومة و«النواب»... من نصدق؟


هاني الفردان

خرجت الحكومة عن صمتها، وتحدثت ولأول مرة وبعد 40 يوماً عن الدعوة التي قيل إنها وجهت إلى المفوض السامي للأمم المتحدة لمفوضية حقوق الإنسان الأمير زيد بن رعد الحسين، لزيارة البحرين، فلماذا قلنا «قيل إنها وجهت» لأن الحقيقة انكشفت بأنْ لم تكن هناك دعوة في الأساس.

خلاصة الجلسة التي عُقدت يوم الاثنين (24 أبريل/ نيسان 2017)، لعرض ردود الوفد البحريني الرسمي على الأسئلة التي وجهتها لجنة مناهضة التعذيب بجنيف، لنتيجة واحدة وهي أنه لم تكن هناك بعد أية دعوة وجهت إلى المفوض السامي لحقوق الإنسان لزيارة البحرين.

تلك النتيجة كانت نتاج إلحاح وإصرار من قبل أعضاء اللجنة الأممية بشأن حقيقة دعوة البحرين للمفوض السامي لحقوق الإنسان زيد رعد بن الحسين إلى زيارتها، إذ عقّب عليه رئيس الوفد الحكومي البحريني في جنيف مساعد وزير الخارجية عبدالله الدوسري، بالقول: «إن السلطة التشريعية هي التي قدمت دعوة للمفوض السامي لزيارة البحرين، ونحن السلطة التنفيذية سنقوم بإيصالها بحسب القنوات الدبلوماسية، ولكننا لسنا طرفاً في هذه الدعوة، وسنقوم بتمريرها حال تسلمنا إيّاها من السلطة التشريعية».

مفاد ذلك القول إنه بعد 40 يوماً من نشر مجلس النواب لخبر عبر الصحافة المحلية بأن رئيس مجلس النواب أحمد الملا «بعث» (وليس سيبعث) في (15 مارس/ آذار 2017) دعوة رسمية إلى المفوض السامي لمفوضية حقوق الإنسان الأمير زيد بن رعد الحسين، لزيارة البحرين، لم يبعث شيئاً للمفوض، إذ كان حديث الوفد الرسمي واضحاً وهو أن السلطة التنفيذية المعنية بإيصال تلك الدعوة عبر القنوات الدبلوماسية لم تتسلم أصلاً تلك الدعوة!

ذلك الأمر يدعمه أيضاً ويؤكده إعلان رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المفوضية السامية لحقوق الإنسان محمد النسور في (25 مارس 2017)، عدم تسلم المفوضية بعدُ دعوة رسمية من حكومة البحرين لزيارة المفوض السامي لحقوق الإنسان زيد بن رعد الحسين إلى المنامة، ويزيد كل ذلك هو دخول مجلس النواب في حالة «صمت» وعدم الحديث أو الرد على حديث المفوضية عن تسلمها الدعوة.

طوال 40 يوماً فضلت الجهات الرسمية ممثلة بوزارة الخارجية «الصمت» أيضاً وعدم الحديث أو التعقيب على ما أعلنه مجلس النواب عن دعوته إلى المفوض السامي لحقوق الإنسان لزيارة البحرين، فيما اضطر ومن جهة نظرنا للحديث بشكل مقتضب عن ذلك تحت ضغط أسئلة خبراء لجنة مناهضة التعذيب.

في ذلك الوقت كان السؤال المنطقي، وهو: لماذا وجهت الدعوة من مجلس النواب وليس الحكومة نفسها؟

المفوض السامي لحقوق الإنسان زيد بن رعد الحسين، كان قد طلب من الحكومة بشكل رسمي زيارة البحرين منذ نحو سبعة أشهر، إلا أنه لم يتلقَ استجابة لطلبه، وذلك على حد قول النسور، إلا أن الدعوة التي قيل إنها وجهت له من مجلس النواب، على رغم أنه خاطب الحكومة!

«حدة التوتر» بين الجانب الرسمي البحريني والمفوضية السامية لحقوق الإنسان لم تنخفض، فكان واضحاً وبعد يوم واحد فقط من «دعوة» رئيس مجلس النواب للمفوض السامي لحقوق الإنسان (16 مارس 2017)، أكد وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة، أهمية التزام مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان بالتعاون والتشاور مع البحرين على قاعدة احترام سيادتها، وتقدير مساعيها الدائمة التي جعلت منها نموذجاً متقدماً في تطوّر حقوق الإنسان في إطار مؤسساتها الدستورية (...)، وذلك خلال اجتماعه مع الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس بمقر الأمم المتحدة بنيويورك في الولايات المتحدة الأميركية.

المفوضية السامية هي الأخرى كانت واضحة في مواقفها، أعلنت هي الأخرى أنها ستتعاطى بإيجابية مع خطوة دعوتها لزيارة البحرين، والاتفاق على محاور الزيارة، والملفات التي يمكن مناقشتها خلالها، وألا يفهم أنها شروطٌ لزيارة البحرين، وإنّما هي آليات معتمدة من قبل المفوض السامي في زيارته لأي بلد.

تلك الآليات والمحاور والملفات التي تعتبرها المفوضية السامية لحقوق الإنسان اعتيادية ومعتمدة لزيارة أي بلد، هي ما تعتبره الجهات الرسمية في البحرين شأناً داخلياً وخصوصيةً سياديةً، وعلى أساسها رفضت أو أجلت لسنوات زيارات المسئولين الأمميين إلى البحرين.

مساحة الصدام بين وزارة الخارجية البحرينية المعنية رسمياً بملف حقوق الإنسان في البحرين، والتواصل مع المنظمات والهيئات الدولية، كانت واضحة للعيان، وخصوصاً مع جملة تصريحات لوزير الخارجية، كان أهمها في (13 يونيو/ حزيران 2016) عندما كتب عبر حسابه الخاص على «تويتر» قائلاً: «لن نعطل مسيرتنا ونهج مليكنا الإصلاحي، ولن نسمح بتقويض أمننا واستقرارنا ولن نضيع وقتنا بالاستماع لكلمات مفوض سامٍ لا حول له ولا قوة».

كل المؤشرات قبل حديث الحكومة عن دعوة المفوض السامي، كانت تشير إلى أن مساحة التراجع عن إتمام إجراءات الزيارة ستكون أكبر بكثير من حدوثها بسبب حالة «الصدام» بين الجانبين، إلا أن المتغيرات الجديدة التي كشفت عنها الحكومة يوم الاثنين الماضي في جنيف قطعت الشك باليقين، بأنه لم تكن هناك دعوة حقيقية للمفوض السامي لزيارة البحرين، إنما كانت فقط دعوة «إعلامية»، إلا في حال كان لمجلس النواب شيء آخر يقال غير الذي سمعناه وفهمناه.

صحيفة الوسط البحرينية

أضيف بتاريخ :2017/04/26

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد