آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
فوزي بن يونس بن حديد
عن الكاتب :
كاتب

التقارب الإيراني الإماراتي مهمّ لأمن المنطقة

 

فوزي بن يونس بن حديد

فكّرت دولة الإمارات العربية المتحدة وقدّرت، ورأت أنه لا بد من التقارب مع إيران حفاظا على مصالحها وعلى أمن المنطقة برمّتها، وهو تحوّل دراماتيكي في العلاقات الإيرانية الإماراتية في هذا الوقت بالذات الذي تعاني فيه منطقة الشرق الأوسط من أزمات سياسية وأمنية وتوتر على مستوى العلاقات الخليجية الخليجية، وجاء هذا التقارب بعد أن رأت الإمارات أنها بدأت تخسر كل شيء، تخسر قاعدتها الدولية بعد انسحابها التدريجي من اليمن الجريح، واقتنعت أن الحرب على اليمن خاسرة لا محالة ولا بد من إيجاد سبل سياسية جديدة لاستدراج إيران إلى السلام الذي بدأت تقتنع بفصوله اليوم.

مع أن الإمارات دولة استراتيجية في المنطقة لها وزنها الثقيل رغم صغر مساحتها مثلها مثل دولة قطر ومملكة البحرين، لكن ربما لقدراتها السياحية قد تتفوق على الدولتين، ويجعلها محل أنظار العالم، وبدأت تسوء العلاقة بين إيران والإمارات بعد دخول الأخيرة في تحالف مع السعودية ومعاداة إيران جهرة وعلانية رغم تواصل التبادل التجاري بين الدولتين إلى مستوى مرموق ورغم أن الدولتين الجارتين لهما علاقات تاريخية خاصة، وأن كثيرا من المستثمرين الإيرانيين موجودون في الإمارات وربما العكس أيضا صحيح، مما يجعل قطع العلاقة مع إيران أمرا بعيد المنال، وقد يكون التخوف من القوة الإيرانية أحد أسباب التقارب، بعد أن تعرضت سفن تجارية في الإمارات إلى عمليات تخريب في ميناء الفجيرة خلال الأشهر الماضية.

ولا حل للإمارات إلا التقارب مع إيران لعلمها أن إيران دولة قوية بجيشها واقتصادها وتاريخها، وهي بالتالي عرضة للاندثار على يد القوات المسلحة الإيرانية، ومكشوفة للقناصين الإيرانيين، يمكن أن تهتز بجرة قلم من مسؤول إيراني كبير، ظنت أن السعودية دولة قادرة على دحر الحوثيين في اليمن في وقت قصير إلا أن الأحداث الجارية هناك أصمّتها وأبكمتها وأحدثت شرخا كبيرا في علاقاتها مع جيرانها ومع الدول العربية كلها تقريبا، والسبب حربها على اليمن وغرورها وتدخلها في شؤون الدول الأخرى، وبعد هذا التقارب الأمني بينهما هل اقتنعت الإمارات بضرورة فكّ الرباط بينها وبين السعودية ومحاولة البحث عن بدائل أخرى للاستقرار في المنطقة.

لقد أدركت الإمارات عظم المسؤولية التاريخية إذا قامت حرب في المنطقة بين أمريكا وإيران، وحجم المعاناة الذي يمكن أن تخلفه الحرب على مدى عقود من الزمان، وأن البناء بعد الهدم عصيّ على الدولة الناشئة التي بلغت أوجها في الاقتصاد، كما أدركت أنها غير قادرة على حماية نفسها مما سيجري إذا اندلعت هذه الحرب واليمن شاهد ومثال حي على ذلك، ستفتقر الدولة وسينتهي الشعب وستعاني من المنطقة من جفاف اقتصادي عقودا من الزمان، كل ذلك بسبب نزوات إسرائيل التي تريد أن تدمر إيران حسب زعمها.

وفي المقابل رأت أن التقارب الأمني مع إيران يكسبها مناعة قوية رغم النزاع القديم بينهما على الجزر الثلاث، يحميها من أي اعتداء قد يكون من داخل المنطقة أو خارجها، لأنها صنعت تحالفا قويا مع إيران التي تلتزم عادة ببنوده في السلم والحرب، وبالتالي تكون في مأمن من أي تحالف ضدها، وعلى هذا الأساس بادرت الإمارات العربية المتحدة إلى اتخاذ هذه الخطوة الضرورية لإنقاذ ما ينبغي إنقاذه، وحماية ما يمكن حمايته خوفا من فوات الأوان.

فهل يكون هذا التعاون الأمني مقدمة لتصالحات سياسية واقتصادية جديدة بين الإمارات وإيران؟ وهل سنشهد في الفترات القادمة تغيرات جذرية في العلاقة بين الدولتين؟ وما موقف الحليفة المملكة العربية السعودية مما يجري؟ وهل ستتضرر الإمارات من تحالفها مع إيران؟ وهل تستطيع إقناع الولايات المتحدة الأمريكية بأن ما تفعله هو عين الصواب؟ كل ذلك تساؤلات يمكن أخذها بعين الاعتبار عند تحليل هذا التقارب الأمني بينهما وهم أمر مهم جدا في هذه الفترة الحرجة لأمن المنطقة برمتها التي تشهد توترات ساخنة يمكن أن تشتعل في أي وقت، وهل يمكن للحوثيين في اليمن أن يعفوا الإمارات من استهدافها بعد التحول السياسي الذي حدث؟

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2019/08/05

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد