التقارير

تقرير خاص: ’المساواة’ تعم #المملكة.. بانتهاك الحقوق والاعتقال!!

 

أن تكون دولة ما عضوا في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة فهذا أمر جيد وجميل من الناحية النظرية باعتبار أنه يشكل قرينة بسيطة على أن هذه الدولة تحترم الإنسان وحقوقه وأنها ترفع من شأن الحريات الشخصية والعامة وتتبع الأساليب الديمقراطية في التعاطي مع مواطنيها، فمجلس حقوق الإنسان مسؤول عن تدعيم وتعزيز جميع حقوق الإنسان وحمايتها في جميع أرجاء العالم وعن تناول حالات انتهاكات حقوق الإنسان وتقديم توصيات بشأنها.

ولكن الأجمل من أن تكون عضوا في مجلس حقوق الإنسان أن تحترم فعلا وبما يثبت واقعا وبصورة عملية أنك مؤهل أخلاقيا وقانونيا لكي تحصل على هذا المنصب الحقوقي والإنساني، وإلا فما النفع من أن تكون لديك عضوية في مجلس ما بينما أنت تخالف توصياته ومقرراته، ومن المهم هنا التذكير أن المملكة السعودية هي أحد أعضاء هذا المجلس رغم كل ما ينقل وكل ما يحصل فيها من انتهاكات لحقوق الإنسان من قبلها على الصعيدين الداخلي والإقليمي أيضا، والمثال الحي على ذلك ما أُثير مؤخرا من وضع اسم "التحالف" الذي تقوده المملكة للحرب على اليمن على اللائحة السوداء للأمم المتحدة لانتهاك حقوق الطفل.

 

سجل حافل.. بالانتهاكات والاعتقالات

والحالات التي تسجل لانتهاك حقوق الإنسان في المملكة تكاد لا تحصى وهي موجودة في كل مفاصل حياة الإنسان وفي يومياته، وهي لا تبدأ بالاعتقالات التعسفية ولا تنتهي بالإعدامات الدموية دون وجه حق مرورا بكل ما يحصل من فظائع داخل السجون والمعتقلات، من تعذيب وضرب وإهدار للكرامة البشرية بما يخالف كل القوانين والاتفاقيات الدولية الراعية للإنسان وحقوقه سواء في السجن أو خارجه، ومع ذلك تستمر الانتهاكات والممارسات داخل السجون السعودية بحق المعتقلين دون حسيب أو رقيب ودون وجود ضوابط تضع حداً لما يجري من استنزاف في ضمير الإنسانية..

 

فهل فعلا تنتهك حقوق الأفراد في المجتمع السعودي لا سيما في حجز الحرية والاعتقال التعسفي؟ وماذا عن الإجراءات القانونية المنصوص عليها قانونا هل تتم مراعاتها أم لا؟ وكيف يمكن اتهام السلطات السعودية بانتهاك حقوق المعتقلين الأساسية والضرورية بينما يُعلن دائما عن إقامة المحاكمات للمتهمين وإصدار الإحكام القضائية بحقهم كما يُعلن عن حفظ حقهم بتوكيل محامين للدفاع عنه والسماح لهم بالاتصال بذوييهم؟ هل كل ذلك موجود فعلا في المملكة أم أنه مجرد كلام للنشر في وسائل الإعلام ليس إلا؟

 

حول ذلك قال الناشط الحقوقي عضو المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان عادل السعيد إن "الاعتقالات في المملكة السعودية بشكل عام تخالف نظام الإجراءات الجزائية المحلي قبل مخالفتها للقوانين الدولية"، ولفت إلى أنه "منذ قيام الأجهزة الأمنية باعتقال المتهم لا يتم أبراز أذن قضائي من أجل القبض عليه يليها فترة الاعتقال الاحتياطي التي قد تمتد إلى سنوات قبل عرضه على المحكمة الصورية"، وتابع "ناهيك عن حرمان المتهم من التواصل مع محامٍ في بداية اعتقاله أثناء التحقيق والسجن الانفرادي الذي قد يصل إلى ستة أشهر وقد تكون أكثر أو أقل في بعض الحالات بالإضافة إلى عزل المتهم عن العالم الخارجي في تلك الفترة".

 

عدالة غائبة ومحاكمات مسيسة

وأشار السعيد في حديث خاص لصحيفة "خبير" الالكترونية إلى أن "الكثير من المتهمين يتم إخضاعهم إلى التعذيب الجسدي من أجل انتزاع اعترافات منهم"، وأوضح أنه "إضافة إلى الخروقات أعلاه تثبت عدم عدالة القضاء في السعودي الذي يقوم بدور شكلي بعد جلسات التحقيق والتعذيب"، ولفت إلى أنه "لم ترصد مثلا أي حالة تفاعل مع حالة تعذيب واحدة من القضاء السعودي مع العلم بأن هناك عدة متهمين أقروا أمام القاضي بأن اعترافاتهم تمَّ انتزاعها تحت التعذيب بيد أن القاضي لم يتفاعل أبدا معهم"، ورأى أن "هذا يؤكد على غياب العدالة وكون المحاكمات غير قانونية ومسيسة وأن القضاء بيدق بيد الداخلية السعودية".

وحول التعاطي الإعلامي المحلي مع الانتهاكات التي تجري، اعتبر السعيد أن "الإعلام في السعودية هو تابع بشكل كامل إلى وزارة الداخلية كما القضاء وبالأخص المحكمة الجزائية المتخصصة"، وأضاف "لذلك فالإعلام لا يلتزم بأي قانون ولا أي أمر آخر ما عدا إتباع أوامر الداخلية"، وأشار إلى أن "بعض الصحفيين تطلب الداخلية منهم الحضور في بعض جلسات بعض المتهمين من أجل تغطيتها إعلاميا بما يتسق مع سياستها"، ولفت إلى "التغييب التام لرأي المتهم ومحاميه الذي لا يسمح له بالتواصل معه إلى بعد انتزاع الاعترافات من المتهم تحت التعذيب".

 

عن كيفية ضمان حقوق المتهمين وصونها من التعديات، شدد السعيد على أن "الحفاظ على حقوق المتهمين لا يتم إلا بفصل السلطات وكفّ يد وزارة الداخلية السعودية عن القضاء والإعلام وجعل المحاكمات علنية وليس سرية كما هي عليه الآن والسماح لمنظمات المجتمع المدني بمراقبة المحاكمات".

 

الجميع تحت سقف.. الاعتقالات!!

علما أن حالات الاعتقال لأسباب سياسية ودينية لا تقف عن فئات محددة من الشعب في المملكة بل هي الصفة العامة التي يستثنى منها أحد، فمثلا رجال الدين من مختلف المذاهب أو التيارات الفكرية باتوا محلا للاعتقال الدائم ولإنزال اشد العقوبات بحقهم، ومن الأدلة البارزة على ذلك اغتيال الشيخ الشهيد نمر باقر النمر فقط لأنه قال رأيه بحرية تامة دون أي اعتبار لحسابات الخوف أو الخشية من السلطات الحاكمة، كما أن اعتقال الشيخ توفيق العامر ما زال مستمرا للسنة الخامسة على التوالي لانتقاده السلطات في المملكة على أدائها ما دفع بـ"القضاء" السعودي للحكم عليه بـ"السجن" ثماني سنوات بتهمة "الافتراء على ولي الأمر والخروج عن طاعته واستغلال خطبة الجمعة لإثارة الطائفية والسعي لتفريق الوحدة الوطنية والقدح في منهج هذه البلاد وعصيان ولي الأمر"، بحسب رأي "القضاء" السعودي.

كما أن الاعتقالات تطال النساء في المملكة، فبعد حرمانهن من كثير من حقوقهن يبدو أن سلطات المملكة قررت المساواة بين المرأة والرجل ولكن بالاعتقال التعسفي والاعتباطي، فقد أُعلن مؤخرا بأن السلطات السعودية أقدمت على اعتقال "نعيمة المطرود" من أهالي بلدة سيهات في منطقة القطيف في شرق المملكة منذ أكثر من ثلاثة أشهر هي وابن أخيها ‏أحمد المطرود، لتكون المطرود ثاني امرأة تتعرض للاعتقال دون معرفة الأسباب بعد اعتقال إسراء الغمغام التي اعتقلت مع زوجها الناشط سيد موسى الهاشم من منزلهما في بلدة "أم الحمام"!.

 

انتقادات دولية.. هل من يسمع؟

كل هذه الانتهاكات من قبل السلطات في المملكة، طالما كانت محل انتقاد وإدانة من قبل المنظمات الإنسانية والحقوقية الدولية، فقد سبق لمنظمة "العفو الدولية" أن قالت إن "التجرؤ على انتقاد قادة المملكة السعودية سلميا ليس مبررا للزج وراء القضبان"، وأشارت إلى أن "الحكومة السعودية تقوم بقمع نشطاء حقوق الإنسان بصورة ممنهجة"، وأضافت "من الواضح أن السلطات السعودية تستخدم ذريعة مكافحة الإرهاب ستارا لتسوية حسابات وأهداف سياسية..".

 

بدورها، كشفت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في تقريرها السنوي للعام 2015 عن أن "المحتجزين في المملكة ومن بينهم أطفال يتعرضون إلى انتهاكات مُمنهجة للإجراءات القانونية السليمة وحقوق المُحاكمة العادلة بما فيها الاعتقال التعسفي والتعذيب وإساءة المُعاملة أثناء الاحتجاز..".

أضيف بتاريخ :2016/06/17