آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
عبده خال
عن الكاتب :
روائي وكاتب سعودي

مكنة قديمة لزمن جديد

    
عبده خال ..

دائما ما أقول إننا أحيانا نحمل عطرا في آنية قديمة.

وهو الأمر نفسه عندما تريد إحداث تقدم اجتماعي بأفكار ماضوية، ولأن لكل زمان أدواته الخاصة يصبح من المحال التحرك بمكنة قديمة لا تقوى على تسيير حمولتها الحديثة.

ويبدو أن هيئة الترفيه هي المسمى الجديد الذي يريد الانطلاق بمكنة قديمة خربة، إذ كيف لهيئة ترفيه أن تتجاسر في تضييق مساحة التنوع الفني في حياة الناس، وأن يأتي الحسم بالمنع كقرار سابق لمعطيات الزمن يكون المسؤول هو من يحمل السلم بالعرض.

وإذا كان الماضي القريب مثل تشددا اجتماعيا حيال كثير من القضايا والمناشط الحياتية فإن
الوقت الراهن استطاعت كثير من المؤسسات والمرافق الحكومية أن تتخلص من ذلك التشدد تهيئا للدخول في زمن يعتمد على رؤية المستقبل بمنظار جديد يحقق للبلد أبعادا اقتصادية تثمر عن تعدد مصادر للدخل.

وهذه الرؤية لا يمكن لها أن تسير بمكنة قديمة إذ كان ضروريا وجود إستراتيجية تتناسب مع الأهداف، ومن جملة تلك الإستراتيجيات وجود هيئة الترفيه التي ترعى كل المناشط المؤدية إلى وجود مناخ استثماري من خلال عدة قنوات تسهم في خلق فرص عمل لامتصاص الطاقة البشرية المعطلة.

ومن الأسواق الواعدة في البلاد الانفتاح على الفنون بجميع فروعها وحقولها، وأن يكون للهيئة المبادرة في صناعة السينما والمسارح والفنون التشكيلية والفنون الشعبية، ومن فاتحة القول دعمها دعما معنويا وأدبيا كون هذه الأسواق سوف تجذب كثيرا من الصناعات المرافقة، وهي صناعات يمكن لها اجتذاب رجال الاعمال للاستثمار بمليارات الريالات.

هذا الواقع الاقتصادي الواعد أراد رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه حرماننا منه وكأنه ذراع فولاذية أطلت لتؤكد أن الواقع سيبقى على ما هو عليه.

هذا القرار الذي أعلنه رئيس هيئة الترفيه (بالحسم) الامتناع عن إدخال السينما ضمن أجندات الهيئة، وماذا يعني ذلك الحسم؟

وكيف يمنع العرض بينما شباب البلاد يعملون على إنتاج عشرات الأفلام (ومنها ما يمثل الوطن في المحافل الدولية).. وكيف تمنع صالات العرض من قبل الهيئة بينما تقوم رعاية الشباب بتبني مسابقات الأفلام السينمائية ومنحها الجوائز وصالة العرض؟ فأيهما في الوطن وأيهما خارجه؟

لم أفهم هذه الازدواجية والتي أمضينا فيها زمنا طويلا أظهر تناقضنا الجلي حيال الفن؟

كان هذا التناقض لايزال به عرق ينبض فإما أن يتم قطعه أو وصله، مع التلويح بشارة البشارة أن أفلامنا السعودية غزت المهرجانات السينمائية الدولية وغدت تعرض في كل مكان.. الفرق أننا نستقبلها عبر القنوات الفضائية أو من خلال الجوالات بينما لاتزال الهيئة تمنع إقامة دور عرض.. ومن يشاهد حسم الهيئة وتبني رعاية الشباب سوف يلحظ أن هناك خطوة سيدتها الحيرة وأيضا سوف يلحظ أن هيئة الترفيه جاءت بمكنة قديمة لتنقل أطياف المجتمع إلى زمن قادم.


  
صحيفة عكاظ

أضيف بتاريخ :2016/10/09