دولية

سيغمار غابرييل نائب ميركل.. والجرأة اللاذعة ضد ’الحليف’

 

بتجاوز واضح للأصول الدبلوماسية، توجه نائب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، سيغمار غابرييل، للسعودية بالقول: كفى دعماً للإرهاب! الرجل ليس طارئاً على الدبلوماسية في ألمانيا أو السياسة الدولية حتى يخرج بهذا الموقف اللاذع لدولة مؤثرة في الشرق الأوسط وتُصنف في خانة الحلفاء، لكن الإرهاب الذي يضرب أوروبا أخرج ألمانيا عن صمتها.

وُلد سيغمار  غابرييل في "12 سبتمبر 1959م" في مدينة جوسلار الألمانية. امتهن التعليم قبل أن ينتقل إلى السياسة. ويشغل حالياً منصب وزير الاقتصاد والطاقة الألماني وكما يرأس "الحزب الاشتراكي الديمقرطي" منذ العام 2009، والذي بقي في المعارضة حتى العام 2013م، أي قبل تعيين غابرييل نائباً لميركل. تولى غابرييل رئاسة الحزب بعد فشل الأخير في انتخابات مجلس النواب "البوندستاغ" في العام نفسه بقيادة فرانتس مونتيفيرينغ. وكان رئيساً لوزراء ولاية ساكسونيا السفلى بين العامين 1999م و2003م في عهد المستشار غيرهارد غلوغوفسكي الذي خلف  غيرهارد شرودر. وقتذاك، كان ينظر إلى غابرييل على أنه خليفة محتمل لشرودر. كما شغل غابرييل منصب وزير البيئة في حكومة ميركل الأولى بين العامين 2005م و2009م.

ظلت مواقف غابرييل تجاه التدخلات العسكرية في البلدان الأخرى متمايزة عن المواقف الغربية الكلاسيكية. فلم يكن مؤيداً لبقاء القوات الألمانية في أفغانستان بل طالب بقوة بعودتها إلى الوطن. وفي العام 2010م، طالب أيضاً بتقييم مستقل حول إمكانية نجاح استراتيجية "مكافحة التمرد" الأميركية في أفغانستان. أكثر من ذلك، أثارت جولة قام بها غابرييل في الأراضي المحتلة خلال العام 2012م حفيظته، فخرج بخلاصة مفادها أن "إسرائيل" تمارس نظام فصل عنصري.

وبخصوص الأزمة بين روسيا وأوكرانيا، حرص غابرييل على عدم حصول مواجهة بين البلدين. وفي مطلع العام 2015م صرّح بأن بلاده تسعى إلى حل للصراع في أوكرانيا لكنها "لا تريد أن تجعل روسيا تجثو على ركبتيها"، معبّراً بذلك عن عدم حماسة تجاه فرض عقوبات اقتصادية على موسكو.

ولعل أقوى الانتقادات الخارجية التي وجهت إلى غابرييل كانت على خلفية زيارته إلى إيران في "يوليو 2015م"، عقب توقيع الاتفاق النووي مع إيران. الانتقاد الذي أتى على لسان السفير  الاسرائيلي في برلين عبّر عن مخاوف "اسرائيل" من الزيارة، واتُهم السياسي الألماني من قبل "المؤتمر اليهودي العالمي" بأنه "يضع المصلحة قبل الأخلاق".

يحرص غابرييل على توجهه المراعي لحقوق الإنسان من خلال نهجه الحذر في ترخيص صادرات الأسلحة خصوصاً إلى الدول التي تنتهك هذه الحقوق. وخلال زيارته إلى السعودية في "مارس 2015م"، تجاوز "البروتوكول" الألماني الذي يتوخى الدبلوماسية والمصالح الاقتصادية، وطالب بإطلاق سراح المدون المعتقل رائف بدوي. ومن قطر، التي زارها خلال الشهر نفسه، دعا غابرييل أميرها تميم بن حمد آل ثاني إلى "بذل مزيد من الجهد في "حماية عمال المنازل الأجانب الذين يواجهون سوء المعاملة من قبل أصحاب العمل".

ربما لم تصدم السعودية من تصريحات غابرييل اللاذعة التي أطلقها قبل أيام قليلة، لكنها بالتأكيد من المرات النادرة التي يهاجم فيها مسؤول غربي بوزن غابرييل دولة "حليفة" مثل السعودية. عنى غابرييل بوضوح، في حديثه إلى مجلة "بيلد أم سونتاغ" الألمانية، أن السعودية تمول الإرهاب، بدعوته إياها إلى "وقف تمويل المساجد الأصولية في الخارج المتهمة بتغذية التطرف"، فـ"المساجد الوهابية في جميع أنحاء العالم ممولة من السعودية، وفي ألمانيا العديد من الإسلاميين الذين يعتبرون أشخاصاً خطيرين خرجوا من هذه المجتمعات".

وبرغم تحذيره من أن توجيه انتقادات كثيرة "تؤدي إلى العداء مع السعودية"، أصرّ غابرييل على مواقفه المنتقدة للسعودية بالقول: "علينا أن نوضح للسعوديين أن زمن غض الطرف قد ولى".

وكان سبق تصريحات غابرييل تقرير أصدرته وكالة الاستخبارات الألمانية، الأربعاء "2 ديسمبر 2015م"، أدانت فيه السعودية وأكدت أن سياستها باتت تؤدي إلى "زعزعة الاستقرار في المنطقة"، وهو ما تسبب بخلاف بين بين المستشارية الألمانية ووزارة الخارجية من جهة، والوكالة من جهة أخرى، ودفع الحكومة الألمانية إلى وصف الرياض بأنها "شريك أساسي في حل النزاع في المنطقة". ولكن يبدو، بعد تصريحات غابرييل الأخيرة، أن للحكومة الألمانية موقفاً مضمراً غير ما هو مُعلن!

أضيف بتاريخ :2015/12/09

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد