آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
نبيل نايلي
عن الكاتب :
باحث في الفكر الإستراتيجي الأمريكي، جامعة باريس.

خط ترامب الأحمر أم مسوّغ جديد للعدوان على سوريا!


 نبيل نايلي

“إذا شنّ الأسد هجوما جديدا يؤدي إلى عملية قتل جماعية باستخدام أسلحة كيميائية فإنه وجيشه سيدفعان ثمنا باهظا”! المتحدث باسم الرئاسة الأمريكية، شون سبايسر.

هل هي فقط المصادفة أن يتزامن تحذير أشبه بالوعيد وجّهه البيت الأبيض الذي أصر المتحدّث باسمه بـ”أن قوات الرئيس السوري بشار الأسد قد تكون تعدّ لشنّ هجوم كيميائي جديد، محذّرا من ردّ مشابه للضربة التي نفذتها القوات الأمريكية بداية أفريل الماضي، مع ما كشفه الكاتب الأمريكي سيمور هيرش، Seymour Hersh، في مقال له في صحيفة “دي فيلت، Die Welt” الألمانية، من أنّ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب “أذن بإطلاق صواريخ توماهوك على قاعدة الشعيرات في ريف حمص التابعة للجيش السوري على الرغم من تحذير الاستخبارات الأمريكية من أنها لم تجد دليلاً على أن دمشق استخدمت سلاحاً كيميائياً على خان شيخون؟ أم أن الأمر لا علاقة له بالصدفة في وقت باتت فيه كل المنطقة على كف عفريت!

هيرش أعلن أيضا أنّ “بعض المسؤولين العسكريين الأمريكيين كان يشعرون بالأسى الشديد من تصميم ترامب على تجاهل الأدلّة”؟

البيت الأبيض الذي يدعي “أن قوات الرئيس السوري بشار الأسد قد تكون تعد لشنّ هجوم كيميائي جديد”، ويتوعّد بتنفيذ “رد مشابه للضربة التي نفذتها القوات الأمريكية أفريل”، يكون قد قطع شوطا فيما سمّته روسيا “عملا استفزازيا” يعمل جاهدا على إيجاد مسوّغ أخلاقي ومبرّر عسكري وغطاء معنوي لاستكمال العدوان على سوريا الذي انخرط فيه منذ السفر الأول للأزمة السورية!

ماذا يعني هذيان المتحدث باسم الرئاسة الأمريكية شون سبايسر، Sean Spicer، المتحدّث عن أن “الولايات المتحدة رصدت استعدادات محتملة من قبل النظام السوري لشن هجوم كيميائي آخر قد يؤدي إلى عملية قتل جماعية لمدنيين بمن فيهم أطفال أبرياء”؟

متى كانت صحة وسلامة أبناء سوريا شأنا أمريكيا أو إيرانيا أو روسيا؟ أليس من الزيف والسخرية والضحك على الذقون أن يتولى المتحدث باسم البنتاغون الكابتن جيف ديفيس، التصريح بأن الأمريكيين “رصدوا نشاطا في قاعدة الشعيرات، ما يؤشر إلى استعدادات لاستخدام محتمل للأسلحة الكيميائية”! يا سلام ..منذ متى كانت لهم مصداقية أو عهد وهم من كذبوا في كل المحافل الدولية للتحشيد والدعم لشنّ عدوان على سوريا؟! ألا يذكّر هذا السبايسر بكذب كولن باول حول أسلحة الدمار الشامل العراقية وما آلت إليه الأمور بعدها؟

هل تسحب موسكو سفيرها سيرغي كيسلياك، وسط هذه الأزمة العاصفة عمداً أم هو تغيير طبيعي في الدبلوماسية الروسية؟

ألم تسقط الولايات المتحدة، المعنية جدا بهزيمة داعش، في 18 حزيران/يونيو الجاري طائرة حربية سورية لبتبرّر ذلك بأنها كانت “تستهدف قوات سوريا الديموقراطية في محافظة الرقة”؟

ألم تقصف هذه القوات الأمريكية منذ بداية أيار/مايو في ثلاث مناسبات على الأقل الجيش السوري في منطقة التنف على الحدود مع العراق، معلنة أنها “تشكل تهديدا” لقوات التحالف؟

ألا يؤكد أحد كبار موظفي الإدارة الأمريكية لزملائه، عندما علمه بقرار القصف “ألاّ شيء من هذا منطقي. نحن نعلم أنه لم يكن هناك هجوم كيميائيي”؟

ألم ينقل هيرش عن أحد كبار الموظفين في الإدارة الأمريكية يقول لزملائه عندما علم بقرار القصف “لا شيء من هذا منطقي! نحن نعلم أنه لم يكن هناك هجوم كيميائي؟

ألم يقل المستشار الأمريكي  بلا مواربة “هل خطط السوريون للهجوم على خان شيخون؟ إطلاقاً! هل لدينا أدلة لإثبات ذلك؟ إطلاقاً! هل كانوا يخططون لاستخدام السارين؟ لا!؟ ليعترف “لكن الرئيس لم يقل: لدينا مشكلة ودعونا ننظر في الأمر. بل قال إنه يريد الضربة في سوريا”!!!!

كل هذا ويصر وزير الدفاع الأمريكي، “الكلب المسعور” جيم ماتيس، James Mattis، على احتقار ذكاء بعضنا بقوله نحن “نرفض بكل بساطة أن يتم زجّنا في النزاع السوري الذي نحاول وضع حدّ له من خلال الجهود الدبلوماسية”، ليكذب بعدها وعلى العلن مصرّحا أنّ “القوات الأمريكية في المنطقة لن تفتح النار إلاّ إذا واجهت العدو أي تنظيم داعش”. داعش طفلكم المدلّل الذي يُنقل جوّا كلما أطبق عليه وفتحت له المنافذ متى أحكمت هو عصاكم الإستراتيجية تهشون به على مصالحكم ولكم فيه المآرب الأخرى!!

أبلغ ما يختتم به هيرش مقاله هو ما أسرّ به أحد مستشاريه الذي علّق محقّا على قرار القصف بـ”أنّ كلّ شخص مقرّب من ترامب يعرف ميله إلى التصرّف بشكل عاجل عندما لا يعرف الحقائق، ليخلص إلى أنّ “إنه لا يقرأ شيئاً ولا يملك معرفة تاريخية حقيقية، فهو يريد الإحاطة الشفوية والصور الفوتوغرافية. يمكنه أن يقبل عواقب قرار سيء في عالم الأعمال، وأنه سيفقد المال، ولكن في منطقتنا ستضيع الأرواح، وسوف يكون هناك ضرر طويل الأمد لأمننا الوطني إذا كان يخمّن بطريقة خاطئة”!
ليحمي المولى سوريا!

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2017/06/30

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد