آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
د. أحمد القطامين
عن الكاتب :
خبير التخطيط الإستراتيجي من الأردن

مشكلات العرب.. واستهداف الوعي!!


د. أحمد القطامين

أحداث دراماتيكية ملغَمة تجري في طول المنطقة العربية وعرضها.. من سوريا إلى اليمن إلى ليبيا إلى مصر إلى منطقة الخليج امتدادا إلى المحيط الإسلامي في تركيا وإيران وغلاف الأمة في القرن الأفريقي حيث أثيوبيا تنهمك في معادلة الفعل على أوسع نطاق. أما الارتدادات فتظهر بطريقة ما كالأشباح في واشنطن وموسكو وباريس ولندن، الجميع يشارك في لعبة واحدة موضوعها الرئيسي العرب وهدفها النهائي التموضع استراتيجيا لنظام عالمي جديد متعدد الأقطاب والقوى.

دور العرب في خضم هذه الفوضى العالمية المنفلتة تتلخص في ثلاث مشكلات:

المشكلة الأولى تكمن في أن حظ العرب عاثر تماما فهم يتموضعون في بقعة جغرافية مفتاحية في قلب العالم تسيطر على معادلة الصراع بين الأقطاب العالمية المتنافسة ويمتلكون مصادر الطاقة الأساسية لاستمرار الحياة المدنية المعاصرة، وبما أن العرب يفتقدون لدولة واحدة تلم شتاتهم وتفعَل إمكانياتهم وتمنحهم القوة على الصمود والانجاز لذلك ينحصر دورهم في التبعية لهذه القوة العالمية أو تلك، تبعية تملي عليهم الاهتمام فقط بمصالح القوة التي تحميهم على حساب مصالحهم الحقيقة.

أما المشكلة الثانية فتتمحور حول الغياب التام لممارسة الحكم الرشيد الذي يمتلك معادلات محددة فاعلة لحماية الأمن الوطني للكيانات العربية ناهيك عن حماية الأمن القومي الكلي للعرب. من هنا عندما تنتقل السلطة من فرد إلى فرد آخر من الطبقة الحاكمة يصبح من المحتم أن يقدم الحاكم الجديد أوراق اعتماده للقوة الخارجية التي تحمي المنظومة مشفوعة بكل التعهدات على أن يكون مخلصا وأمينا ومتفانيا في خدمة مصالح تلك القوة حتى لو كانت في النقيض التام لمصالح شعبه ووطنه.

وأخيرا تأتي المشكلة الثالثة لخلق الصورة النهائية للمشهد والتي تتلخص في إتباع إجراءات صارمة تعمل في أعلى درجات الكفاءة والفاعلية تسعى إلى إضعاف مستوى الوعي لدى المواطن العربي بحيث يصبح منقادا في قطيع تحكم سلوكياته ومواقفه فلسفة الانصياع، وتدريجيا يتحول من إنسان متعلم مكتمل الإنسانية يستطيع التفكير والسلوك بطريقة سليمة إلى فرد في منظومة جماعية تتبع تراتبية الانصياع للحركة العامة التي تمليها حركة القطيع، وهذا بالطبع يقود إلى التعود على الحركة الآلية دون السماح بالتفكير الإنساني المعتاد ويدخل الإنسان في هذه الحالة إلى وضع العيش الروتيني الهادئ المعزول عما يجري في البيئة الخارجية من حوله.

من هنا يصبح الفرد يعيش ضمن المنطقة الرخوة الآمنة فيبتعد عن متابعة الشأن العام أو التعبير عن رأيه خوفا من اختلال معادلة القطيع ويرتد إلى الاهتمام فقط بمصالحه الشخصية الأنانية كما لو كان يعيش منفردا في كوكوب زحل.

خلاصة الحديث أن الحل واضح وأن الانتقال إلى مستوى حياة الشعوب والأمم الأخرى يتطلب خلق حالة جديدة تسمح للإنسان أن يتحرر من عقلية الانتماء لقطيع ويسعى إلى الانتماء لمجتمع إنساني تحكمه معادلات الحق ومبادئ الأخلاق وقيم الإنسانية.

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2018/04/09

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد