آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
علي عبدالله موسى
عن الكاتب :
أستاذ التعليم الدولي المقارن

شيء من العدل يا قادة أميركا

 

علي عبدالله موسى ..

أليس من العدالة أن تقوم أميركا بإعادة تعمير العراق وتعويض مئات آلاف الضحايا نتيجة تلك الحرب التي اعترفتم بشنها ضد العراق بناء على وثائق مزورة؟

 

11 سبتمبر من صنع أيدكم، ها أنتم اليوم تهربون إلى الأمام من مشكلة أنتم سببها بنسبة 200 %، والسؤال كيف؟ حرب أفغانستان والتحولات المذهبية والطائفية في المنطقة والتي تقفون خلفها وتدعمونها بالطرق المختلفة، وسياساتكم الخارجية أنتجت سيلا من الإرهاب، لقد جيشتم العالم للدخول معكم في حرب الروس في أفغانستان وأضفتم الشرعية القانونية والأخلاقية عليها، وتحول رامبو الأميركي إلى مجاهد في أفغانستان، وكانت قنواتكم التلفزيونية الوحيدة التي تروج للحروب في تلك الفترة، حيث لا جزيرة ولا عربية ولا غيرها سوى التلفزيونات الحكومية، وفتحتم باب الجهاد وسمحتم للمجاهدين في العلن بجمع الأموال وتجنيد المجاهدين من داخل أميركا، خاصة من المسلمين، ولم يكن ذلك إرهابا لأنه جزء من السياسة الأميركية الخارجية، ونحن في الوطن العربي بالذات ليست لنا مصلحة في مقاتلة الروس، خاصة أن بعض بلداننا مع الروس في خندق الاشتراكية والبعض مع الأميركان وبعض دول أوروبا في خندق الرأسمالية.

 

وكل شيء حينها كان مباحا ومستباحا، وترافق هذا مع الحرب الإيرانية العراقية التي حركت مصانع الأسلحة واستنزفت دولنا، واستمر الخراب والدمار، ولم تسلم بلادكم من الفساد، حتى ظهرت بعض الفضائح مثل (إيران كونترا) واستمر العبث حتى فرغتم من أفغانستان، والسؤال لماذا تقاتلون في أفغانستان، وتشجعون الحرب العراقية الإيرانية؟ حتى تجبروا الدول على قبول أساطيلكم في الخليج لتأمين تدفق البترول لكم، ثم انتهت الحروب وأتيتم لما بعد الحرب الأفغانية والعراقية الإيرانية، وكنتم على موعد جديد وحرب جديدة ضد نظام العراق، مدعين أن له علاقة مشبوهة بالأسلحة الكيماوية، وقدمت لكم الدعوات المفتوحة للبحث عن هذه الأسلحة المزعومة، وقدم مبعوث الأمم المتحدة التقرير عقب الآخر مع فريقه من الخبراء الدوليين بأن العراق خال من الأسلحة الكيماوية، ولكن القرار قد اتخذه جورج بوش الابن بحرب على العراق لنزع بلاطة تحمل صورة الرئيس جورج بوش الأب، في مدخل فندق الرشيد، وكانت من حماقات صدام التي لا نوافقه عليها، مهما كان الخلاف السياسي، ولولا تلك البلاطة لما كانت حرب العراق.

 

وقد حشدتم العالم لتلك الحرب بموجب تقارير استخباراتية مزورة اعترف بها بعض أقطاب حكومة جورج بوش، واستقال وقتها من كان ينافح في مجلس الأمن ويطالب بالحرب السيد كولن باول، وبعدها سحقتم العراق ثم فككتم جيشه، ثم ضربتم شعبه ببعضهم، وها هو منتجكم الجديد المسمى "داعش"، ولكن بشيء من التأمل والواقعية كيف سمحتم لأن يضرب أميركا في وضح النهار؟

 

لقد ثارت أسئلة كثيرة عن أن هناك مؤامرة، ولكن البعض يعتقدون بأن أميركا بعد المعركة الانتخابية بين جورج بوش الابن وآل قور والتي كانت بالتعادل السلبي غير المقنع، مما حدا بكم لإعادة الانتخابات في بعض الأماكن، ثم بعد ذلك اضطررتم إلى تدخل المحكمة للبت في النزاع، وكانت الديموقراطية في محك كبير، وبعدها فاز جورج بوش الابن لتحدث مباشرة أحدث 11 سبتمبر التي قيل إن الأميركان دبروها لإعادة تأهيل المجتمع الأميركي الذي كان منقسما نتيجة الانتخابات، وحتى يخرج من تلك الأزمة السياسية، كانت الحرب هي الخيار، وهناك العديد من التحليلات والتفسيرات حول 11 سبتمبر وما دار حولها من موضوعات، وما سبقها وما لحقها، حتى إن بعض الأميركان المباشرين مثل ضابطة العلاقات بين السي أي أيه التي نشر التلفزيون الروسي مقابلة معها قد تحدثت عن هذه القضية بشكل موسع، ونحن لا ندعي ولا نتقول عليكم، ولكن نحن نتحدث عما صدر منكم، سواء تزوير الوثائق لحرب صدام أو شهود ضباطكم ضدكم، ومع هذا ما زلتم تمارسون نفس السياسة باتهام الآخرين بأنهم يكرهون طريقة عيشكم، وأنهم يريدون قتلكم، وهذا غير صحيح، العكس صحيح، فهناك من المستجدات التي تنتج في الغرب يتم استيرادها وتطبيقها في مجتمعاتنا قبل مجتمعاتكم، ولو كنا ضد طريقة عيشكم لما طالبت المجتمعات الثائرة بالديموقراطية الشفافة التي انخدعوا بها في أنظمتكم، وهم يقلدونكم، ومع هذا أسهمت حكوماتكم في نزيف الدماء، وموقف الرئيس الأميركي في سورية خير دليل بعد أن هدد ووضع كل الخطوط الحمراء ثم استدار إلى الخلف.

 

وإذا كان الملايين من الناس من الفارين من الحروب يلجؤون إلى دولكم، أليس هذا يعني الرغبة في طريقة عيشكم والهيام والعشق لها. ولو كنا كذلك لما وجدتم في بلداننا كل مطاعمكم ولا شركاتكم، ولا أدويتكم ولا ملابسكم، ولا أفلامكم، ولا تعلمنا في مدارسكم وجامعاتكم، وكل هذه الادعاءات والسياسات لم تعد تقنع الناس بأنكم أنصار عدالة في العالم، وأن القيم الغربية هي قيم إنسانية عالمية تؤمن بالتعددية وبالمساواة وبالحقوق وغيرها.

 

والآن وبعد ما سبق وهو شيء بسيط جدا مما يجب أن يقال حتى توضع الأمور في سياقها الصحيح، لماذا أميركا تخاف من الحقيقة بأن ممارساتها وسياساتها وأطماعها هي سبب كل تلك المشكلات؟ أوليس الرئيس أوباما جاء ليصحح صورة أميركا المنهارة في العالم مع الوضع الاقتصادي للرئيس السابق. لماذا تحملون الآخرين فواتير ومسؤولية سياساتكم وقراراتكم التي تتسبب في الدمار والخراب؟ وأنتم تعلمون لو أن هناك شيئا من العدالة والإنصاف وأقول الأخلاق والإنسانية لدى بعض السياسيين في الغرب، لكان السؤال، هل يجب أن تطبق العدالة ضد أميركا مثل ما أميركا تطالب بتطبيق العدالة ضد الآخرين؟ وإذا كان بعض القادة الأميركان عادلين، أليس من العدالة وبعد الحرب التي دمرت العراق أن تقوم أميركا بإعادة تعمير العراق وتعويض مئات آلاف الضحايا، والشركات الخاسرة نتيجة تلك الحرب التي اعترفت أميركا بأنها شنتها ضد العراق بناء على وثائق مزورة؟ إذاً، من يحاكم من يا رموز العدالة في العالم؟ نرجوكم "شيئا من العدل يا قادة أميركا".

 

صحيفة الوطن أون لاين

أضيف بتاريخ :2016/04/23

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد