آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
آسيا العتروس
عن الكاتب :
كاتبة وصحافية تونسية

المغرب يلتحق بالقاطرة التطبيع يتحول الى قاعدة و المقاطعة الاستثناء ولكن الى متى؟

 

اسيا العتروس

على عكس المشهد العربي العربي المتجمد والمثقل بانقساماته و جروحه و ازماته و غياب المصالحة بين شعوبه و حكوماته , يبدو المشهد العربي الاسرائيلي و قطار التطبيع الذي اخترقه وحده المتعجل لتحقيق اهدافه و ضم اكبر عدد ممكن من المتطبعين تحت مظلة الرئيس الامريكي دونالد ترامب الذي يصر على تحقيق ما لم يحققه رئيس امريكي من قبل و عدم مغادرة البيت الابيض قبل ان يحطم الارقام القياسية معلنا وعلى مدى الاشهر الاربعة الماضية توقيع اتفاقية للسلام كل شهر بين تل ابيب و عواصم عربية وبعد اعلان ترامب توقيع الامارات والبحرين والسودان التطبيع مع الكيان الاسرائيلي اعل ناول امس ترامب عن اتفاق مماثل مع المغرب البلد المغاربي الذي يترأس العاهل المغرب صندوق القدس فيه ..
خنجر اضافي في المشهد المغاربي ..
صحيح أن الامر لم يشكل مفاجأة صادمة بعد أن تعودت الشعوب العربية على الصدمات و تهيأت لكل الاخبار مهما كان وقعها , و صحيح ان علاقات المغرب مع اليهود ليست بالامر الجديد وان الملك محمد السادس حافظ على مستشار والده اليهودي المغربي ازولاي و صحيح انه و بعد اتفاقات اوسلو كان المغرب بين عديد الدول العربية التي قبلت بفتح مكتب علاقات مع تل ابيب في حينها و لكن الشرط الاول و الاساسي كان المضي قدما باتجاه التطبيع في حال التزمت اسرائيل بالسلام و بقرارات الوسيط الامريكي الراعي غير النزيه لعملية السلام …
قبل ان يتوقف المسار مع اندلاع الانتفاضة سنة 2000 و تنكر اسرائيل لكل تعهداتها للفلسطينيين امام العالم و امام المنظمات الدولية و الحقوقية التي وقفت عاجزة مستسلمة امام سلطة الاحتلال واسوا انظمة الميز العنصري في عصرنا..المثيرمع كل اتفاق تطبيع ان الاعلان لا ياتي من الدول او العواصم المعنية و لكن من الرئيس الامريكي عراب صفقة السلام المصر على الظهور بمظهر الوصي على هذه الاطراف ..
و اذا كان الخطر الايراني وراء تبرير دفع الامارات و البحرين و ربما سلطنة عمان الى التطبيع فقد تلقى السودان وعودا برفعه من قائمة الدول الراعية للارهاب و قد وجب التذكير هنا ايضا ان السودان دفع من التعويضات للضحايا الامريكيين في الاعتدائين الارهابيين لرفعه من هذه القائمة وهو ما كان يمكن ان يعيد اعمار هذا البلد و انقاذ مؤسساته فان المغرب في المقابل حصل على دعم امريكي بسيطرته على الصحراء الغربية محور النزاع مع البوليزاريو منذ اربعين عاما و القضية التي تعد من مخلفات التقسيم الاستعماري لدق اسفين الخلافات بين الدول و التي كانت و لاتزال وراء غياب التطبيع بين الجارين اللدودين المغرب و الجزائر ووراء اجهاض مشروع الاتحاد المغاربي الذي كان سيمنح شعوب المنطقة البدائل الاقتصادية و التجارية و الثقافية و العلمية و التربوية التي يطمح اليها …
التطبيع مقابل الصحراء الغربية
نقطة وجب الاشارة اليها و هي ان الاعلان عن تطبيع العلاقات بين المغرب و اسرائيل جاء في الذكرى الثالثة و الثلاثين لانتفاضة الحجارة و كان مسبوقا ببيان رسمي للقصر اكد فيه
“على الاتصال بين ترامب و الملك المغربي بشان صدور مرسوم رئاسي يقضي باعتراف الولايات المتحدة الأمريكية، لأول مرة في تاريخها، بسيادة المملكة المغربية الكاملة على كافة منطقة الصحراء المغربية…
و قرار الولايات المتحدة فتح قنصلية بمدينة الداخلة، تقوم بالأساس بمهام اقتصادية، من أجل تشجيع الاستثمارات الأمريكية، والنهوض بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية، لاسيما لفائدة اقاليم الجنوب ..و لم ينسى البيان التذكير
ب”المواقف الثابتة والمتوازنة للمملكة المغربية من القضية الفلسطينية، مؤكدا أن المغرب يدعم حلا قائما على دولتين تعيشان جنبا إلى جنب في أمن وسلام، وأن المفاوضات بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي تبقى هي السبيل الوحيد للوصول إلى حل نهائي ودائم وشامل لهذا الصراع”
و هو تقريبا نفس الموقف الذي رافق ما سبق من اتفاقات للتطبيع بين دبي و تل ابيب و بين المنامة و تل ابيب ..
دعم القضية الفلسطينية تسجيل مشروخ ..
من جانبه اعتبر ناصر بوريطة وزير خارجية المغرب، إن اعتراف أميركا بسيادة المغرب على الصحراء المغربية حدث تاريخي، مضيفا أن دور المغرب تاريخي بدعم سلام الشرق الأوسط منذ سبعينيات القرن الماضى.و ذكرالوزير المغربي خلال تصرحيات لقناة العربية، أن المغرب أنشأ في التسعينات مكتب اتصال في إسرائيل، لافتا إلى أن كان للمغرب سابقا علاقات مع إسرائيل لكن ضمن خصوصيته، مضيفا ان اتفاق اليوم كان نتيجة 3 أعوام من العمل.و لتخفيف الصدمة و تجنب انتقادات الشارع المغربي اجرى ملك المغرب اتصالا مع
رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس لتاكيد دعمه لعباس للقضية الفلسطينية…
و في ذلك الحقيقة ما يفترض اكثر من نقطة استفهام حول معنى و قيمة هذا الدعم للقضية الفلسطينية في زمن التطبيع المتعجل و الامشروط ..

و قد كان بالامكان الاستثمار في هذا الخيار لو انه تم وفق قاعدة الالتزام باتفاقات السلام و احترام الحد الادنى من حقوق الشعب الفلسطيني ورفع الاذى عنه و اعادة احياء الامل لدى اجيال متعاقبة من الفلسطينيين ممن صمدوا على الارض و رفضوا كل الاغراءات للتنازل على الارض و يجدون اليوم انفسهم يواجهون الانتكاسة تلو الانتكاسة و الخنجر تلو الخنجر ..وفيما تبشر تل ابيب بتوسيع رقعة التطبيع افريقيا و عربيا و اسلاميا لا يبدو ان القضية الفلسطينية تخرج من حصارها المضاعف حصار الاشقاء الذين تنكروا لاصحاب القضية وحصار الاعداء الذين حكموا على الفلسطينيين بالانعزال والسجن من الضفة الى القطاع …
مطلوب تحرير المبادرة الفلسطينية
وفي خضم هذه التطورات وما يمكن ان تجرفه معها من تنازلات جديدة في قادم الايام مع اصرار الرئيس الامريكي على ان المتطبعين قادمين يبقى الواضح ان الموقف الفلسطيني و التصريحات الرسمية للسلطة الفلسطينية الرافضة للتطبيع اشبه بصرخة في واد فالزمن العربي يعيش اسوأ و اخطر مراحله و الخارطة العربية تنزف بعد ان اخترقت الحدود و انتهكت الاوطان و شردت الشعوب لتتكرر مأساة النكبة و تتحول الى نكبات من سوريا الى العراق و ليبيا و اليمن و من يدري فقد تتسع القائمة لتشمل المزيد ..اذ و بعد عشر سنوات على موسم الربيع العربي و الحلم بوطن عربي متطور يمنح شعوبه حق الحياة و الحرية و الكرامة موحد في اهدافه لا يبدو الامر قريب المنال في ظل الصراعات الداخلية و الاقتتال بين النخب و تداخل القوى الاقليمية و الدولية لفرض هيمنتها ومصالحها .
و ربما تكون استقالة المناضلة الفلسطينية حنان عشراوي من منظمة التحرير الفلسطينية و اعتبارها انه ان الاوان لإجراء إصلاحات وتفعيل منظمة التحرير وإعادة الاعتبار لصلاحياتها ومهامها بداية صحوة تاخرت كثيرا في المشهد الفلسطيني المازوم الذي لم تنفع معه كل الصدمات لتجاوز حالة الانقسام التي تحكمه و استعادة الوعي المفقود و العودة الى الواقع و الاقرار بان سلطة غزة كما سلطة الضفة سلطة وهمية الا في نظر اصحابها و ان العدو و المحتل الاسرائيلي رابض على كل الحدود و المنافذ يمنع تنقل الفلسطينيين من حرية التنقل و التعايش و العمل على ما بقي من ارض فلسطين التاريخية التي تحولت الى كانطونات ..

-عين اسرائيل على الدول الاسلامية ..و اولها اندونيسي
السلطات الاسرائيلية مدعومة بترامب تنتظر الاعلان عن مزيد من اتفاقات التطبيع بحلول العام الجديد ..اول امس اصبح المغرب رابع دولة عربية تطبع مع إسرائيل…و البقية تنتظر مرور القطار ..و كان سيكون لزاما على الشاعر الذي تغنى ببلاد العرب اعادة صياغة قصيدته لو انه كان على قيد الحياة فبلاد العرب لم تعد بلادي من الشام لبغدان و من مصر فتطوان ..و من نجد الى يمن ولسان الضاد لم يعد يجمعنا بغسان و كل ما فينا بات يفرقنا ..
صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2020/12/13

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد