آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
إيمان شمس الدين
عن الكاتب :
كاتبة وباحثة كويتية

جاهلية العصر ونكبات التنمية

 

الهوة الكبيرة ثقافيا وفكريا بين الدول والشعوب تخلق حالة من عدم التوازن في البيئة العالمية ثقافيا وفكريا تنعكس على التنمية في كل بلد والتنمية في العالم، وهذا ينعكس على مستوى رفاه الإنسان.
صحيح أن مستوى التعليم مؤشر مهم في سلم مؤشرات التنمية، لكن الأهم مدى تحقق الغايات من العملية التعليمية وتوظيف الطاقات في مشروع التنمية المحلي والعالمي.

فكثرة ابتعاث الطلبة على سبيل المثال وكثرة توجهات الأفراد نحو الجامعات مؤشر إيجابي، لكنه لا يمكن أن يصبح مؤشرا تنمويا حقيقيا إلا حينما يدفع ذلك في سلم نهضة الداخل والخارج، وانعكاس مستوى الفرد التعليمي على سلوكه العام وسلوكه الخاص، وهو مؤشر له دلالاته في مستوى المجتمع ومدى نهضته العلمية والأخلاقية. ورغم إننا نملك أعدادا كبيرة من الشباب والشابات في الجامعات الداخلية والخارجية، إلا أن قراءة عابرة للأوضاع السياسية والاجتماعية والتنموية تعكس عدم استفادة حقيقية منها كمردود طبيعي لطاقات تصرف الدولة على تعليمها، لكنها لا تستفيد منها في بناء مستقبل الدولة.

وأهم مؤشر يدلل على ذلك هو الأزمات التي تعكس وضعا في غالب الأحيان يشبه أوضاع الجاهلية الأولى، بممارسة كل أنواع العصبيات وتغييب أي وجود للدولة والمؤسسات والدستور، ولا توظيفا للعلم في سبيل النهضة، وهذا أيضا له دلالات وأسباب سنفرد لها مقالا خاصا، وللأسف من يمارس هذا النوع من الجاهلية أغلبهم رموز وأكاديميون، أي بعضهم يعتبر قدوة لمحيطه، لكنه يقدم نموذجا مشوها جدا للمجتمع.

لذلك لا يمكن أن تقوم للتنمية قائمة حقيقية طالما هناك سلوك عصبي جاهلي يحول الدولة إلى خنادق قبلية ومذهبية وفئوية، وطالما هناك تسريب لثقافة الجوار في هذا الصدد وغلبة عقل الجاهلية على عقل النهضة الحر.

ومهما كان الإنفاق على التعليم فإنه لن يحقق هدفه إلا في حال توظيف تلك الطاقات في نهضة الكويت وفي رصيدها، لا في رصيد المذهب والقبيلة، وتغليب صوت العقل على صوت الجاهليات الأولى، وغلبة صوت العالمية الإنسانية على صوت الرموز والهالات القدسية للدول والأنظمة والنخب بكل أشكالها.

 

الكاتبة: إيمان شمس الدين

 جريدة القبس الكويتية.

أضيف بتاريخ :2015/10/04

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد