آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
عبده خال
عن الكاتب :
روائي وكاتب سعودي

القياس للغلابا وبس


عبده خال ..

هذه الأيام تتقافز عشرات الأسئلة وكل سؤال يحمل ضبابية الإجابة، ولأن الإجابات القادمة من أفواه المسؤولين إجابات إنشائية وغير شفافة وليس لديها قوة إقناع تسببت في تمكين مخيلة المتلقي من تثبيت صور الانهيار في كل شيء.

وهذا التخبط يتحمله المسؤول كونه أعطى إجابات تنقصها المعلومة المفصلة، هذا في المجمل، إلا أن الحديث عن نقصان المعلومة وتكثيف الحجب ما حدث من قبل وزارة الخدمة المدنية عندما أعلنت 5523 وظيفة تعليمية نسائية، وكان تعداد المتقدمات 160 ألف متقدمة «بمعدل 2897 لكل وظيفة»، وقبل الدخول لطلب الوظيفة تقدمت الخريجات للتسجيل من خلال موقع «جدارة» وبقدرة قادر حدث تعليق للموقع، (ويظهر أن هذا التعليق منع آلاف الطالبات من التسجيل)، وكانت هذه الإشارة تعني «دق العظم»، ثم تلت تلك الإشارة خروج معلومة تقول إن الوزارة قامت باستبعاد ترشيح كل من لم تجتز اختبار الكفايات لهذا العام، وهي معلومة متأخرة جدا، إذ اعتمدت المتقدمات على الاجتياز السابق لهن.

ثم أليس لدى وزارة الخدمة المدنية مفهوم تحديد النسبة والتناسب بين الأعداد الغفيرة الطالبة للعمل، وعدد الوظائف المعروضة؟ أو أن الإعلان أراد اختبار 160 ألف طالبة في سباق ماراثوني تقطع فيه الأنفاس والأحلام أيضا؟.

ولنأت على حكاية اجتياز الكفايات، ونضع سؤالا بريئا، هل يعني أن استبعاد الخريجات المتقدمات للوظيفة يعود إلى وجوب اجتياز الكفايات كل عام؟ وإذا كان الجواب بالإيجاب، فلماذا تمضي أعمار أبنائنا في الجد والاجتهاد خلال مراحل دراستهم وتكون محصلة هذه الدراسة غير قادرة على إدخالهم للجامعات أو الوظائف إلا من خلال اختبارات القياس؟

وهو سؤال قديم يتجدد كلما وجدنا أن هذا «القياس» غدا حائلا بين الناس وكل شيء يرغبونه.

ولأننا نعلم أن القياس غدا الصراط المستقيم لكل مراحل حياتنا، ولو أخذنا المرحلة الثانوية كأول خطوة نحو التعليم الجامعي فالطلاب مطالبون باجتياز القياس ثم تنفرط السبحة، قياس لدخول الجامعة وقياس لقبول الوظائف وقياس لقبول طلاب الماجستير والدكتوراه، وكل قياس يكلف 200 ريال لكل طالب يرغب في الاجتياز، ومن لا يجتاز يظل يعاود الاختبار حتى يجتاز.. ولو حسبنا المبالغ المهولة التي يدفعها الناس للقياس فسوف تكون مبالغ ضخمة، وببراءة شديدة: أين تذهب أموال القياس؟ هل تصب في خزينة وزارة التعليم أم جهات أخرى؟

والملاحظ أن جل الوزارات اعتمدت على تشغيل نفسها، فأصبحت الدخول التي تتقاضاها مبالغ كبيرة جدا، وإذا أضيفت إلى ميزانية كل وزارة نكون أكثر لوما للخدمات المقدمة وبها عرج.

أخيرا، تذكرت أن القياس غير موجود وغير مطلوب عندما يتم ترشيح الوظائف الكبرى، فلماذا لا يتم سن القياس لكل من يتم ترشيحه لمنصب وزاري أو عضوا لمجلس الشورى أو لمديري العموم أم أن القياس للغلابا وبس.

صحيفة عكاظ

أضيف بتاريخ :2016/09/29