آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
د. عبد العزيز بن علي المقوشي
عن الكاتب :
استاذ الاعلام المشارك وكاتب بصحيفة الرياض ومؤلف

هل يوقف مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية هذا النزف الوطني؟!


د.عبدالعزيز بن علي المقوشي

    في بدايات نشأة الهيئة العامة للاستثمار وخلال فترة «صيتها الإعلامي» أعلنت الهيئة عن توفر ما يقرب من نصف مليون وظيفة لشباب الوطن وقد تزيد مؤكدة أنّ استقطابها للاستثمارات الأجنبية سيحقق هذا الرقم أو تزيد عنه.. عندها «حلمنا» بأنّ مسألة البطالة للسعوديين ستتم معالجتها من خلال هذه القطاعات وهذه الهيئات التي نشأت مؤخراً.. لكننا ما لبثنا أن صحونا من ذلك الحلم الجميل ولم نلمس ذلك الرقم على أرض الواقع بل ربما لم نلمس أيضاً استثمارات تم استقطابها أو تغيراً إيجابياً في البيئة الاستثمارية ومعاضدة حيوية منها لاقتصاد الوطن، حتى أنّ البعض تحدث متهكماً عن أنّ الاستثمار الأجنبي قد انحصر في محلات «لبيع الحمص والشاورما» أما تلك المشاريع الضخمة التي كان الجميع يحلم بها ومدى تسخيرها لاستثمار موارد الوطن الطبيعية كالنفط ومشتقاته مثلاً فقد توارت أدراج الرياح.

والمتابع أيضاً لما تم إنشاؤه خلال الفترات الماضية من صناديق تنموية وبنوك خدمية تتبع الدولة أو القطاعات الأخرى يلمس أنّ هذه الصناديق وتلك المشاريع وتلك المحاولات لم تحقق طموحات حكومة الوطن العزيز في تنمية المجتمع المحلي والمساهمة الفاعلة في القضاء على بطالة السعوديين أو تخفيفها أو حتى تمكين المواطن السعودي من الاستثمار المحلي.. ولعلّ نظرة سريعة إلى مجهودات صندوق المئوية وصندوق الموارد البشرية (هدف) والصندوق الخيري الاجتماعي وبنك التسليف وغيرها من البرامج تجعل المواطن يحس «بغصة» عند النظر إلى مدخلات تلك البرامج والمشاريع مع هزال شديد في مخرجاتها التنموية الوطنية مع ملاحظة واضحة جداً تتمثل في مصروفات للكثير منها يمكن وصفها بالخيالية على الموارد البشرية العاملة فيها وهو أمر أثير كثيراً سواء في وسائل التواصل الاجتماعي أو في المجالس وأحياناً في وسائل الإعلام التقليدية تجعل الواحد منا يتساءل عن مكمن الخلل؟

هل يتمثل الخلل في عدم جودة صياغة استراتيجياتها وتحديد أهدافها وخططها التنفيذية بما يخدم الوطن حقاً ويساهم في معاضدة جهوده التنموية؟
هل يتمثل الخلل في سوء الاختيار للعاملين على إدارة تلك البرامج؟
هل يتمثل الخلل في ضعف مجالس إداراتها أو مجالس أمنائها؟

أذكر أنني التقيت بأحد المسؤولين عن أحد تلك البرامج فكان على الرغم من مضي عدة سنوات على إنشاء ذلك البرنامج لا يدري حقيقة إلى أين يتجه! فمرة يتحدث معي حول طموحات لتحقيق تنمية وطنية لشباب وشابات الوطن، ومرة أخرى يتحدث عن برامج تنموية يتم تنفيذها خارج الوطن، حتى أنّه وصل بتفكيره «الشاطح» إلى إحدى دول آسيا الوسطى!! الأمر الذي جعلني أختم حواري معه بنقاش حاد واختلاف في كافة وجهات النظر، فذوي القربى في نظري -وهم أبناء الوطن- أحق من غيرهم في تنفيذ تلك البرامج والأنشطة التنموية خاصة وأنهم بأمس الحاجة لذلك!! وآخر «للأسف الشديد» أشار لي بصدق أنّهم لا يتمكنون من معرفة ما تم بشأن برامجهم التي يتم الصرف عليها بجزالة أو معرفة الآثار الإيجابية التنموية الوطنية لتلك البرامج والأنشطة، وهو أمر غير مقبول مطلقاً في وطن كالمملكة العربية السعودية.

ونحن نعيش الآن مرحلة الحزم والعزم التي يقودها والد الجميع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز (أمد الله في عمره) نحتاج فعلاً إلى تقييم عاجل لأداء تلك البرامج والصناديق خلال الفترة الماضية والعمل على إعادة هيكلة هذه البرامج والصناديق المتناثرة هنا وهناك.. وربما العمل على دمجها أو دمج الكثير منها في كيانات أكبر قادرة على العطاء الوطني واضحة الأهداف دقيقة الخطط التنفيذية القابلة للتطبيق بعيدة عن الاجتهادات الفردية أو التوجهات الانفعالية، فنحن في مراحل بناء وطني لابد من وضوح الهدف ودقة الخطة وجودة التنفيذ ولا مجال «لنثر» أموال الوطن أو المواطنين الداعمين لمثل هذه البرامج والصناديق في أنشطة وبرامج قد لا تحقق الهدف المنشود.. ودمتم.

جريدة الرياض

أضيف بتاريخ :2016/02/10

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد