دولية

تقرير-(خاص): في نظر الغرب ’المدارس الوهابية’ سلاح الدمار الشامل السعودي!

 

لم تعد الأسلحة النووية والكيمائية والبيولوجية الفتاكة وحدها ما يمثل خطراً حقيقياً على مستقبل البشرية في نظر الغرب، "المدارس الوهابية" باتت تنازع هذه الأسلحة لناحية الدمار الشامل الذي بات بمقدورها إلحاقه بالعالم.

 

يصف السياسي والإعلامي اللبناني د. نسيب حطيط في مقاله" لتدمير السلاح التكفيري قبل "جنيف – 2" الذي نشرته "Syria Now" في 30/10/2013م، بقوله: "الفكر التكفيري سلاح الدمار الشامل، إنه أخطر من السلاح النووي "الإسرائيلي"، وأخطر من الكيماوي والأسلحة البيولوجية، وأخطر من الغزو الأميركي أو الاحتلال "الإسرائيلي"، تابع حطيط وصفه: "يدخل كل بيت ويسيطر على الإنسان فيجعله آلة متحركة للقتل والتكفير وهي لا تعلم، بل الأسوأ أنها تظن فعلها عمل صالح تدخل فيه الجنة عبر ذبح الأبرياء واغتصاب النساء وتدمير المساجد والكنائس! "

 

الدول الغربية التي تغاضت عن تنامي وانتشار الفكر الوهابي السعودي مقابل مكاسب ومصالح اقتصادية مشتركة مع السعودية،لم تتخيل أن هذا الفكر سيتحول إلى سلاح دمار شامل يهددها في عقر دارها. مؤخراً أخذت الأصوات الغربية تعلو مطالبة بالتخلص من هذا الفكر الإرهابي الذي لم يتوان عن الفتك بكل من حوله، بعد أن خرج عن سيطرة موجهيه وتمرد عليهم.

 

تطال الانتقادات الغربية المملكة السعودية "الحليفة" للغرب"، القائمة أساساً على تبني الوهابية. فآل الشيخ (الذين يعود نسبهم إلى محمّد بن عبد الوهّاب) قاموا باستغلال إرث جدّهم في إسباغ الشرعية الدينية على الحكم السعودي، فيما التزم حكام آل سعود مهمّة الدفاع عن الوهابيّة وبثّ تعاليمها في كافة البلدان عبر تشييد المدارس والمراكز التبليغية وإرسال الدعاة إلى دول العالم... على أساس هذه صفقة قامت "الدولة السعودية الأولى" في تحالف انعقد عام 1744 بين محمد بن عبدالوهاب ومحمد ابن سعود، واستمرت بنجاح.

 

ناشرو الوهابية وعوائد النفط

 

وفي دراسة تحليلية أكاديمية نشرتها مجلة «ميدل إيست مونيتور، نقل السفير الأميركي السابق لدى كوستاريكا كورتين وينزر، عن الخبير في الصراعات الدينية وتمويل التطرّف أليكسي أليكسيف، قوله أثناء جلسة استماع في مجلس الشيوخ بتاريخ 26 يونيو 2003: إن «السعودية أنفقت 87 مليار دولار خلال العقدين الماضيين لنشر الوهّابية في العالم»، وهي أرقام كان أوردها المستشار السابق في وزارة المال الأميركية في يونيو 2004، ديفيد أوفهوسر، حيث قدّر آنذاك أن إنفاق الحكومة السعودية على نشر «المذهب الوهّابي» في العالم بما لا يقلّ عن 75 مليار دولار.

 

في السياق ذاته، وبحسب تقرير نشرته صحيفة "الأخبار" اللبنانية بتاريخ 2015/11/28، يذكر المحلّل النفطي في شركة "هس" لتجارة الطاقة إدوارد مورس، أنّ الملك الراحل فهد بن عبد العزيز، خصّ ناشري الوهّابية بحصّة من عوائد البترول تعادل ملياراً و800 مليون دولار سنوياً. أمّا في الوقت الراهن، فلا أرقام تقارب حجم الإنفاق السعودي على "الأنشطة الدينية"، وتضيف الصحيفة: ولكنّ الأخيرة تكاثرت باطّراد لافت تزامناً مع بلوغ الطفرة النفطية أوجها. ولم تكن الأقطار العربية والإسلامية التي غزتها البترو ــ وهّابية، وفي مقدّمها باكستان، يتيمة على قائمة الأهداف.

 

وبتاريخ 8/6/2014 نشر موقع دام برس السوري مقالا بعنوان القنبلة النووية والفكر الوهابي أسلحه دمار شامل صنعها الأمريكيون، يشير إلى أن الولايات المتحدة والغرب وضعوا رفعوا شعار  إسقاط النظام الشيوعي الممثل بالاتحاد السوفيتي من أجل الاستئثار بثروات العالم النامي والهيمنة على الاقتصاد العالمي. واستغلت تورط الاتحاد السوفيتي بأفغانستان فتدخلت لمحاربته عن طريق سلاح أخر لايقل خطورة عن سلاحها النووي "وهو سلاح الإرهاب الوهابي تحت ما يسمى الجهاد". ونوّه الموقع إلى أن السلاح الوهابي ترترع تحت كنف المخابرات البريطانية التي رعت "نشاء دويلات الخليج كحاضنه لهذا الفكر (الوهابي) ودعمت آل سعود لاحتلال الجزيرة العربية ومدته بالأسلحة والخبراء والتدريب بالتوازي مع تربية الفكر الوهابي كقاعدة دينيه لا تؤمن بالاختلاف معها وتكفير كل من يخالفهم الرأي أو المذهب وقتل المخالفين".

 

وبالعودة إلى تقرير صحيفة الأخبار اللبنانية، فقد سلط الضوء على معاقل الفكر الوهابي في أوربا والتي أنشأت تحت مسميات مختلفة: إسلامية أوثقافية أوفكرية أو حتى مساجد ومعاهد ومراكز... كل ذلك كان في حقبة الثمانينيات والتسعينيات، التي مهدت لأأحداث الحادي عشر من أيلول 2001.

 

اليوم، بات واضحاً لأوربا أن الأعمال الإرهابية التي وقعت على أراضيها كانت نتيجة تغاضيها عن تلك المدارس. ويذكر الخبير أليكسي أليكسيف في شهادته أمام مجلس الشيوخ الأميركي، أنّ "خريجي المدارس الوهّابية كانوا وراء الأعمال الإرهابية مثل تفجيرات لندن في تمّوز 2005 واغتيال الفنّان تيودور فان جوخ الهولندي عام 2004".

 

ومع ذلك، لا تشعر الشهادات الغربية السعودية بأي حرج. لاتزال المملكة السعودية مستمرة في نشر الفكر الوهّابي وتدريس كتاب التوحيد لمحمد بن عبد الوهاب، وهو الفكر الذي انتج "القاعدة الأم"، إلى "القاعديّين الجدد" بدءاً من داعش، وبوكو حرام، وجبهة النصرة وأخواتهم الذين يدرسون أتباعهم أيضاً كتاب التوحيد نفسه!

 

أوروبا تلاحق "الكراهية الدينية"

 

وعلى خلفية هجمات باريس الإرهابية مؤخراً، ما كان أمام فرنسا إلا أن تتخذ قرارات بإغلاق مساجد وصفت بأنّها تبثّ الكراهية، وطردت دعاتها من الأراضي الفرنسية، وهي قرارات كانت قد سبقتها إليها عدّة دول أوروبية. ففي عام 2012 منعت السلطات السويسرية الداعية السعودي محمّد العريفي من دخول أراضيها لأسباب تتعلق بحضّه على كراهية الآخر. وبموجب القرار السويسري، بات العريفي محروماً من دخول دول "الشينغن" الـ 19.

 

وفي سبتمبر الماضي، بادرت ألمانيا إلى إغلاق "الأكاديمية السعودية" في بون، في وقت حمل فيه الجدل البريطاني والإيرلندي المتعاظم  الملحقيةَ الثقافية التابعة للرياض على اتّخاذ قرار بإلغاء كلمة المدارس من جميع الوثائق والأوراق المتعلّقة بالطلاب واستبدالها بتعبير "مجاميع للتقوية". خطوة التفافية لم تفلح في إخماد المطالبات الأوروبية بقطع الطريق على تدفّق البترو ــ وهّابية، بحسب تقرير الأخبار.

 

لماذا إغلاق المدارس السعودية؟ هنا يجيب كل من كارولين ديفيز وغرايم باتون في مقال كتباه في صحيفة "دايلي تلغراف"، في 6 شباط/فبراير 2007، عن المدراس الموجودة في المملكة المتحدة. تحت عنوان "المدارس الممولة من السعودية تدرس الكراهية الدينية" نقل الكاتبان عن "أستاذ اللغة الانجليزية في أكاديمية الملك فهد في منطقة أكتون، غرب لندن، كولين كوك، 62 عاماً، أن الكتب المدرسية التي يتم استخدامها من قبل الاطفال في الأكاديمية تصف اليهود بأنهم قردة (ممسوخون) والنصارى أي المسيحيون بأنهم (خنازير)... ويُسأل الطلبة، حسب إفادته، بـ (ذكر بعض خصائص مسخ اليهود)".

 

وبحسب المقال نفسه فقد "سلّطت مجموعة فريدوم هاوس الحقوقية الاميركية على بعض الكتب المدرسية... في تقريرها الصادر العام 2006 والتي وصفت (مناهج الكراهية السعودية) ونقلت عن أحد الكتب التي توجّه الطلبة لاعلان الجهاد ضد الكفار من أجل نشر العقيدة".

 

لم تكن المدارس السعودية وحدها المستهدفة، ففي فبراير الماضي أقر البرلمان النمسوي قانوناً يحظر أيّ "تمويل أجنبي للمنظّمات الإسلامية" وأئمّتها ضمن جهود فيينا لمكافحة التطرّف.

 

من جانبها، رفضت إسبانيا مطلباً قطرياً بتشييد أكبر مسجد على مستوى أوروبا، وذلك على أطلال ساحة مصارعة الثيران الواقعة وسط برشلونة، بكلفة قدّرت بأكثر من ملياري يورو. وعزت وسائل إعلام إسبانية الرفض إلى خشية برشلونة والحكومة المركزية في مدريد من تكرار التجربة السعودية الوهّابية على أراضيهما.

 

هذا القلق الغربي ناجم من استشعار خطر توغل هذا سلاح الوهابية الشامل إلى عمق ديارهم. إلا أن إغلاق "المدارس الوهابية" في أوروبا وحدها لن يكون كافياً للنجاة من الإرهاب، بل ينبغي أن تنصب الجهود على اجتثاث كافة منابع الوهابية... لم يعد بإمكان أوروبا أن تعزل نفسها عن خلفيات ما يُزرع في منطقتنا... ما تُنشأه المدراس الوهابية في بلادنا لن يصعب تصدير مفاعيله إلى الغرب... ولنا فيما تشهده المنطقة اليوم عبرة!

أضيف بتاريخ :2015/12/09

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد