آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
إسماعيل القاسمي الحسني
عن الكاتب :
كاتب جزائري

الأمة العربية بين التفكك أو بناء هيئة بديلة عن جامعة الدول العربية.

 

إسماعيل القاسمي الحسني ..

عام 2009 قام جدل بين رأيين، أحدهما دعا لحل جامعة الدول العربية، محتجا بكونها لم تعد أكثر من هيكل ضخم بيروقراطي، يستنزف خزائن الشعوب، و ينفخ جيوب أغلب متقاعدي النظام المصري، و الحقيقة أني طالعت كتابين لشخصيتين كانتا تشغلان مهام سامية، تسمح لهما بالاطلاع على دقائق و تفاصيل ما يجري في تلكم الجثة المتعفنة فسادا، إحداهما من سوريا و الثانية من الامارات العربية. و ما أوردتاه من حقائق يعزز طرح ضرورة حل هذا الهيكل مادام في حالة تحلّل؛ في حين عارض هذا الرأي آخرون، بحجة أن هذا ما تبقى من هيكل يجمع قادة العرب، و لا يمكن هدم الشيء الوحيد الذي يظهر للعالم أنه جامع للأمة العربية؛ ما أثار  الرأيين و غيرهما هو عجز هذه الجامعة بشكل مقزز و مهين أمام العدوان الهمجي على قطاع غزة عامها، و ذلكم التخبط المذل الذي ظهر على رموزها حيال “قمة غزة”، الذين اجتهد اغلبهم لحجب الأصوات حتى لا ترقى لـ “قمة غزة”، و أذكر أيامها كلمة وزير خارجية مصر حينها أحمد أبو الغيط (أمين الجامعة حاليا) التي قالها بتحد غير معهود، و لهجة تبطن تهديدا لم نعرفه في مواجهة العدو: “لما تئول (تقول) مصر لأ (لا) يعني لأ”. و مازلت أذكر أنهم فعلا “نجحوا” في إجهاض قمة غزة، بتعلة القرب الزمني لقمة الكويت، و توعد قادة الخليج باصدار بيان فيصل و خطير ضد كيان العدو الاسرائيلي، الذي جاءت خلاصته في الجملة الشهيرة التي أطلقها عاهل السعودية:” مبادرة السلام العربية لن تبقى على الطاولة الى الأبد، سنسحبها و ندفنها و نصب عليها طنا من الاسمنت”. لا أخفي أني لحظة سمعت تصريحه تمنيت في نفسي لو لم يصدره، ليقيني ساعتها بأنه قد يسبق هو نفسه المبادرة الى القبر، و هذا ما حدث بالفعل.

انتقل هذا الهيكل (جامعة الدول العربية) من حالة العجز الكلي عام 2009، الى حالة أخرى عام 2011؛ و دون مراجعة التواريخ و التفاصيل، فقد شكّل أداة قوية و فاعلة و مشرعنة لتدمير ثلاثة دول عربية على الأقل، بدأت بليبيا و انتقلت بسرعة الى سوريا ثم الى اليمن كحلقة لمسلسل تخريب و إجرام لا نعرف نهايته.

نعم هذا الهيكل المختطف من قبل أنظمة عربية بعينها، هو المسؤول الأول، و هو الغطاء “اللاشرعي” و “اللاقانوني” و “اللاإنساني” و “اللاأخلاقي”، لكل هذه العواصف العمياء التي تضرب أنظمة و شعوبا عربية بعينها، نقولها بكل صراحة و وضوح، و أسجل أن الكاتب كان عام 2009 من دعاة حل هذه الهيئة التي باتت وصمة عار في جبين الأمة، و معول تخريب و دمار في أيادي أعدائها؛ و لمن أصابت عينيه غشاوة، فليراجع مواقفها البطولية الصادمة في بداية أزمة ليبيا، و يقارنها بمواقفها حيال العدوان الاسرائيلي الأخير عام 2014؛ سيرى حتما الهوة السحيقة، و يقف على الدور الحقيقي الذي باتت تلعبه هذه المُفرّقة.

لن أطيل عنكم: إن عدد سكان الدول العربية التي تعترض على اختطاف قرار جامعة الدول العربية، يشكل على أقل تقدير ثلثي مجموع مواطني العالم العربي؛ هذه النسبة التي تلامس 70% تعرضت شعوبا و أنظمة و دولا لضرر بالغ، بشكل مباشر او غير مباشر، تسببت فيه قيادات شعوب بتحفظ شديد نقول أنها تمثل الثلث من مجموع مواطني العالم العربي؛ بعد اغتصاب قرار جامعة الدول العربية، و توظيفه لتطبيق مخططات المحور الامريكوصهيوني.

و هنا لابد من التساؤل: متى ترى الجزائر و مصر و تونس و موريتانيا و العراق و سوريا و لبنان و و سلطنة عمان، و غيرها من الدول و الشعوب، ضرورة سحب صفة “التمثيل العربي”، من شيوخ قبائل يتخذون قرارات بنزوات غرائزية، لا علاقة لها بمصلحة العالم العربي، بل تعمل على إلحاق أكبر و أخطر الكوارث به، في حين أنها هي تتنعم بحماية عسكرية و أمنية أمريكية؟؟؟.

إذا كنا قد سلّمنا عام 2009 بعذر “العجز″ عن الدفاع على شعب عربي أعزل، أفيستقيم اليوم أن نسلّم ثانية بالهجوم الهمجي غير المسؤول على دول و شعوب عربية، مستعينين بحلف الناتو و كل مرتزقة العالم؟؟؟ كيف يعقل ذلك؟؟؟.

 لم تعد هذه الجامعة عاجزة فحسب، بل قناة و أداة لخراب العالم العربي، و ليتأكد من لم يصله الدور، بأنه قادم عليه في حلقات قادمة، ما لم تسترد شرعية التمثيل، بناء على عدد السكان و ليس على عدد المحميات، و إن غدا لناظره لقريب.
نقطة على السطر

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2017/01/25

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد