آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
هايل الشمري
عن الكاتب :
هايل الشمري. أخصائي نفسي ، يكتب في "الوطن" منذ عام 2006. يطل كل إثنين وخميس في زاوية (خروج عن النص). طقطق علينا! الرفاهية المحتكرة!

دلوع الحكومة

 

هايل الشمري

أصبحت الفجوة بين الطبقة المخملية وبقية المجتمع واسعة جدا، لدرجة أنها لو زادت أكثر، فسنجد لغة لكل طبقة لا يفهمها البقية إلا بحضور مترجم طبقي!

يتضح ذلك من طريقة تعاطي بعض أفراد تلك الطبقة مع قضايا المجتمع، ما يعطي انطباعا عن عيشهم في فلك آخر.

لذا، من الطبيعي أن "يجيبوا العيد" ولو بحسن نية، كلما حاولوا المشاركة في رأي أو قضية شأن عام.

يوم أمس، كنت أتحدث هنا عن التطبيل والمزايدات اللذين رافقا إعلان الميزانية العامة للدولة، وكيف أن محاولات "أنا الأكثر وطنية" كانت حاضرة بقوة.

ولا أعلم هل هو مصادفة أم تعمدٌ، توقيت نشر أحد "رجال الأعمال" مقطعا على حسابه في "تويتر" يقول فيه: إن "الحكومة تدلعنا طوال الأربعين والخمسين عاما الماضية.. كفاية دلع"!

الحديث عن مقطع "كفاية دلع" هو برغبة من صاحبه، إذ طلب نشر المقطع ليراه الناس، لا يبتغي من ذلك سوى الأجر، وطمعا في زيادة المثوبة سأعلق عليه أيضا!
فعندما شاهدت المقطع للمرة الأولى ظننت أنه ساخر، فالدولة نفسها لم تتحدث هكذا، ثم كيف لشخص يتحدث عن وجوب إيقاف الدلع وفوق رأسه لوحة تكفي قيمتها لتدليع الآلاف؟ وهل نتقبل من شخص حديثه عن ضرورة الترشيد ومن حوله تظهر كل معالم البذخ؟!

لكن، عندما أعدت مشاهدته، وركزت في ملامح المتحدث، تأكد لي أنه جاد، وزاد من يقيني عندما صرخ في وجوهنا قائلا: "يكفينا دلع يا جماعة الخير.. ارحمونا.. اتقوا الله فينا"!
وبما أن حديث الأخ "رجل الأعمال" عن تدليع الحكومة وضرورة توقفه، أليس من باب أولى أن يبدأ بنفسه وبقية رجال الأعمال؟! ألم تدلعهم الدولة وتقدم لهم ملايين الريالات على شكل قروض حسنة وبلا فوائد؟ هل يستطيع صاحب المقطع مثلا أن ينشئ كل مشاريعه دون دلع الحكومة له على شكل تمويل لاستثماراته؟!

لو شاهد أحد في الخارج مقطع "كفاية دلع" لاعتقد أننا قوم لا نعمل أبدا، وأقصى ما نفعله هو الوقوف في طوابير أمام الصرافات نهاية كل شهر لاستلام المال الذي يودع في حساباتنا، ثم نواصل رحلة الدلع بما لذ وطاب!.

صحيفة الوطن أون لاين

أضيف بتاريخ :2016/01/01

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد