آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
هاني الفردان
عن الكاتب :
كاتب وصحفي بحريني

تجريم وصف «وهابي وناصبي» أو «صفوي ورافضي»


هاني الفردان

قبل عامين تقدم عدد من النواب الكويتيين بتقديم تعديل على قانون الوحدة الوطنية الكويتي، لوضع حدٍّ للتراشق الطائفي بين البعض في وسائل التواصل الإلكتروني، وإن التعديل الجديد سيجرّم كل من يطلق وصف «وهابي وناصبي» أو «صفوي ورافضي».

يوم الثلثاء (9 مايو/ أيار 2017) أكد وكيل وزارة العدل والشئون الإسلامية والأوقاف الشيخ فريد المفتاح، تجريم البحرين للثنائية الطائفية «رافضي - ناصبي»، وكافة ما يدور في فلكها من مصطلحات، خلال حديث عقب افتتاح منتدى «وثيقة المدينة - عقد المواطنة الأول»، بتنظيم من قبل الوزارة وبحضور ديني ومذهبي «منتقى»، من داخل البحرين وخارجها.

ذلك التجريم الذي أعلن غير الملموس على أرض الواقع بأدلة وإثباتات واضحة موجودة ومعلنة، ذلك التوجه نراه ضرورياً، وهو جديرٌ بأن يُحتذى به في جميع الدول الخليجية والعربية، فهذا القانون والتجريم سيخفف من حالات الاحتقان الطائفي في مختلف البلدان العربية، وخصوصاً الخليجية منها، وسيعمل على منع استخدام هذه الألفاظ بعد «تجريمها» بشكل حقيقي، وأن يكون ملموساً على أرض الواقع بعيداً عن الاستغلال الإعلامي فقط، لما له من دور سيئ في شق صفوف المجتمع، وفتح المجال للمتشدّدين من كلا الطرفين في زيادة ذلك الاحتقان الذي يستغل سياسياً أيضاً.

في البحرين نعاني كثيراً من استخدام هذه الألفاظ حتى على المنابر فهي تتكرّر كثيراً، فيما تعرف إسقاطاتها ودلالاتها لدى جميع الناس سواء كانت «صفوي ورافضي» أو «وهابي وناصبي».

تصريحات رسمية كثيرة قيلت من قبل؛ ولكنها لم تغيّر من واقع ما نعيشه في البلد من حقيقة التحريض على الكراهية والطائفية التي استمرت لسنوات، بل في بعض الأوقات هناك تراخٍ في المحاسبة على ذلك عبر منابر الجمعة وغيرها.

التصريحات التي تطلق بين حين وآخر، والتي تؤكّد «اتخاذ الإجراءات القانونية بحق كل من يتورّط في التحريض على الكراهية، ويشق الصف الوطني والإسلامي أو مخالفة ضوابط الخطاب الديني»، لم تكن كافيةً أبداً لوقف تلك الخطابات الطائفية من أيٍّ كان، بل سمحت للبعض بالتلاعب بالألفاظ للهروب من المحاسبة القانونية، بعد تعويم القصد، وعلى رغم حالات الاستهجان الكبيرة التي تحدث لدى الشارع العام، بالإضافة لحقيقة التمييز في تطبيق القانون على الجميع بسواسية سواء كان من هنا أو هناك.

القضية تكمن في التغاضي عن دعاة «الفتنة» وكذلك «التكفيريين» الذين يبعثون الرسائل النصية وينشرون التغريدات ويخطبون علناً ويكفّرون المسلمين من أبناء هذا الشعب، حتى أن بعضهم وصف فئة من الناس بـ «الكلاب»، و «الكفرة» و«المجوس»، وغيرها من الألفاظ. وهناك من يقابلها أيضاً في الطرف الآخر باستخدام ألفاظ كـ «الناصبي» و «الرافضي»، وهي مفردات عفا عليها الزمن.

فلا يخفى على أحد أن كلمة «الروافض»، هي ذاتها الكلمة التي يستخدمها تنظيم «داعش» في بياناته بعد أي هجوم إرهابي على مساجد المسلمين، لتبرير قتل المصلين الآمنين فيها، وهي كلمة يعرفها الجميع ويعرف مقاصدها، ولا يمكن تجاهلها. ومع ذلك تسمع تلك الخطب التحريضية المليئة بالشتائم والقذف، وذلك النائب السابق الذي يغرد في كل حين بذات الكلمة، ويغض البصر عنها ويتم تجاهلها!

الحديث عن الإجراءات والقانون، هو حديث قديم يخرج به كلما جدّ جديد، إلا أنه لا يطول الكثيرين ممن يحبون الهروب من الإساءة الطائفية باستخدام تلك الألفاظ المعروفة.

المادة (172) من قانون العقوبات، تنصّ على أنه «يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين وبالغرامة التي لا تجاوز مئتي دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين من حرّض بطريقٍ من طرق العلانية على بغض طائفةٍ من الناس أو على الازدراء بها، إذا كان من شأن هذا التحريض اضطراب السلم العام».

أما المادة (309) من قانون العقوبات، فتؤكد على أنه «يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بالغرامة التي لا تجاوز مئة دينار من تعدّى بإحدى طرق العلانية على إحدى الملل المعترف بها أو حقّر من شعائرها».

ومع وجود تلك المادتين في قانون العقوبات البحريني، إلا أنهما قد لا تكونان كافيتين، لعدم احتوائهما على نصوص واضحة تحدّد بدقة حالات التعدي والبغض، إذ إن الواقع يؤكد بحسب ما هو مجرّب، أن ألفاظاً كـ «وهابي وناصبي» أو «صفوي ورافضي»، لا تنطبق عليهما تلك المادتان في القانون.

إلى من يعنيه الأمر، إن رفع لواء المصالحة، وحفظ نسيج المجتمع وعدم الإساءة للمكوّنات الاجتماعية والدعوة لإثارة الفتن الطائفية، يحتاج إلى سن قوانين واضحة تجرّم تلك الأوصاف والكلمات المهينة لأي طائفة أو ملة أو حتى كيان ومجموعة والتي من شأنها أن تحقّر منهم أو تسيء لهم، ويحتاج أيضاً إنصاف وعدالة في تطبيق القانون على الجميع بلا تمييز وانتقائية.

نعم... نريد أن نرى في يوم من الأيام الملاحقة القضائية تطول كل من تسوّل له نفسه الإساءة لأي جماعة أو تيار أو طائفة أو ملة، بأوصافٍ لا تليق بمجتمعنا، بل تعمل على تعميق الشرخ الوطني.

وسنذكّر وكيل وزارة العدل والشئون الإسلامية والأوقاف الشيخ فريد المفتاح بكلامه كلما جد جديد، وخرجت تلك الكلمات من «الطائفيين» لتطبيق القانون الذي قال عنه.

صحيفة الوسط البحرينية

أضيف بتاريخ :2017/05/13

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد