آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
محمد منصور
عن الكاتب :
كاتب مصري وباحث فى الشؤون العسكرية. بدأ العمل الصحافي منذ عام 2008. ليسانس في الأدب الأنجليزي ودبلوم في الترجمة

 القوّة الصاروخية والمسيّرات.. مفاجآت اليمن الجوية

محمد منصور

  
تتَّجه الصناعات العسكرية اليمنية بشكل أكبر نحو الأنظمة المسيرة الهجومية المتعددة المهام التي تتمتع بمدى أبعد، وحمولة قتالية أكبر، وقدرة نوعية على تفادي الرصد المعادي.

منذ العام 2015، شهدت القدرات الصاروخية اليمنية قفزات نوعية ملحوظة تعدّ قياسية نظراً إلى هذه المدة الوجيزة التي تزامنت مع معارك ميدانية مستمرة وغارات جوية مركزة استهدفت بشكل أساسي الحد من القدرات الصاروخية المتوفرة لجماعة "أنصار الله" ووحدات الجيش اليمني، لكن هذه الغارات فشلت في الحد من النشاط الصاروخي اليمني، ناهيك باستمرار التطور الملحوظ في هذه القدرات، وهو ما ظهر بشكل واضح خلال المعرض الأخير للصناعات العسكرية اليمنية، الذي شهد الإعلان عن عدة أنواع جديدة من الصواريخ الباليستية والجوالة.
 
مرحلة تطوير الصواريخ القصيرة المدى

في بداية المعارك بين الجيش اليمني والتحالف السعودي في العام 2015، استخدم الجيش اليمني ما تيسّر له من منظومات صاروخية متوسطة المدى، مثل صواريخ "توشكا" السوفياتية التي يتراوح مداها بين 70 و120 كيلومتراً، والنسخ الكورية الشمالية من صواريخ "سكود" الباليستية السوفياتية الشهيرة، وهي جميعها منظومات كانت متوفرة في تسليح الجيش اليمني منذ ثمانينيات القرن الماضي. 
تركَّزت العمليات الصاروخية للجيش اليمني في هذه المرحلة على استهداف مواقع ومعسكرات للتحالف السعودي والقوات الموالية له داخل الأراضي اليمنية. وتعدّ الضربة الصاروخية الشهيرة التي تعرَّضت لها القوات الإماراتية المتواجدة في معسكر صافر في مدينة مأرب في مطلع شهر أيلول/سبتمبر 2015 أحد أبرز الأمثلة على هذا التكتيك.

بالتزامن مع هذا التوجه، بدأ الجيش اليمني بتفعيل برنامج للتصنيع العسكري المحلي، بهدف إنتاج عدة أجيال من الصواريخ. وكانت البداية مع الصواريخ القصيرة المدى المماثلة في خصائصها لصواريخ المدفعية الصاروخية السوفياتية الشهيرة "جراد"، إذ طوَّر الجيش اليمني خلال العامين 2015 و2016 صواريخ "الصرخة" القصيرة المدى التي يبلغ مداها 17 كيلومتراً، والتي تحمل رأساً متفجّراً تبلغ زنته 15 كيلوغراماً، وصواريخ المدفعية الصاروخية "النجم الثاقب 1 و2" التي يتراوح مداها بين 45 و75 كيلومتراً، وتتميّز بإمكانية إطلاقها بشكل ثنائي أو ثلاثي عبر منصّات ذاتيّة الحركة.
المنظومة الثالثة التي تم تطويرها خلال هذه الفترة كانت سلسلة صواريخ "زلزال" الباليستية القصيرة المدى، التي تم إنتاج 3 أجيال منها، وهي تستطيع ضرب أهداف على بعد يتراوح بين 3 و65 كيلومتراً، وتتميز عن سابقاتها بالرأس الحربي المتشظي الذي تتراوح زنته بين 140 و500 كيلوغرام، كما طوَّر الجيش اليمني منظومة صواريخ مماثلة أطلق عليها اسم "الصمود"، بلغ مداها الأقصى 38 كيلومتراً، وبلغت زنة الرأس الحربي المزوّدة به 300 كيلوغرام.

في أواخر العام 2015، بدأ الجيش اليمني مرحلة جديدة من مراحل تطوير منظومته الصاروخية، وذلك باستخدام مبدأ الهندسة العكسية الذي قام بموجبه بتعديل عدد كبير من صواريخ الدفاع الجوي السوفياتية "سام-2"، لتصبح صواريخ للقصف الأرضي. وقد تمت تسميتها "قاهر-1"، وبلغ مداها الأقصى 250 كيلومتراً، وبلغت زنة الرأس الحربي الملحق بها 200 كيلوغرام.
تمَّ استخدام هذه الصواريخ بشكل مكثّف لاستهداف مطارات الحدّ الجنوبي السعودي وبعض تجمّعات قوات حكومة هادي. وقد أعلن الجيش اليمني في آذار/مارس 2017 عن جيل جديد من هذه الصواريخ، تحت اسم "قاهر -2 أم"، اتسم بمدى مضاعف بلغ 400 كيلومتر، ورأس حربي متفجّر بلغت زنته 350 كيلوغراماً.

يُضاف إلى ما سبق عائلة صواريخ المدفعية الصاروخية "بدر" التي ظهرت النسخة الأولى منها المسماة "بدر-1" في آذار/مارس 2018. وقد تم استهداف منشآت تابعة لشركة "أرامكو" النفطية في نجران بها. النسخة الثانية الموجهة من هذه الصواريخ ظهرت في تشرين الأول/أكتوبر من العام نفسه، تحت اسم "بدر - 1 بي"، ووصل مداها إلى 150 كيلومتراً.
في نيسان/أبريل 2019، تم الإعلان عن الجيل الجديد من هذه الصواريخ تحت اسم "بدر – أف"، وهو موجه أيضاً، لكنه يتميز بدقة إصابة تقلّ عن 5 أمتار، ويحمل رأساً حربياً متشظياً يصل مدى قوسه التدميري إلى 3580 متراً، وينفجر فوق الهدف مكوناً الآلاف من الشظايا القاتلة.
 
مرحلة تطوير الصواريخ البعيدة المدى

دخلت عمليات تطوير الصواريخ الباليستية اليمنية أهم مراحلها في مطلع أيلول/سبتمبر 2016، حين أعلن الجيش اليمني عن الصاروخ الباليستي البعيد المدى "بركان – 1"، الذي تم إنتاجه اعتماداً على تصميم الصاروخ الكوري الشمالي "هواسونج – 6" والصاروخ السوفياتي الباليستي الشهير "سكود – سي".
 تم استخدام هذا الصاروخ للمرة الأولى في تشرين الأول/أكتوبر من العام نفسه، لقصف مطار الملك عبد العزيز في مدينة جدة السعودية، إلى جانب مواقع أخرى، منها مدينة الطائف.

يتراوح مداه بين 800 و900 كيلومتر، ويبلغ وزنه الكلي 8 أطنان، تتضمن نحو نصف طنّ من المواد المتفجرة.
الجيل الثاني من هذا الصاروخ ظهر بشكل علني في شباط/فبراير 2017، تحت اسم "بركان 2 – أتش"، وذلك خلال عملية استهداف موقع عسكري سعودي غربي العاصمة السعودية، وتكرر استخدامه بعد ذلك لضرب مواقع داخل العاصمة، منها مطار الملك خالد، ويبلغ مدى هذا الجيل 1400 كيلومتر.
 أما الجيل الثالث، فقد تمت تسميته "بركان – 3"، وتم استخدامه للمرة الأولى ميدانياً في آب/أغسطس 2019 لاستهداف مدينة الدمام السعودية، ويعدّ فعلياً الصاروخ الباليستي الأبعد مدى في الترسانة اليمنية، وتمت تسميته مؤخراً باسم جديد، هو "ذو الفقار".
الترسانة اليمنية البعيدة المدى شملت أيضاً صواريخ الكروز، إذ ظهر في أواخر العام 2017 ضمن تسليح الجيش اليمني للمرة الأولى صاروخ الكروز "قدس – 1"، الذي تم استخدامه لضرب مفاعل براكة النووي في أبو ظبي، ثم تكرر استخدامه خلال العام 2019 لاستهداف مطار أبها الإقليمي ومحطتي الكهرباء وتحلية المياه في الشقيق جنوب غرب المملكة. 
هذا الصاروخ مستمد في تصميمه وآلية عمله من صاروخ الكروز السوفياتي "كي أتش-55"، مع تعديلات أساسية في موقع المحرك وأجنحة التوجيه، إلى جانب تزويده بمنظومة للملاحة بالقصور الذاتي، معززة بمعلومات مدخلة مسبقاً بمساعدة نظام الملاحة عبر الأقمار الصناعية للمواقع التي يراد استهدافها. يتراوح مدى هذا الصاروخ بين 140 و180 كيلومتراً.

لصالح موقع الميادين نت

أضيف بتاريخ :2021/03/26

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد