دولية

ظاهرة ’عرب فوبيا’ بعد ’إسلاموفوبيا’.. تتصاعد في الغرب بعد هجمات باريس

 

بعد أن ترسخت "إسلاموفوبيا"، أو الخوف من الإسلام، كظاهرة في البلدان الغربية والتي تمظهرت باعتداءات مستمرة على المسلمين، أتت الهجمات الأخيرة في باريس لتُصْعِد ظاهرة مشابهة وهي "عرب فوبيا"، أو الخوف من العرب، وهي آخذة في النمو أينما وجد ما يتصل بالعرب من شخص أو ثقافة أو كتابة.

تكونت ظاهرة "عرب فوبيا" في ظلال "إسلاموفوبيا" بعد الهجمات في نيويورك في سبتمبر من العام 2011م، والتي نفذها تنظيم "القاعدة"، صنيعة المخابرات الأميركية باعتراف وزيرة الخارجية الأميركية "هيلاري كلينتون" في مقابلتها الشهيرة على قناة "سي إن إن". تبنى الإعلام الغربي بعد الهجمات خطاباً سلبياً تجاه "العرب" ظهّر صورتهم على أنهم "إرهابيون" و"قتلة". أضف إلى ذلك الحملات السرية والعلنية للمنظمات الصهيونية والمتطرفة في الولايات المتحدة ودول أوروبا التي تسيطر على الإعلام فيها. وكانت النتيجة اعتداءات على الجاليات العربية والمسلمة.

مثلاً، في العام 2010م بدأت "عرب فوبيا" بالظهور في المجتمع الروسي، إذ لعبت بعض وسائل الإعلام الروسية دوراً سلبياً في تشويه صورة "العرب". وأظهرت دراسة أجراها "مركز دراسات الرأي العام في موسكو"، وأوردتها قناة "أم بي سي"، أن 63 في المئة من الشعب الروسي عمم انطباعاته عن العرب بسبب جهله بمعرفة الآخر، ووقوعه تحت التأثير المباشر لما تقدمه الآلة الإعلامية. وقد لعب اليمين المتطرف دوراً في تغذية هذه الظاهرة بمطالبته بإخراج الأجانب من روسيا. ومن ترجمات هذه الحملة عنف حدث في العام 2009م وأسفر عن مقتل 11 طالباً عريباً في روسيا.

وصل الأمر إلى أن "اللغة العربية" أصبحت تثير التوتر وخاصة في أعقاب الهجمات التي تبناها تنظيم "داعش" الإرهابي في باريس. ففي شيكاغو وفيلادلفيا، حيث منع الأميركيين فلسطينيي الأصل "ماهر خليل" و"أنس عياد" من الصعود إلى طائرة لرحلة تابعة لشركة الطيران "ساوثويست إيرلاينز" لأنهما كانا "يتناقشان باللغة العربية". قالت وكالة "فرانس برس إن موظفاً في الشركة اعتذر منهما حينما أرادا الصعود إلى الطائرة، وقال لهما إنه لا يمكنهما أن يستقلا الطائرة لأن مسافراً آخر سمعهما يتحدثان بالعربية و"يشعر بالخوف من السفر معهما". لكن سمحت أجهزة الأمن في مطار "شيكاغو" والشرطة للصديقَيْن بالصعود إلى الطائرة بعد استجوابهما.

خليل قال لشبكة "أن بي سي ـ 5" التلفزيونية في شيكاغو إن عدداً من الركاب داخل الطائرة طلبوا منه بعد ذلك فتح علبة بيضاء كان يحملها، وقال، بسخرية، "عندها تقاسمت البقلاوة التي كانت في داخلها معهم".

في العام 2014م، حدث أمر (مضحك مبكي) على متن طائرة متجهة من "هولندا" إلى "بريطانيا" في العام 2014م. تأخر إقلاع الطائرة واستُنفرت الأجهزة الأمنية بعد تلقيها بلاغِاً قدمه طلبة على متنها "فزعوا" من حروف (عربية) كتبها رجل على حاسوبه المحمول.

وصفت الهجمات الأخيرة في باريس بأنها "11 سبتمبر" الفرنسي نظراً إلى الاختراق الذي أحدثته في الإجراءات الأمنية والهول الذي خلفته في نفوس الفرنسيين. ستقوي تداعيات هذه الهجمات ظاهرة "عرب فوبيا". من أولى الترجمات اشتعال النيران في مخيم للاجئين في غابات كاليه الفرنسية الذي يقطنه أكثر من 6 آلاف لاجىء أغلبهم من "سوريا" وبلدان في الشرق الأوسط و أفريقيا، ما أدى إلى وقوع عدد من الإصابات بين قاطني المخيم. وأيضاً، تعرض عدد من المساجد في "فرنسا" و"بلجيكا" للحرق.

المشكلة هي في الإعلام الغربي بسلبيته تجاه "العرب" يُظهر للفرد الغربي أن من يشاهده على التلفاز هو الواقع لا أن هؤلاء الإرهابيين هم أقلية قليلة لا تمثل شيئاً في بلاد "العرب"، ولا يدقق هذا الفرد في ما يشاهده. وكذلك فإن عاملاً آخر يؤثر في المشكلة وهو الفجوة الموجودة بين "العرب" المقيمين في الدول الغربية وبين المواطنيين الأصليين فيها، وهي مسؤولية الدولة التي عليها أن تنشىء جسراً متيناً بين الجانبين وأن تُشعِر المقيمين لديها بأنهم كالأصليين. يكون ذلك عبر برامج اجتماعية وعبر قرارات تتخذها الحكومات في هذه الدول.

برغم تطمينات المسؤولين الفرنسيين بأن "العرب" و"المسلمي"ن غير مستهدفين بعد الهجمات، فإن لا شيء يضمن عدم حدوث مضايقات أو اعتداءات ضدهم. والمعادلة ستكون كالتالي: في حال حدوث هجمات في أي عاصمة أوروبية أو غربية فإن ظاهرة الخوف من العرب ستتعزز وستجد ترجمتها كلما اتضح أن منفِّذ أي هجوم هو عربي. أثبتت الأحداث حتى الهجمات الأخيرة هذه المعادلة، ولن يغيِّرها إلا مقاربة سياسية جديدة للغرب للتعامل مع بلدان الشرق الأوسط ومع المقيمين العرب والمسلمين لديها، ولا تتمثل فقط بتدمير مواقع "داعش" في سوريا والعراق، وتحتاج إلى لجم الإعلام الذي ينشر الترهات.

أضيف بتاريخ :2015/11/22

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد