آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
شريف قنديل
عن الكاتب :
كاتب صحفي عضو نقابة الصحفيين البريطانية والمصرية الصحفي الحزين

جامعة الدول غير العربية!


شريف قنديل

قد يبدو العنوان صادماً أو كاوياً، لكنها الحقيقة التي تتوسع كل يوم مع إقليم يعلن تأسيس دولة، وآخر ينظم الاستفتاء، وثالث يطالب المجتمع الدولي بالاعتراف! يحدث ذلك في دول عربية تنتمي لأمة عربية، ولها أعلام وجامعة عربية!

أدرك بداية أن ثمة دولاً غربية وأخرى لاتينية كان لها ولا يزال مواقف من القضايا العربية أوضح وأقوى من مواقف دول عربية، خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، ناهيك عن السورية، والعراقية، واليمنية.. أدرك ذلك وأكثر منه، لكن ما يحدث الآن يكشف بجلاء كيف كنا وكيف أصبحنا وأين أصبحنا!

لقد كنا في السابق نعتبر انفصال جنوب السودان سبة، ونعتبر الحرب التي خاضها الجيش السوداني لمنع الانفصال، ليس فقط مشروعة، وإنما ضرورة وواجباً ، وفي ذلك تكاثرت المقالات وعناوين الصحف والأناشيد والكتب، بل والفتاوى والخطب!

الآن نستيقظ على خطاب رقيق أو أليم من الأمين العام لجامعة العرب إلى السيد مسعود بارازاني رئيس كردستان العراق يطلب فيه مراجعة قرار إجراء الاستفتاء المقرر في 25 من الشهر المقبل على استقلال الإقليم!

وجاء في الخطاب «أن الاستفتاء سيحمل رسالة سلبية لأبناء الشعب العراقي ويفتح الباب أمام «الشرذمة والتفتيت»، ومن ثم يتعين «الانخراط فوراً» و»من دون تأخير» في جهود حقيقية وجادة ومتواصلة لتحقيق «المصالحة الشاملة» بين أبناء الشعب العراقي.

ياه! بل أوَّاه أيها الأمين العام! لقد تعودت الأمة على الشرذمة والتفتيت منذ سنوات، حتى أدمنتهما، دون أن تتحرك الجامعة! كما انطفأت الروح أو الجذوة التي سادت في عصور سابقة، فهل يتصور معاليكم، أن مسعود «سينخرط فوراً» بل «ومن دون تأخير» لتحقيق أو المساهمة في تحقيق «المصالحة الشاملة بين أبناء الشعب العراقي»؟!

وحتى وإن كان مسعود يحب ذلك، فهل تتصورون أن القرار بيده؟! أو حتى بيدنا نحن العرب الذين بتنا ننتظر نتائج الحملات والاتفاقيات والهدنات الدائرة هنا وهناك لنعرف مستقبلنا؟!

هذا عن العراق، فماذا عن سوريا التي أعلنت فيها «وحدات حماية الشعب الكردي» الاستعداد للانتخابات نهاية الصيف وافتتاح ممثلية في موسكو، وأخرى قريباً في برلين؟!

لقد امتلأ خطاب الأمين العام لجامعة الدول العرب بمزيد أو مزيج من الألم والشجن معاً! وإذا كانت مصادر الألم أكثر من أن تعد.. جراح عميقة ونزيف دم عربي مستمر وبيوت عربية مهدمة وأسر عربية لاجئة ومشتتة وجثث عربية تلقى بنفسها أو يلقيها غيرها في البحار والمحيطات، وأخرى يعثرون عليها في الصحراء والجبال، فإن مصدر الشجن تجسده رسالة أبو الغيط في السطور التالية: « إن الجامعة العربية تعترف بتنوع المجتمعات العربية، وترى فيه مصدر إثراء وعنصر قوة، وهي تعد بمثابة إطار حاضن لكل العالم العربي» «إن الجامعة العربية في الوقت الذي تحرص فيه كل الحرص على «وحدة أراضى الدول العربية» و»عدم تفتيتها» و»عدم تجزئتها»، فهي تبدي حرصاً مماثلاً على حث جميع الدول الأعضاء على الوفاء بالتزاماتها في تطبيق «المفاهيم العصرية للمواطنة» و»المساواة في الحقوق بين أبناء الشعب الواحد»..»إن الجامعة تتطلع أن تكون الرسالة بداية لحوار يفضي إلى اتفاق لصالح الجميع، يغلق الأبواب أمام مخطط التقسيم» مرة ثانية وثالثة ،أوَّاه أيها الأمين: وسط هذه الاتفاقيات التي لا دور للعرب فيها والهدنات التي لا دخل للعرب بها ها أنت تدعو إلى»حوار يفضي إلى منع مخطط التقسيم» ! أقول وأتمنى أن تقول معي: لا حول ولا قوة إلا بالله العظيم!.
 
 صحيفة المدينة

أضيف بتاريخ :2017/08/05

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد