آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
منى صفوان
عن الكاتب :
باحثة وكاتبة يمنية

فلسطين واليمن: حركات تحرر القرن 21 التي أسقطت صفقة القرن

 

منى صفوان

أن من يحارب اليمن هو ذاته من يحارب فلسطين ، ومن يقصف غزة هو من يقصف صنعاء، الفرق أنه في حرب اليمن ظاهر، وفي حرب فلسطين متخفي، لعوامل عدة اهمها القدسية والرمزية، التي تمثلها فلسطين للعرب والمسلمين.

وإن كان ثمة تغير قد حدث  خلال القرن الواحد والعشرين فلابد أنه لصالح القوى العربية الصاعدة، وظهور حركات تحرر جديدة ، التي تتشكل لتصبح هي النظام العربي القادم، بعد سقوط النظام العربي الرسمي، الذي حكم القرن الفائت،  وجاء سقوطه  في وحل التعبية والتأمر ضد الأمة، إلى جانب  التطبيع والتخطيط لتنفيذ صفقات أمريكا.

لأول مرة منذ أكثر من عقدين  من الزمن تبرز قوى عربية ناضجة،  قادرة على خوض  هذا المستوى من الصراع المتكافيء مع إسرائيل والمحور الغربي، وحلفاؤه من النظام العربي الرسمي، وتثبت أن خيار مقاومة الاحتلال هي الخيار الوطني الأوحد، وتعيد ذكريات وبطولات حركات التحرر العربية  القديمة.

القوى العربية الصاعدة ،التي تتشارك ذات  الأهداف الوطنية، أسقطت النظام الرسمي العربي، بكل الطرق، بالثورات والتمردات الشعبية ، ذالك النظام  الذاهب للتطبيع وتنفيذ صفقة القرن، لجعل إسرائيل هي سيدة الشرق الأوسط.

وهنا تأتي  حرب اليمن  في هذا السياق كجزء من هذا المخطط  لسيطرة إسرائيل وأمريكا على البحر الأحمر، وإكمال تنفيذ الخطة،  لكن الحركات الثورية التحررية في اليمن أسقطت المخطط.

فهذا المخطط تم  قطع الطريق عليه ، لتظهر الموجة الثانية من  حركات التحرر في القرن الواحد والعشرين، بعد خفوت نجم الحركات التحررية  القديمة التي برزت في القرن العشرين، بعد أن حاربتها الأنظمة العربية المدعومة من أمريكا.

فبعد إحباط حركات تحرر القرن 20،  واغتيالها، ظهر للمحور الغربي أن الساحة أفرغت، لتنفيذ صفقة مؤجلة،  ولكن على أرض الواقع كانت المفأجاة في فلسطين أولا، وهي المعني الأول بإحباط، وإسقاط المخطط الصهيوني، فظهرت المقاومة الفلسطينة أقوى من ذي قبل.

حيث تمكنت فلسطين خلال العقد الأخير من تطوير خطتها الدفاعية، وتوسيع هجماتها وسيطرتها، لتظهر حجم قوة الرد والردع خلال أخر عشر سنوات، فتجبر إسرائيل على تخفيض مستوى عملياتها، ولتفقد شهيتها بالتدمير والسيطرة.

 لم تستطع إسرائيل تحقيق أي  انتصار عسكري في غزة، بسبب تطور رد فعل فصائل المقاومة الفلسطينية، التي ظهرت خلال العمليات الأخيرة تقود المعركة بغرفة عمليات مشتركة وتتجاوز الخلافات بينها.

 فهي اليوم  تفعل وترد، وتزيد من حجم  الخسائر الإسرائيلية ، بمعارك قصيرة حققت إصابات بصواريخ  متطورة مصنعة محليا برغم الحرب والحصار
 تماما كما هو حال القدرة العسكرية المتطورة في اليمن،  والتي تواجه ترسانة عسكرية غربية – عربية – إسرائيلية من 4 سنوات، وهذا لم يمنعها من تطوير قدراتها العسكرية والصاروخية برغم الحرب والحصار.

وبرغم قلة مساحة الجغرافيا التي تتحرك بها  المقاومة في غزة، إلا أنها تستطيع إيقاف العدوان الإسرائيلي، وتقليل حجم المعارك ومدتها الزمنية وقدرتها على التدمير، ببناء قوة الردع – وفرضت هي شروط المعركة وهذا مالم يحدث من قبل.

عناصر القوة والنجاح في فلسطين هي ذاتها متوفرة في اليمن، الذي وضع تحت نار الضغط وحرارة الاختبار فابرز شجاعة وصمود، وأهم هذه العناصر هي  التنسيق بالفعل ورد الفعل،  بالموقف السياسي والتصعيد العسكري، الذي يحدد متى وكيف  تتسع دائرة النيران.

 حيث أوقف اليمن هجماته الصاروخية على عواصم الاعتداء مع بقاء التهديد قائما ، وكذلك القدرة على التنفيذ، وإذا عاد اليمن لينفذ تهديده ، باستهداف عواصم الاعتداء،  فإن هذا يعني بداية اشعال المنطقة، وكذلك الأمر في غزة، التي ترسل رسائل تهديد صاروخية لاسرائيل بانها قادرة على الرد وعلى توسيع دائرة النيران.

هذا التشابه من نماذج المقاومة وحركات التحرر الجديدة في القرن 21، يقابله تشابه الدعم والتحالف بين القوى القديمة من قوى الاحتلال القديمة إلى الأنظمة العربية القديمة.

 هناك اليوم في اليمن كما في فلسطين وحدة قيادة، تتجاوز الخلافات،  ووحدة قرار سياسي وعسكري، في مواجهة العدوان سواء الإسرائيلي المباشر، أو ذلك العربي  الذي تدعمه إسرائيل وأمريكا.

فهناك رؤوية وسيطرة كاملة، وهذا يذكر بحركات التحرر القديمة في القرن 20 ،  التي كانت تعمل بتنسيق وتعاون  فيما بينها، ونقل تجارب وحتى مقاتلين، اليوم حركات التحرر في اليمن ولبنان وفلسطين  تهدد وتضرب في البر والبحر  والجو .

 لقد استطاعت قوى التحرر الجديدة تكبيد المعتدي خسائر لم يكن يتوقعها، لذلك ليس من السهولة التحدث عن صفقة القرن، وكان هذا القرن بلا مقاومة وثورات شعبية غاضبة ، وبلا حركات تحرر.

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2019/05/10

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد