آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
سلمان سالم
عن الكاتب :
نائب برلماني سابق عن كتلة الوفاق

ذكرى رحيل الرسول الأعظم (ص) إلى الرفيق الأعلى وحال الأمة الإسلامية

 

سلمان سالم

في ذكرى رحيلك يا مولانا يا رسول الله (ص) إلى الرفيق الأعلى، يعتصر الألم قلوبنا، لحال أمتك المأساوي، لقد أصبح تكفير خلق الله سمة في أمتك، واستباحة دماء الأبرياء وانتهاك الأعراض والاستيلاء على الأموال والممتلكات والمقدرات الخاصة والعامة يعتبرونه زورا وبهتانا من الدين. فإن الدين الإسلامي الذي قدمت كل غال ونفيس من أجل ترسيخ تعاليمه الأخلاقية والإنسانية وأحكامه الشرعية في الثقافة الإنسانية، أضحى في أمتك غريبا يا مولانا يا رسول الله (ص)، وأصبح فيها القابض على دينه كالقابض على الجمر، الدين لعق على ألسنتهم، ويحوطونه ما درت معايشهم، وإذا ما أصابتهم مصيبة أو بلاء اضمحل تدينهم من واقعهم وتلاشى، لقد تحملت يا مولانا يا أبا القاسم من أجل الإسلام، عنف الكفار وقسوة المشركين ومكر المنافقين وتآمر اليهود.

 

بعد رحيلك يا مولانا بـ 14 قرنا، وبعد انتشار دينك في كل بقاع الدنيا، تضاعفت الهجمات المسعورة عليه، وكثرت حملات التشويه الواسعة على أهله، لقد أثبتت الوقائع أن أهداف القوى الشيطانية المعادية للإسلام واحدة في كل العصور والأزمان، وإن اختلفت وسائلها وطرقها وأساليبها الخبيثة، من يقرأ التاريخ الإسلامي بتمعن يجد أعداء الدين لم يتركوا وسيلة إلا واستخدموها لضرب الإسلام الحنيف في أخلاقه الإنسانية، في عصرك الميمون والمبارك يا مولانا، ببهائك السامي وهيبتك الرفيعة ووقارك العالي وأخلاقك العظيمة وعلمك الرباني، وحلمك النبوي، وحكمتك الباهرة، وتسديدك الإلهي، وسماحتك الإنسانية، وتواضعك الكبير، واحترامك وتقديرك للإنسانية جمعاء، تمكنت يا سيدنا من إفشال كل مخططات اليهود التي حاكوها ضد الإسلام والمسلمين.

 

يا مولانا يا رسول الله، لقد عادت الصهيونية من جديد تشن الحروب الضروس على ديننا الإسلامي في عقر داره، وتبذل الجهود الكبيرة والأموال الكثيرة في سبيل القضاء عليه، من خلال إفراغه من كل معانيه ومضامينه الإنسانية والأخلاقية الفاضلة، وإلباسه ظلما وعدوانا بلباس الإرهاب وقتل الأبرياء وذبحهم وسبي نسائهم وبيعهم في سوق النخاسين، مستخدمة في ذلك -مع الأسف الشديد- البعض من أبناء المسلمين أدوات لتنفيذ مآربها الدنيئة، وصورت إليهم أن الذبح وإرهاب الناس طريق سهل إلى الجنة، وتمكنت من إبعادهم يا مولانا عن خلقك وسماحتك، إذ خاطبك الباري جل جلاله في كتابه المحكم (وإنك لعلى خلق عظيم) سورة القلم ـ آية رقم 4، وأسلمتهم لنزواتهم وشهواتهم الشخصية، وأصبحوا آلات للبطش والتدمير والتخريب والتشويه لكل ما له علاقة بإنسانية الإسلام.

 

يامولانا يارسول الله، لقد تمكنت الصهيونية من تجريدهم من الفكر والثقافة والخلق القويم، وجعلتهم يحكمون على كل الذين يخالفونهم في نهجهم البعيد عن خلقك القويم بأنهم خارجون عن ملة الإسلام، ويفتون بقتلهم والتنكيل بهم وأخذ ممتلكاتهم الخاصة، لقد تمكنت من فصلهم نفسيا ومعنويا وثقافيا عن العالم الإنساني بكل مكوناته الدينية والعرقية والمذهبية، مما جعلهم لا يتقبلون أحدا في هذا العالم الفسيح، ولا أحدا يتقبلهم فيه، ما يحدث في عالمنا الإسلامي وفي بقاع كثيرة في العالم ليس وليد الصدفة، نحن نعلم يا مولانا أن كل ما يحدث للإسلام كان مخططا له قبل أكثر من 100 عام في مؤتمر كامبل الذي عقد في العام 1905 م واستمر إلى العام 1907 م، الذي شكل النواة الأساسية، لوعد بلفور ومؤتمر فرساي ومؤتمر سان ريمو ومعاهدة سيفر ومعاهدة لوزان، وبصدور قرار التقسيم 181 بتاريخ 29 نوفمبر 1949، وإعلان قيام دولة إسرائيل بتاريخ 15 مايو 1948.

 

وفي 11 مايو/ أيار 1949 تبوأت إسرائيل مقعدها في الأمم المتحدة بصفتها العضو رقم 59 في المنظمة الدولية، وقد اتفقت فيه الدول الست التي حضرته على ضرب الإسلام من الداخل بكل الوسائل والطرق، وعملت منذ ذلك الوقت وحتى عصرنا الحاضر على إيجاد كوادر من أبناء المسلمين يصطبغون بصبغة إسلامية ينتشرون في كل أقطار عالمنا العربي والإسلامي، ليوجدون الفوضى والتناحر والاقتتال بين المسلمين أنفسهم، بعناوين طائفية تارة، ومذهبية تارة أخرى، ولم تكتف بهذا القدر، بل راحت إلى أبعد من ذلك، عندما جعلت أبناء المذهب الواحد يتشاتمون ويتهمون بعضهم بعضا بتهم ما أنزل الله بها من سلطان.

 

يا مولانا يا رسول الله، فلولا الغفلة التي تعيشها أمتك الإسلامية لما استطاعت أية جهة معادية للإسلام أن تنفذ في أوساطها وتختطف عقول شبابها بهذه الصورة الخطيرة، وتذهب بهم بعيدا عن متطلبات دينهم الأخلاقية والإنسانية، واحسرتاه على شباب أمتنا الإسلامية، بعضهم يطلبون الجنة بإرهاب وذبح الأبرياء، وبعضهم يريد الدنيا بزخرفها وزينتها المزيفة من دون أن يقدموا لآخرتهم أي شيء، وبعضهم يضيعون أنفسهم في دهاليز المغريات والموضات المجنونة باسم التطور، وبعضهم مغلوبون على أمرهم لا حول لهم ولا قوة، وبعضهم يقبضون على دينهم كقبضهم على الجمر يبغون من ذلك رضا الله تعالى، فالسلام عليك يا مولانا ويا حبيب قلوبنا يا رسول الله، يوم ولدت ويوم رحلت من هذه الدنيا إلى الرفيق الأعلى ويوم تبعث حيا.

 

صحيفة الوسط البحرينية

أضيف بتاريخ :2015/12/11

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد