آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
سماهر الخطيب
عن الكاتب :
كاتبة بجريدة البناء

اليمن بالتهديد والترغيب قادر على تغيير المعادلة

 

سماهر الخطيب 

توالت الضربات في الآونة الأخيرة على النظام السعودي الذي لم يَفق من هول صدمة تفجيرات «أرامكو» وتبعتها دعوة يمنيّة للحوار رفضها السعودي رغم التطور النوعي الذي امتلكه الجيش اليمني واللجان الشعبية، على صعيد المعركة الجوية، ولكن السعودي لم يتخذ درساً حتى تتفاجأ بضربة قاصمة أخرى شهدت تطوّراً في الميدان اليمني تمثلت في العملية العسكرية الكبرى «نصر من الله» بمحور نجران وما حملته من تفاصيل تؤكد بشكل فعلي حقيقة انتقال من مرحلة الدفاع إلى مرحلة الهجوم الكاسح، وبالرغم مما امتلكه الجيش اليمني واللجان الشعبية من قوة إلا أنه لا يزال فاتحاً باب الحوار وتأكيد حسن نيّته مبادرته الأحادية التي قدّمها بتحرير عناصر من الأسرى..

ومن حيث قراءة معطيات العملية ونتائجها فإنّها تعتبر تطوراً نوعياً في الواقع العسكري اليمني، كما تشير إلى تحوّل استراتيجي متقدّم في الخريطة العسكرية اليمنية، كما أنها غيّرت في موازين القوة بما تسببت فيه من خسائر فادحة لقوات العدو، وأسر أعداد كبيرة من عناصره ومقتل أعداد أخرى، وغنائم ضخمة، وتحرير مساحة جغرافية شاسعة في مدة زمنية قصيرة.. وخاصّة بالإضافة إلى كونها أتت بعد قرابة 4 سنوات ونصف منذ بدء الحرب السعودية ضدّ اليمن، وبالتالي الحرب لم تنهك الشعب اليمني إنما أعطته حافزاً لتطوير الأسلحة، وخطط الهجوم، وتطوير الاستراتيجية الدفاعية، لتتحول إلى هجومية إن كان في المعركة البرية أو الجوية، وليصبح النصر بالنسبة له معادلة أخرى تقوم على ما يمتلكه الجيش اليمني واللجان الشعبيّة من قوة استراتيجيّة أعطت صاحب القرار القدرة على شنّ الحرب بدلاً من تلقيها..

كذلك، أثبت الجيش اليمني واللجان الشعبية، كلفة الأثمان الباهظة التي كبّدها للسعودية وداعميها والتفكير مليّاً قبل أيّ مواجهة، فما قام به الجيش اليمني واللجان بتعطيل الملاحة الجوية عبر استهداف المطارات السعودية فكانت رسالة لم تعِ السعودية وداعموها تبعاتها وعواقبها ليأتي بعدها استهداف منشأة أرامكو، وهز الاقتصاد العالمي وقبله السعودي بقوة، ثمّ الكشف عن عملية «نصر من الله» وكمية الجنود الذين وقعوا في الأسر كشف الغطاء عن ضعف الجيش السعودي برياً، بل إنه لا يمتلك تلك القوة الاستراتيجية التي تحدثنا عنها سابقاً وبالتالي جعلهم يعيدون حساباتهم ألف مرة قبل التفكير بأيّ عمل عسكري..

واستطاعت تلك الدولة الفقيرة والمنهكة من الحرب العسكرية والحرب الاقتصادية والإرهاب التجويعي والمحاصرة والمضطهدة والمنقسمة بإمكاناتها البسيطة أن تهزّ السعودية ثاني أقوى الجيوش عربياً، والرابع والعشرين على المستوى الدولي كقوة عسكرية ضاربة لعام 2017، ناهيك عمّا تمتلكه من أسلحة متطوّرة وإنفاق عسكري، والتي تحتل المرتبة الثالثة عالمياً، حيث خصصت نحو 70 مليار دولار للميزانية العسكرية، متفوقة بذلك على العديد من دول العالم، إنما لم تتفوق على اليمن السعيد والشعب المتعطش للحياة والعصيّ عن الانكسار رغم ما ارتكبته من مجازر بأطفاله ونسائه وشيوخه، إنما بقيت الكرامة تقاوم حتى باتت الكفة الأقوى في الميزان العسكري بتكلفة لا تضاهي تلك السعودية إنما ما يضاهيها كانت كلفة الكرامة والعزة والحق في الدفاع المشروع عن النفس.. حتى باتت هذه القوة اليمنية تهدّد الاقتصاد العالمي بهذا الشكل، وتجعل العالم أجمع يقف على قدم واحدة..

إنّ هذه العمليات العسكرية الناجحة، التي تتوالى أصداؤها بالتفاصيل التي يعلنها الجيش اليمني واللجان حولها تُظهر طبيعة التفوّق العسكري للجانب اليمني وتثبت يقيناً أن إرادة الشعوب أقوى من سلاح العدوان وثمرة الصمود الشعبي يقطفها أبطال الجيش واللجان الشعبية، فتغذيهم إيماناً وعزة وكرامة لمواجهة الغزاة والمحتلين..

كما يبدو جلياً أن الإمكانيات الهائلة للقوات السعودية لم تكن كافية لمواجهة الإرادة والأداء والتكتيك، لتكشف عملية «نصر من الله» كسابقاتها أن السعودية زجّت بجيشها في مستنقع بل محرقة حقيقية لا عودة منها.. فالأهمية الاستراتيجية العسكرية والخبرة في القتال حققت نتائج غير متوقعة من ناحية حجم ومستوى القوات التي سقطت في المعركة، لتؤكد الخبرة اليمنية أنها ذات طابع عملياتي كبير وأن قدراتها العسكرية باتت اليوم قوة مضافة ومؤثرة على العدو، بما تمتلكه من مقوّمات النجاح والنصر في الحرب الدائرة منذ أربع سنوات أرغمت قوات العدو على فقدان السيطرة على كامل وحداتها وتشكيلاتها المهاجمة لتصبح في أسوأ أوضاعها وانتشارها، ليمثل الجيش اليمني أكبر جيش بقوته الاستراتيجية باستدراجه للخصم منذ بدء العدوان السعودي على اليمن..

وبالتالي فإنّ إنجازات الجيش اليمني واللجان الشعبية المتوالية التي يبدو خلالها أنه من بات يقود زمام الأمور، منحته تلك الإنجازات نقاط قوة في المعادلة العسكرية، أضف إلى ذلك التخلي الأميركي عن حلفائه بعد أن أخذ منهم ما يملأ به خزينته المالية، ووضعهم في وجه العاصفة منفردين كما عهدت سياسته المصلحية، جعل الجيش اليمني يمتلك من القوّة ما يفتقده أعداؤه..

كما أن المكاسب التي حققها تتعدّى الجانب العسكري وسيكون لها انعكاساتها السياسية، فمن يملك ورقة الميدان يملك ورقة المفاوضات وقوة الميدان لمن يملكه تعطي ورقة قوة إضافية على مسارات وملفات عدة سيكون له المبادرة فيها، وباتت السعودية وداعموها يدركون جيداً أنّ الجيش اليمني قول وفعل وبأنّ إرادة الشعوب تنتصر وبإن المحرقة اليمنية يمكن أن تتحوّل برداً وسلاماً إذا عرفت السعودية فحوى الرسالة التفاوضية المرهونة بالقوة العسكرية، لن تكل وتمل حتى تحثل على النصر لا الهزيمة، أضف إلى ما شكّله مضيق هرمز وباب المندب من معضلة دولية سيكونان باباً للسلام الدولي، و بالتهديد أوالترغيب بات اليمن قادراً على تغيير المعادلة..

جريدة البناء اللبنانية

أضيف بتاريخ :2019/10/01

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد