آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
د. أحمد القطامين
عن الكاتب :
خبير التخطيط الإستراتيجي من الأردن

انتصرت سوريا وارتبك من تسبب بمحنتها.. فماذا بعد؟

 

د. أحمد القطامين

بتعليمات وتخطيط أمريكي وتنفيذ دول عربية وإسلامية، تم حقن الوطن السوري بكل أنواع المقاتلين المتشددين وكادت الدولة أن تنهار في مواجهة ما يشبه الحرب العالمية المدعومة بكل مقومات النجاح من المال ووسائل الأعلام القوبة جدا والناطقة بالعربية وسيل لا ينضب من افتك أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة حوالي مائتي مليار دولار، كان كل ذلك لإسقاط الدولة السورية وذلك باستغلال موجات الربيع العربي التي بدأت عام 2011 وتم الانقضاض عليها ووقفها وإجهاض نتائجها فيما عرف بالثورة المضادة التي بدأت بالفعل عام 2013، وكانت سوريا الاستثناء الوحيد فبينما وقفت الدول إياها ضد ثورات الربيع العربي جميعها وحاربتها بقسوة  وبكل الإمكانيات المتاحة إلا في سوريا وقفوا معها، في حالة دالة تماما على النوايا والخلفيات والمخطط.

مع بدايات الغزو وأثناءه، باشر الإعلام العربي الممول جيدا والمزود بأحدث تكنولوجيا البث بعملية شيطنة واسعة النطاق للدولة السورية وحكومتها والأفراد الذين يتولون مسؤوليات رسمية فيها، وكان التأثير كبيرا وعميقا ومع ذلك لم ينشق إلا مسؤول  كبير واحد مقابل 50 مليون دولار دفعت له نقدا بعد فراره من وطنه، وتماسكت الدولة بجميع مكوناتها.. وصمدت الدولة السورية لسبع سنوات عجاف تعرضت فيها سوريا لكل أنوع القتل والتخريب والتدمير النفسي والمادي والمعنوي ومحاولات النيل من تاريخها الحضاري المعروف منذ القدم في هذه المنطقة الصحراوية الفكر والتفكير من العالم.

صمدت الدولة العميقة ووقف الجيش العربي السوري إلى جانبها وتمكن جزء مهم من الشعب من البقاء في بلاده بالرغم من كل الإغراءات التي كانت تقدم للنازحين إلى تركيا والأردن ولبنان تحديدا.. لقد كان تهجير الشعب جزء مهما من عملية إسقاط الدولة. وكما قال رئيس وزراء ووزير خارجية قطر السابق جاسم بن جبر: لقد طلبت منا الولايات المتحدة الأمريكية أن نقوم بما قمنا به في سوريا ونجحنا في بداية الأمر، وما أن نجحنا حتى بدأت الخلافات بيننا وبين شركائنا الخليجين  تتزايد على “الصيدة” – المقصود بالصيدة سوريا-  إلا أن “الصيدة” فلتت وسلمت ونحن خسرنا..

مع مطلع عام 2018 ( بعد أن فلتت الصيدة) أخذت المعطيات على الأرض تتغير لصالح الدولة السورية بسبب صمودها الاسطوري أولا والتدخل الروسي ثانيا ووفاء الأصدقاء لها ثالثا. وما أن أشرف العام على الانتهاء  حتى كان الجيش السوري قد استعاد جزءا  كبيرا من الأرض السورية وتركت محافظة إدلب في عهدة تركيا في محاولة لإفساح المجال لترتيب إخراج المتشددين  منها تجنبا للخسائر المدنية المتوقعة إذا استخدم الحل العسكري، بالإضافة إلى منطقة شرق الفرات التي يسيطر عليها مسلحون أكراد بحماية القوات الأمريكية، والتي من المتوقع أن يدخلها الجيش العربي السوري – كما دخل منطقة منبج صباح يوم أمس ورفع العلم السوري عليها- قريبا بعد أن تستكمل القوات الأمريكية انسحابها.

إذن عادت سوريا اللاعب الأقوى تأثيرا والتزاما بالعروبة وأصبح في حكم المؤكد أن دستورا جديدا وحياة ديمقراطية جديدة متكاملة ستكون الخطوة القادمة. أن مفتاح الأمن في أي بلد هو حرية المواطن وممارسة نظاما ديمقراطيا لتداول السلطة وهو حل ليس لسوريا فحسب إنما لكل المنطقة العربية التي لا زالت تعيش في ظل أنظمة حكم عفى عليها الزمن وأصبح التغيير واجبا لمنع الشعوب من أن تسلك طرقا أخرى عنيفة للتغيير. ولعل العام 2019 أن يكون عاما حاسما في هذا السياق.

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2019/01/01

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد