آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
سلمان سالم
عن الكاتب :
نائب برلماني سابق عن كتلة الوفاق

ترامب... هل يحقق رغبة الصهاينة في نقل سفارته إلى القدس؟


سلمان سالم ..

الحديث الأكثر تداولاً ما بعد تسلم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، في المجالس الاجتماعية والمحافل السياسية والمنتديات الاقتصادية، وفي مختلف وسائط التواصل الاجتماعي، القرارات التي اتخذها ترامب والتي يحتمل أن يتخذها في المستقبل القريب، الذي ينتمي إلى العرق الأبيض، وبلغ عمره 71 عاماً، ووزنه 114 كيلوغراماً تقريباً وقت تسلمه منصبه الرئاسي رسميًّا في (20 يناير / كانون الثاني 2017)، واستطاع بكل جدارة أن يجعل العالم أجمع من سياسيين واقتصاديين وعسكريين وأمنيين ومختلف شرائح المجتمعات الغربية والشرقية، رجالا ونساء وصغارا وكبارا، يتابعون متابعة حثيثة كل قراراته، وينشغلون بكل كلمة يقولها منذ ذلك اليوم الذي أعلن فيه فوزه في الانتخابات الرئاسية الأميركية، ومازالوا يترقبون بحذر شديد المزيد من القرارات والخطوات والإجراءات السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية التي وعد ناخبيه ومريديه بتنفيذها فور فوزه بالرئاسة الأميركية.

إلى الآن لم ير العالم أية مؤشرات تدل على أنه ينوي تغيير توجهاته التي أعلنها لناخبيه، فهناك توجس عام من سياسته وأسلوب تعامله مع مختلف القضايا العالمية، فتعهده بنقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة، يشغل بال جل الشعب الفلسطيني والشعوب العربية والإسلامية والشعوب المحبة للسلام؛ لأنهم ينظرون إليه اعتراف صريح بأن القدس الفلسطينية عاصمة للكيان الصهيوني المحتل، بطبيعة الحال، هذا التوجه للرئيس الأميركي الذي لم يسبق لأي رئيس أميركي منذ الاحتلال الصهيوني لفلسطين العربية في العام 1948، أن أعلن نيته نقل سفارة أميركا إلى القدس الحبيبة، على رغم إلحاح قادة الكيان الصهيوني على كل الإدارات الأميركية المتعاقبة على قيادة أميركا لتنفيذه.

بالتأكيد أن تنفيذ قرار نقل السفارة الأميركية إلى القدس سيريح كثيرا رئيس وزراء حكومة الكيان الغاصب لفلسطين الأبية، الذي دعم الإرهاب في الوطن العربي بكل الوسائل والطرق في السنوات الست الماضية، وقد اعتبر تنفيذ الرئيس الأميركي لتعهده، نقلة نوعية في السياسة الخارجية الأميركية، والتساؤلات المحيرة التي تدور في أذهان الشعوب العربية والإسلامية، لماذا بقيت الدول العربية والإسلامية ملتزمة الصمت حيال هذه المسألة الخطيرة؟ لماذا لم تتخذ حتى هذه اللحظة أية خطوة تدل على أنها معارضة لهذا القرار؟ لماذا تعاملت مع الموضوع، وكأنه لا يعنيها في شيء، لا من بعيد ولا من قريب؟ على رغم الأصوات الفلسطينية التي بُحَّت وهي تناديهم بالتدخل السريع، لمنع تنفيذ القرار، الذي سيكون له خطورة كبيرة على مستقبل القضية الفلسطينية، والغريب في الأمر أن الشعوب العربية والإسلامية حتى هذه اللحظة لم يسمعوا في وسائل الإعلام العربية والإسلامية، أن مجلس الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي سينظمان اجتماعات طارئة، لمناقشة تداعيات هذه المسألة، التي تعتبر بكل المقاييس العربية والإسلامية والدولية مسألة محورية في القضية الفلسطينية، لا أحد يدري في العالمين العربي والإسلامي، لماذا يتم التعامل بهذه السلبية المفرطة مع هذه القضية الفلسطينية الملحة التي طالما تغنوا بها في جل المحافل والمؤتمرات العربية والإسلامية طوال الـ 69 عاما الماضية، وخاضوا بسببها الحروب الكثيرة، وبذلوا من أجلها الأموال الطائلة، وضحوا بالأرواح الغالية، وخسروا الكثير من المعدات الحربية، هل هذه المواقف الباهتة تدل على عدم المبالاة بهذه القضية؟

في الحقيقة أن ما تراه الشعوب العربية والإسلامية بكل أطيافها ومكوناتها، السياسية والاجتماعية والعرقية والطائفية والمذهبية، من صمت مطبق عن قضيتهم المركزية، لم يسبق لها أن رأته طوال عمرها، هل بسبب انشغالها بقضاياها الداخلية والإقليمية والدولية، جعلها تتعامل مع قضيتها المركزية باهتمام أقل بكثير جدا عن السابق؟ هناك من يقول عنها إن عدم التعليق، سياسيا ودبلوماسيا وإعلاميا، على رغبة الرئيس الأميركي نقل سفارة بلده في فلسطين المحتلة من تل أبيب إلى مدينة القدس الشريفة، وعدم اتخاذ المواقف التي تتناسب مع خطورة الحدث، يجعله يسرع في تحقيق ما كان قد وعد به الكيان الصهيوني.

لن نتكلم في هذا الموضوع عن التداعيات السياسية الاقتصادية والأمنية التي قد تحدث في حال تنفيذ الرئيس الأميركي وعده في هذا الأمر، كان المؤمل أن تعقد دوائر سياسية في عالمنا العربي والإسلامي، رسمية وغير رسمية اجتماعات مطولة لمناقشة وباستفاضة بالغة كل الاحتمالات، السياسية والاقتصادية والدبلوماسية، التي ستتمخض عما لو نفذ الرئيس الأميركي تعهده ، الذي يمس بصورة مباشرة مشاعر الأمتين، العربية والإسلامية، والخروج بمواقف عملية مؤثرة على المستوى الدولي، لمنع حدوث هذه الخطوة الحساسة.

فخطورة نقل السفارة الأميركية إلى مدينة القدس تكمن في اعتراف أميركا النهائي بدولة إسرائيل وعاصمتها القدس، يعني ذلك غلق الملف الفلسطيني، ولن تكون هناك أية مفاوضات سلام في المستقبل المنظور كما يزعم، مادامت القدس ليست على طاولة المفاوضات، ومادام الكيان الصهيوني مستمرًّا في بناء المستوطنات ونهب أراضي الفلسطينيين، ماذا بقي للسلطة الفلسطينية لكي تتفاوض عليه؟ ألم يرفض الكيان الغاصب في المفاوضات التي توقفت في (إبريل/ نيسان 2014)، وقف الاستيطان، والإفراج عن المعتقلين القدامى في سجونه، والالتزام بحل الدولتين على أساس حدود 1967؟ الكثيرون في عالمنا العربي والإسلامي يقولون إن التمادي والتعنت الصهيوني ناتج عن الدعم الأميركي والغربي له، عسكريا واقتصاديا وسياسيا وتكنولوجيا، وناتج عن ردود الفعل العربية والإسلامية غير المؤثرة في المحافل الدولية، ويقولون لو تعامل العالم مع القضية الفلسطينية بميزان العدالة والإنصاف، وتعامل العالمان، العربي والإسلامي بالمستوى المطلوب من الجد، الذي يتناسب مع عنجهية وعجرفة الصهاينة الأوباش، لما تمكن الكيان المحتل أن يماطل ويراوغ ويتحدى الأمتين، العربية والإسلامية إلى هذا الحد الصلف، الذي نراه في وقتنا الحاضر.

ويقولون لا نبالغ إذا ما قلنا إن قوة الكيان الصهيوني أمام مقدرات الأمة العربية والإسلامية لا تقارن، للفارق الكبير بينهما، في الإمكانات والقدرات العسكرية والاقتصادية والبشرية، ولكن عدم اعتراف الأمة العربية بقوتها وإمكاناتها وقدراتها جعلها لا حول لها ولا قوة أمام القوى العالمية والتي ترتبك أوضاعها الاقتصادية والسياسية في حال تذبذب أسعار النفط، وليس الامتناع عن تصديره إليها، كيف سيكون حالها لو أن الدول العربية والإسلامية قامت بتقليل الصفقات النفطية والتجارية الضخمة والتحويلات المالية الكبيرة وليس بتوقيفها، التي بينها وبين الدول الداعمة للكيان الصهيوني؟ أليس ذلك سيدخلها في أزمات اقتصادية وسياسية لا يمكنها تصور حجمها؟ قد يقال إن هذا المطلب ضرب من الخيال، الذي لا يمكن حصوله في مثل هذه الظروف الصعبة، التي تعاني منها الدول العربية والإسلامية، والكثير منها تئن من مشاكلها الداخلية، وعجز موازناتها، وارتفاع ديونها المالية، وتراجع إيراداتها من النفط، وكثرة مصروفاتها، وزيادة نسبة البطالة فيها، وشح إنتاجها، وتفشي الفساد والتمييز فيها.

نقول إن الإرادة القوية إذا ما توافرت في أية أمة تكون قادرة على إيجاد الحلول الناجعة لكل المشكلات الكبيرة والصغيرة، أما إذا ما ضعفت الإرادة في داخل الأمة، فإنها لن تستطيع الدخول حتى في حوار صريح مع نفسها، ولن تتمكن من تحقيق الأدنى من طموحاتها وطموحات شعوبها.

نأمل لأمتنا العربية والإسلامية كل نماء وازدهار، وأن تعتمد على طاقاتها وكفاءاتها وخبراتها الوطنية في إيجاد البدائل لكل البضائع والسلع المستوردة من الدول الحليفة مع الكيان الصهيوني الجاثم على صدر الأمة العربية.

صحيفة الوسط البحرينية

أضيف بتاريخ :2017/02/16

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد