آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
هاني الفردان
عن الكاتب :
كاتب وصحفي بحريني

الضرائب والمجتمع "المتمدن"

 

هاني الفردان

هناك قول مأثور لعضو محكمة العدل العليا الأميركية أوليفير هولمز مفاده: إن "الضرائب هي ما ندفعه لقيام مجتمع متمدن".

 أقر مجلس النواب يوم أمس كما "يسلق البيض" مشروعا بالتصديق على الاتفاقية الموحدة للضريبة الانتقائية لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، كما قرر مشروع الضريبة الانتقائية، المحالين للمجلس "بصفة الاستعجال". كان واضحاً منذ البداية أن المشروعين سيمرران سريعاً ودون نقاش فعلي، على رغم رفض لجنة الشئون المالية والاقتصادية له، مع العلم بأن اللجنة لم تتمكن من دراسة المشروعين دراسة واقعية وحقيقية لضيق الوقت!

لا يمكن أن يكون المواطن البحريني ممانعاً في دفع الضرائب، في حال كانت منظومة الاستثمار في تلك الأموال معروفة وواضحة بشكل شفاف، ولها أثر مباشر وعيني على مصالح الفرد.

لا يمكن أن يكون المواطن ممانعاً في دفع الضرائب، في حال وجد وتلمس عوائدها بشكل مباشر عليه وعلى مجتمعه. ولا يمكن أن يكون المواطن ممانعاً في دفع الضرائب في حال وجد رقابة حقيقية تمثله وتمكنه من محاسبة الحكومة في حال تقصيرها.

من أهم الأسباب التي تجعل الناس رافضين ومتخوفين من فرض الضرائب عليهم، ليس فقط ضعف الدخل، وتدني المستوى المعيشي وارتفاع الأسعار، بل عدم الثقة بالأجهزة التنفيذية، وعدم إيمانهم بوجود منظومة استثمارية شفافة، وعدم قناعتهم بوجود سلطة رقابية حقيقية قادرة على ضبط إيقاع كل تلك العملية.

تلمسنا ذلك العجز الرقابي في قدرة مجلس النواب على مناقشة ما يعتبر أول قانون ضريبي يفرض في البحرين، وهذا القانون مرر في ساعات بسيطة جداً، حتى أن عددا من النواب وجدوا أنفسهم عاجزين حتى عن الكلام في ظل عدم قدرتهم على مناقشة المواد مادة مادة، فيما عجزت لجنتهم المالية أيضاً عن ذلك!

كمواطن بحريني لو سئلت هذا السؤال: هل أنت مقتنع بأنك شريك في صنع القرار؟ هل أنت مؤمن بوجود سلطة رقابية فاعلة؟ هل تؤمن بوجود شفافية في المنظومة الاستثمارية للدولة؟

 سيكون جوابي قطعاً "لا"، لا أجد نفسي شريكاً في صنع أي قرار، بل تفرض علي الأمور فرضاً حتى لو كانت عبر تشريع أصدر من تحت قبة البرلمان، فالحقيقة أن هذا البرلمان لا يمثلني، كما لا يمثل فئة أزعم أنها كبيرة في المجتمع من مختلف توجهاته وانتماءاته، سواء كانوا معارضين أم حتى "موالين".

لكي أكون شريكاً في الحل، ولكي أقبل بالضرائب وتتجه نحو المجتمع "المتمدن"، يجب على الدولة أن تقدم لي الضمانات الكافية والفاعلة في المشاركة بصنع القرار، ووجود الرقابة الحقيقية وشفافية.

أضيف بتاريخ :2017/11/08

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد